النهب الحوثي لأموال الزكاة.. المليشيات تعادي الدين وتنهب حق الفقراء
دون أن تراعي حرمة شهر رمضان الكريم، أقدمت المليشيات الحوثية على نهب أموال الزكاة المخصصة للتوزيع على الفقراء، ضمن خطة خبيثة تنفذها المليشيات من أجل مضاعفة الأزمة الإنسانية.
وحذّرت صحيفة "الشرق الأوسط"، اليوم الخميس، من الممارسات التعسفية والتدابير القمعية لمليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، ضد دافعي الزكاة بهدف السطو عليها، وحرمان الفقراء منها.
وأبرزت الصحيفة - في تقرير نشرته اليوم الخميس - تأكيد مصادر محلية وتجار أنّ المليشيات الحوثية تمارس تدابير تعسفية في صنعاء والمناطق الخاضعة لها لجباية أموال الزكاة، وتوريدها إلى حساب الهيئة غير القانونية التي استحدثتها لهذا الغرض.
ونقلت الصحيفة عن عاملين بالهيئة الحوثية الخاصة بجمع الزكاة أن المليشيا نشرت فرقا ميدانية للنزول إلى شركات القطاع الخاص والتجار وملاك العقارات والأراضي الزراعية، لتحصيل أموال الزكاة، وهددت في إشعارات وزعتها بمعاقبة من يتأخر عن الدفع.
وأضافت أن الفرق الميدانية أشعرت التجار وأصحاب المحال والعقارات أن عليهم الامتناع عن صرف أي أموال خاصة بالزكاة لمصلحة الفقراء أو الأسر المحتاجة، وتسليم كل الأموال المستحقة إلى أتباعها المكلفين بجمعها.
كما نقلت الصحيفة عن مصادر مطلعة في صنعاء أن المليشيا أصدرت تعميما جديدا يلزم منتسبي القطاع الخاص بالامتناع عن صرف الزكاة للفئات المستحقة من الفقراء، والاكتفاء بدفعها للهيئة الحوثية.
ولفتت إلى أنه بموجب هذه التدابير الحوثية تكون المليشيات قد حرمت آلاف الأسر الفقيرة من الحصول على سلال غذائية ومساعدات يقدمها التجار سنويا، حيث باتت المليشيات هي المستفيد الوحيد من أموال الزكاة النقدية والعينية.
هذه الجريمة البشعة تضاف إلى سلسلة طويلة من الجرائم التي ارتكبتها المليشيات الحوثية، وأدّت في نهاية المطاف إلى صناعة أزمة إنسانية هي الأشد فداحة على مستوى العالم.
وكان برنامج الأمم المتحدة الإنمائي قد أكّد في وقتٍ سابق من أبريل الجاري، أنّ الحرب الحوثية قد تتسبب في وقوع 11.7 مليون شخص في الفقر الشديد، وأن فيروس كورونا سيزيد الوضع سوءا.
وقال البرنامج، في بيان له: "بشكل عاجل وطارئ علينا العمل لضمان الاستقرار والتعافي الاجتماعي والاقتصادي كي يتمكن اليمنيون من تجاوز الوباء والعودة بشكل أفضل".
وتعتبر الأزمة الإنسانية هي المأساة الأشد بشاعة التي شهدها اليمن، منذ أن أشعلت المليشيات الحوثية حربها العبثية في صيف 2014، بسبب الجرائم والانتهاكات العديدة التي ارتكبها هذا الفصيل الإرهابي.
وفي وقت سابق، كشفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عن أنَّ 80% من السكان بحاجة إلى مساعدة من أجل البقاء على قيد الحياة.
وقالت اللجنة في بيانٍ لها: "65% من الشعب اليمني البالغ عددهم 30 مليونًا، بالكاد لديه أي شيء للأكل.. و64% من اليمنيين لا يحصلون على الرعاية الصحية، في حين ليس لدى 58 بالمئة منهم مياه نظيفة".
وأضافت أنّ الحرب أجبرت 10% من الشعب على الفرار من منازلهم، مشيرةً إلى أنّ نحو 17.8 مليون في اليمن يفتقرون إلى المياه الآمنة وخدمات الصرف الصحي الملائمة، جراء استمرار الصراع في اليمن.
