حملة إخوانية تعارض انضمام نجل شقيق الرئيس السابق إلى صف الشرعية
طارق صالح يمهّد لبناء قوة ثالثة بين هادي والحوثيين
أثار نجاح العميد طارق صالح، نجل شقيق الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح في مغادرة صنعاء جدلا واسعا حول دوره المستقبلي في اليمن، وهل أنه سيلتحق بالشرعية التي يمثلها الرئيس الانتقالي عبدربه منصور هادي أم أنه سيبحث عن تجميع قيادات سياسية وعسكرية موالية للرئيس الراحل ويشكل قوة لإحداث توازن سياسي في المشهد اليمني بين هادي والحوثيين.
وقالت مصادر يمنية مطّلعة لـ”العرب” إن طارق صالح لا يستعجل تحديد موقفه من الشرعية، وأن هدفه الآني استكشاف مواقف ما تبقى من قيادات المؤتمر والقوات التابعة للرئيس السابق، فضلا عن مواقف عائلة صالح وعلى رأسها أحمد علي عبدالله صالح قائد الحرس الجمهوري الذي ينتظر أن ينهض بدور مفصلي في الحرب على الحوثيين.
ويتوقع متابعون للشأن اليمني أن يركز طارق صالح على تجميع مختلف تلك القيادات، وذلك لتقييم الوضع وتحديد استراتيجية التصدي للحوثيين سواء من داخل الشرعية أم من خارجها، لافتين إلى وجود من يعارض العمل تحت سقف حكومة الرئيس هادي بسبب مواقفه من احتجاجات 2011، وما يعتبرونه قفزا من المركب والالتحاق بالأطراف التي كانت تخطط للإطاحة بالرئيس السابق.
ويشير المتابعون إلى أن قبول قيادات من عائلة صالح بالعمل تحت سقف الشرعية تعترضه مشكلة أخرى أكثر تعقيدا من المؤاخذات على هادي، وهي وجود حزب الإصلاح الإخواني الذي تزعم حملة الإطاحة بالرئيس السابق، ويتهم بالوقوف وراء محاولة اغتياله في جامع النهدين 2011، فضلا عن الشكوك التي تحيط بارتباطه بجهات خارجية مثل قطر وتركيا.
وقتل علي عبدالله صالح في بداية ديسمبر الماضي إثر معارك بين أنصاره والمتمردين الحوثيين بعد أيام من إعلانه فكّ الارتباط معهم.
وبعد مقتل صالح تضاربت الأنباء بشأن مصير ابن شقيقه طارق القائد العسكري الكبير قبل أن يظهر في شبوة لتقديم التعازي في مقتل عارف الزوكا الأمين العام للمؤتمر الشعبي العام.
وقالت أوساط يمنية لـ”العرب” إن ظهور قيادات من عائلة صالح يمكن أن يوفر بديلا جديا ينجح في تجاوز المآخذ على الشرعية الحالية، وخاصة من دول التحالف العربي، وأن وجود قوة جديدة محاربة للحوثيين لا يمكن أن تؤثر على دور الرئيس هادي والقيادات الحليفة له.
واعتبر الكاتب السياسي اليمني علي البخيتي على موقعه في تويتر أن الاعتراف بشرعية هادي ليست شرطا على من أراد قتال الإماميين (الحوثيين)، مشددا على أن هادي ليس من الثوابت الوطنية.
وغمز وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي في تغريدة له على تويتر إلى ضرورة اعتراف طارق صالح بشرعية هادي. وقال “كل من لا يعترف بالشرعية أو يتجاهلها وأصحاب المشاريع الصغيرة وكل من يعتقد أنه سيفرض سلطته من دون مشروعية وبالقوة كأمر واقع (…) نقول له ليس على أرض اليمن إلا سلطة شرعية واحدة بقيادة الرئيس هادي”.
حملة الإخوان على نجل شقيق صالح تصب في صالح الانقلاب
وأحيا محسوبون على ما يعرف بـ”جناح إسطنبول” في إخوان اليمن الذي تتزعمه توكل كرمان احتفالا مثيرا للجدل في مدينة “تعز″ في الذكرى الأولى لأربعينية الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح.
