انتصارات الجنوب.. كيف فضحت العلاقات المشبوهة بين الحوثي والشرعية؟
لم تكن انتصارات القوات المسلحة الجنوبية على المليشيات الحوثية مجرد كبح لجماح الإرهاب الذي يستهدف أمن الوطن وترويع شعبه، لكنّها فضحت جانبًا من العلاقات المشبوهة التي تجمع بين حكومة الشرعية والمليشيات الحوثية.
ففي الساعات الأولى من صباح اليوم الجمعة، أسرت القوات المسلحة الجنوبية، أربعة عناصر من مليشيا الحوثي الإرهابية في محافظة أرخبيل سقطرى.
وأفادت مصادر محلية، أن القوات المسلحة الجنوبية أسرت العناصر الحوثية وهي تقاتل ضمن صفوف مليشيا الإخوان الإرهابية التابعة للشرعية.
واندلعت فجر اليوم اشتباكات عنيفة بين القوات الجنوبية ومليشيا الإخوان الإرهابية بعد أن فجرت الأخيرة الوضع عسكريا بعد رفضها الحلول الموضوعة برفعها النقاط العسكرية التي نشرتها أمس في سقطرى.
لا يقتصر الأمر على محافظة سقطرى، فهناك علاقات مشبوهة تجمع بين حكومة الشرعية المخترقة إخوانيًّا والمليشيات الحوثية في مختلف الجبهات، عملًا منهما على الحفاظ على مصالحهما ونفوذهما.
وتكشفت خيوط المؤامرة التي تُنفِّذها المليشيات الإخوانية التابعة لحكومة الشرعية عبر التنسيق مع المليشيات الحوثية، على النحو الذي يُمثّل استهدافًا مباشرًا بأمن الجنوب.
ففي مارس الماضي، وعندنا سيطر الحوثيون على محافظة الجوف، عقدت حكومة المليشيات "غير المعترف بها" اجتماعًا، ترأسه عضو ما يسمى المجلس السياسي الأعلى أحمد الرهوي بحضور رئيس الحكومة عبد العزيز بن حبتور، وقيادات عسكرية وأمنية تابعة لأجهزة المليشيات، تمّ خلاله الإقرار بخطة مهاجمة الجنوب.
وقالت وسائل إعلام حوثية إنّ الخطة تضمَّنت مجموعةً من السياسيات والبرامج والخطوات العملية التي غطّت أربعة محاور رئيسية تشمل العسكري والأمني والسياسي والثقافي، التي سيتم البدء الفوري في تنفيذها ميدانيًّا بعد إقرارها من رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى مهدي المشاط.
وناقش الاجتماع الخطط الفرعية المقدمة من قبل المحافظين حول الآليات الأكثر فاعلية لرفض ما سموه "احتلال التحالف"، وفي المقدمة حشد الطاقات البشرية على المستوى المحلي للمواجهة الميدانية.
وقامت حكومة الشرعية بتسليم محافظة الجوف للحوثيين، حيث أقدم حزب الإصلاح على تسليم الجوف للحوثيين وفقًا لاتفاق سري وقعه الطرفان، وقد أفضى إلى سيطرة المليشيات الحوثية على مناطق في نهم وأجزاء من محافظتي مأرب والجوف.
مصادر عسكرية قالت إنَّ الاتفاق وقَّعه الحوثيون والإصلاح قبل أكثر من سبعة أشهر، وقد ظهر ذلك من خلال الهجمات التي قادها حزب الإصلاح ضد العاصمة عدن، وتصعيد الحوثيين على جبهات الضالع.
خيانة "الإصلاح" الجديدة بتسليم جبهة الجوف للحوثيين والاجتماع الذي عقدته قيادة المليشيات، برهن على ضخامة المؤامرة الإخوانية - الحوثية ضد الجنوب، لا سيّما أنّ تسليم "الإصلاح" جبهة الجوف للحوثيين تزامن معه تحركات موسعة من قِبل المليشيات تجاه الضالع وأبين.