ويعيش السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين مآسي إنسانية شديدة البشاعة، وثّقتها التقارير الدولية بفعل تفشي حالة الفقر وتزايد أعداد المتسولين بشكل حاد.
ولوحظ في الفترة الماضية، انتشار مكثف للمتسولين في معظم أنحاء محافظة صنعاء، وهو ينتشرون في معظم الأحياء، يجوبون الشوارع وتقاطعات الطرق والأسواق، يفترشون الأرصفة وأبواب المساجد والمحال التجارية والمنازل، أملًا في الحصول على مساعدات مالية أو عينية.
وما تشهده صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة الحوثيين من زيادة المتسولين أصبح أمرًا غير مسبوق، حتى أصبح التسول من أكثر الظواهر الاجتماعية انتشارًا، بسبب تفشي الجوع وفقد الوظيفة وموت العائل.
ولا تقتصر ظاهرة التسول على شريحة كبار السن الذين يمكن أن يتعاطف الناس معهم، فالأطفال والنساء انضموا أيضًا إلى طابور كبير من المتسولين الذين تمتلئ بهم شوارع المدن.
وكشفت دراسة كانت قد أجريت في 2013، شملت ثماني محافظات، العدد الكلي للمتسولين في صنعاء بنحو 30 ألف طفل وطفلة جميعهم دون سن الـ18، إلا أنّ دراسات أخرى صدرت في 2017 بيّنت أنَّ عدد المتسولين ارتفع بشكل مخيف ليصل إلى أكثر من 1,5 مليون متسول ومتسولة.
وتشهد المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين تفشيًّا مخيفًا لكارثة المجاعة منذ خمس سنوات على الأقل، مع تزايد أعداد الأسر الفقيرة وفقدان آلاف الأسر لمصادر عيشها.
وهناك ملايين السكان الذين هو بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة، في وقت ظهرت فيه مؤشرات المجاعة في أكثر من محافظة، جرّاء الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي منذ صيف 2014.
وفي وقتٍ سابق، أعلن البنك الدولي أنّ الحرب الحوثية تسبّبت في وقوع أكثر من 21 مليون نسمة من أصل 26 تحت خط الفقر، أي 80% من تعداد سكان البلد المضطرب، في حين قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنّ قرابة 24 مليون شخص بحاجة للمساعدات الإنسانية.
كما كشف تقرير حديث لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "OCHA" أنّ ما يقرب من 50% من الأسر في اليمن بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية.
وقال المكتب في بيان له، إنّ أزمة اليمن لا تزال أسوأ أزمة إنسانية في العالم في عام 2020 ، حيث أن ما يقرب من 50 ٪ من جميع الأسر في حاجة ماسة للمساعدات، وأضاف: "شكرًا للمانحين وجميع الشركاء الذين يعملون بلا كلل لتخفيف معاناتهم".
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت في نهاية العام المنصرم، أنّ نسبة الفقر في اليمن وصلت 75% مقارنة بـ4% قبل بدء الحرب في العام 2014.
وقال بيان صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إنّه إذا استمر القتال حتى عام 2022، فستُصنف اليمن كأفقر بلد في العالم"
وأضاف في حالة عدم نشوب الصراع، فإنه كان بالإمكان أن يحرز اليمن تقدما نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتي تُعد الإطار العالمي لمكافحة الفقر الذي تم الاتفاق عليه في عام 2015 مع التاريخ المستهدف لعام 2030 ولكن أكثر من أربع سنوات من القتال أعاقت التنمية البشرية لمدة 21 عامًا.
في الوقت نفسه، غرست المليشيات الموالية لإيران بذور بيئة خصبة لتفشي الأوبئة والأمراض القاتلة، كما عملت على استهداف المستشفيات وعرقلة عملها سواء بتعريض حياة كوادرها للخطر أو قصفها لإخراجها عن العمل، فضلًا عن سرقة الأدوية المخصصة لعلاج المرضى.
أدّى كل ذلك إلى أزمة صحية متفاقمة في بيئة مجتمعية فقيرة، لا تملك مواجهة هذا الخطر المروِّع، وذلك يندرج في إطار خطة حوثية كاملة تستهدف نشر الفوضى على كافة الأصعدة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.