وتم إطلاق الألعاب النارية مساء الجمعة في عدد من أحياء تعز، عقب ساعات من رفع صور تطالب بمحاكمة أحمد علي نجل الرئيس الراحل، وكذلك نجل شقيقه طارق صالح، بالترافق مع حملة اعتقالات قامت بها قوات عسكرية بحق العشرات من أنصار صالح قاموا بإحياء مرور أربعين يوما على مقتله في مديرية “الشمايتين”.
وتزامن التصعيد الجديد ضد عائلة صالح وحزب المؤتمر مع حملة منظمة على مواقع التواصل الاجتماعي شارك فيها المئات من الناشطين في حزب الإصلاح، تبنت خطابا مناهضا لعائلة الرئيس السابق وحزبه.
وأثار ظهور طارق صالح حفيظة إخوان اليمن في مؤشر على استمرار قيادة حزب الإصلاح في التمترس خلف مواقفها ما قبل الانقلاب الحوثي، وعدم قدرتها على تجاوز الخلافات القديمة وترتيب قائمة جديدة بأولوياتها، وهو ما كشف عنه استدعاء الخطاب الإعلامي والسياسي لاحتجاجات العام 2011 التي انتهت بتوقيع المبادرة الخليجية وتخلي صالح عن السلطة لصالح نائبه هادي.
ويبدي حزب الإصلاح ممانعة غير معهودة لأي دور لعائلة صالح في معركة تحرير اليمن من الميليشيا الحوثية، كما تكشف مواقف إعلام وناشطي الحزب عن قلق يساور الجماعة من مشاركة قائد الحماية الخاصة بالرئيس السابق الذي يتمتع بشعبية كبيرة في صفوف عناصر الحرس الجمهوري والقوات الخاصة المنحلة.
وأشارت تقارير صحافية إلى إمكانية قيام التحالف العربي لدعم الشرعية بإسناد دور عسكري في الأيام القادمة للعميد طارق صالح للمشاركة في معارك الساحل الغربي وتحرير محافظة الحديدة الاستراتيجية، وهو الأمر الذي يواجه برفض حزب الإصلاح الذي يخشى من أي تغيير في موازين القوى داخل الشرعية التي باتت تميل لكفته بشكل كامل من خلال سيطرة قيادات محسوبة على حزب الإصلاح على أهم الوحدات العسكرية والأمنية وخصوصا في مأرب والجوف وتعز.
وتلقي المخاوف الإخوانية بظلالها على المشهد السياسي في معسكر الشرعية، حيث يسعى الإعلام التابع للجماعة لفرض واقع جديد داخل حزب المؤتمر، وفرض قيادات جديدة، والتشكيك في القيادات الأخرى التي عرفت بمواقفها المناهضة لحزب الإصلاح وهو ما يعده الكثير من أنصار المؤتمر وكوادره تدخلا سافرا في شؤون الحزب.
ولفت مراقبون يمنيون إلى أن ممارسات حزب الإصلاح السياسية والإعلامية والتي تستهدف بالدرجة الأولى عائلة الرئيس السابق وقيادات حزبه الفارين من جحيم الحوثي بأنها تصب في صالح الانقلاب وتعمل على خلخلة الجبهة الداخلية وتبعث برسائل سلبية لأنصار صالح بأنه لا مكان لهم في صفوف الشرعية، الأمر الذي يجبرهم على التماهي مع الواقع الجديد والانصهار مع المنظومة الفكرية والسياسية للحوثيين.
وأشار خبراء سياسيون إلى حالة الازدواج في الخطاب السياسي لحزب الإصلاح، والذي يتبنى عبر قنواته الرسمية مواقف التحالف العربي، لكن ماكينته الإعلامية المبثوثة في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي تتبنى خطابا مغايرا يسيء لجهود وأهداف التحالف، وتعمل هذه الدعاية الإعلامية على اختلاق قضايا ثانوية تصب في صالح الميليشيا الحوثية، وعلى رأس ذلك العمل على تعزيز الانشقاقات في حزب المؤتمر والحيلولة دون انضمام قياداته إلى الشرعية، وتشويه أي دور للقادة العسكريين من أنصار الرئيس السابق في حسم معركة مواجهة الانقلاب الحوثي.