في الوقت نفسه، يمثِّل الدعم الإخواني للحوثيين السبب الرئيسي في تمكّن المليشيات الموالية لإيران من إطالة أمد الحرب، وإحكام قبضتها الغاشمة على مواقع عديدة.
تجلّى ذلك جيدًا في محافظة مأرب، حيث تتساهل المليشيات الإخوانية وتتيح الفرصة للحوثيين نحو مزيدٍ من التمدُّد، حتى أصبحت المليشيات الموالية لإيران قريبة من انتصار كبير يدعم نفوذها الإرهابي، وهو ما يُشكِّل تهديدًا خطيرًا للأمن الإقليمي.
وحملت الأشهر القليلة الماضية، كثيرًا من الفضائح التي انهالت على حكومة الشرعية، بعدما ارتكبت هذا الفصيل كثيرًا من الخيانات فيما يتعلق بعلاقاته النافذة مع المليشيات الحوثية.
علاقات الشرعية مع الحوثيين مثّلت طعنة غادرة من قِبل الحكومة في تعاطيها مع مجريات الأزمة الراهنة، حيث انخرطت الشرعية في تعاون سيئ السمعة مع الحوثيين في استهداف الجنوب ومعاداته.
كانت شحنة أسلحة وذخائر حاول سائق سيارة تهريبها في مارس الماضي إلى مليشيا الحوثي في تعز، من الجزء الخاضع لسيطرة مليشيا الإخوان بالمحافظة نفسها، قد فضح هذا العبث الذي تمارسه الشرعية.
واعترف السائق خلال التحقيقات التي تجريها وحدة من اللواء 35 مدرع، بأن قيادات عسكرية تنتمي لقوات الشرعية، تابعة لمليشيا الإخوان في تعز، سهلت له عملية التهريب.
علاقات الحوثي والشرعية تمثّلت في مؤامرة عسكرية مفضوحة، عبر إقدام المليشيات الإخوانية بتسليم جبهات ومواقع استراتيجية للمليشيات الحوثية، وتمثّل ذلك مؤخرًا في محافظتي الجوف ومأرب.
وتشير كافة التطورات العسكرية إلى أنّه لا يمكن التعويل على حكومة الشرعية المخترقة من حزب الإصلاح الإخواني في مجريات الحرب وسبل التعاطي معها.
ويعمل حزب الإصلاح على إطالة أمد الحرب باعتباره مرتبحًا بشكل رئيس من استمرار النزاع الراهن، سواء سياسيًّا أو عسكريًّا أو حتى ماليًّا، ومن أجل هذا الغرض يعمل الحزب الإخواني على فتح جبهات جديدة تُمكِّن المليشيات الحوثية من الاستمرار في حربها الشعواء.
المخطط الإخواني في هذا الإطار تضمّن ذلك تقوية علاقاته مع المليشيات الحوثية، وهي علاقات سيئة السمعة مثّلت طعنة غادرة من الفصيل الإرهابي المخترق لحكومة الشرعية بالتحالف العربي، على الرغم من الجهود الذي قدّمه التحالف لهذه الحكومة طوال السنوات الماضية.
وفيما حاول حزب الإصلاح فرض إطار من السرية على علاقاته مع الحوثيين، إلا أنّ هذه العلاقات فُضِح أمرها على صعيد واسع طوال الفترة الماضية، لا سيّما في أعقاب توقيع اتفاق الرياض بين المجلس الانتقالي الجنوبي وحكومة الشرعية في الخامس من نوفمبر الماضي.
خذلان قوات الشرعية يفتح جبهات قتال جديدة، ويمكِّن الحوثيين من السيطرة على مناطق عديدة، على النحو الذي يهدِّد أمن المنطقة برمتها وليس اليمن فقط.
خيانات قوات الشرعية أمرٌ غير مستغرب، وقد أثبتت الحكومة أنّ بوصلتها لا تهدف إلى تحرير مناطقها من قبضة الحوثيين، إنما العداء للجنوب والنيل من أمنه واستقراره واستهداف مقدراته.