النزوح القسري.. نظرة على جريمة الحوثي البشعة
منذ أن أشعلت المليشيات الحوثية حربها العبثية في صيف 2014، ارتكب هذا الفصيل الإرهابي المدعوم من إيران العديد من الانتهاكات ضد السكان في المناطق الخاضعة لسيطرته، وهي جرائم تمّ الإقرار بها من المجتمع الدولي، دون أن يكون ذلك الإقرار مصحوبًا بإجراءات رادعة للمليشيات.
ففي جريمة بشعة، أجبرت مليشيا الحوثي، المدعومة من إيران، عددًا من المواطنين على النزوح القسري من مناطق سيطرتها بمحافظة الحديدة إلى المديريات المحررة في الساحل الغربي، بعد ممارسة المليشيات الضغوطات والمضايقات عليهم؛ لتشريدهم من منازلهم.
وأكّد أحد النازحين من مدينة الحديدة إلى قرية الجريبة بمديرية الدريهمي أنه أصبح مشردا ووحيدا، بينما لا يزال أبناؤه مشردين في الحديدة.
واتهم مليشيا الحوثي بمضايقتهم وممارسة الضغوط عليهم لإجبارهم على النزوح، حتى أنه لم يعد يستطيع رؤيتهم في الوقت الذي عجزوا عن الوصول إليه.
وأوضح أحد النازحين من حي منظر بمديرية الحوك إلى مديرية الخوخة أنه اضطر للنزوح قسرا من منزله، والانتقال إلى مديرية الخوخة بسبب القصف والاستهداف المتعمد الذي تشنه المليشيا الحوثية على منازلهم.
ويعيش سكان الحديدة أوضاعا معيشية مأساوية صعبة، ويعانون من الفقر، وزادت اعتداءات المليشيات الحوثية الإرهابية، لتهجيرهم من مناطقهم بشكل قسري من معاناتهم.
تضاف هذه الجريمة إلى سجل طويل من الاعتداءات التي تمارسها المليشيات الحوثية ما كبد السكان أزمة إنسانية هي الأشد فداحة على مستوى العالم.
وفي وقت سابق، كشفت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، عن أنَّ 80% من السكان بحاجة إلى مساعدة من أجل البقاء على قيد الحياة.
وقالت اللجنة في بيانٍ لها: "65% من الشعب اليمني البالغ عددهم 30 مليونًا، بالكاد لديه أي شيء للأكل.. و64% من اليمنيين لا يحصلون على الرعاية الصحية، في حين ليس لدى 58 بالمئة منهم مياه نظيفة".
وأضافت أنّ الحرب أجبرت 10% من الشعب على الفرار من منازلهم، مشيرةً إلى أنّ نحو 17.8 مليون في اليمن يفتقرون إلى المياه الآمنة وخدمات الصرف الصحي الملائمة، جراء استمرار الصراع في اليمن.
ويعيش السكان في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين مآسي إنسانية شديدة البشاعة، وثّقتها التقارير الدولية بفعل تفشي حالة الفقر وتزايد أعداد المتسولين بشكل حاد.
ولوحظ في الفترة الماضية، انتشار مكثف للمتسولين في معظم أنحاء محافظة صنعاء، وهو ينتشرون في معظم الأحياء، يجوبون الشوارع وتقاطعات الطرق والأسواق، يفترشون الأرصفة وأبواب المساجد والمحال التجارية والمنازل، أملًا في الحصول على مساعدات مالية أو عينية.
وما تشهده صنعاء ومناطق أخرى خاضعة لسيطرة الحوثيين من زيادة المتسولين أصبح أمرًا غير مسبوق، حتى أصبح التسول من أكثر الظواهر الاجتماعية انتشارًا، بسبب تفشي الجوع وفقد الوظيفة وموت العائل.
ولا تقتصر ظاهرة التسول على شريحة كبار السن الذين يمكن أن يتعاطف الناس معهم، فالأطفال والنساء انضموا أيضًا إلى طابور كبير من المتسولين الذين تمتلئ بهم شوارع المدن.
وكشفت دراسة كانت قد أجريت في 2013، شملت ثماني محافظات، العدد الكلي للمتسولين في صنعاء بنحو 30 ألف طفل وطفلة جميعهم دون سن الـ18، إلا أنّ دراسات أخرى صدرت في 2017 بيّنت أنَّ عدد المتسولين ارتفع بشكل مخيف ليصل إلى أكثر من 1,5 مليون متسول ومتسولة.
وتشهد المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين تفشيًّا مخيفًا لكارثة المجاعة منذ خمس سنوات على الأقل، مع تزايد أعداد الأسر الفقيرة وفقدان آلاف الأسر لمصادر عيشها.
وهناك ملايين السكان الذين هو بحاجة لمساعدات إنسانية عاجلة، في وقت ظهرت فيه مؤشرات المجاعة في أكثر من محافظة، جرّاء الحرب التي شنتها مليشيا الحوثي منذ صيف 2014.
وفي وقتٍ سابق، أعلن البنك الدولي أنّ الحرب الحوثية تسبّبت في وقوع أكثر من 21 مليون نسمة من أصل 26 تحت خط الفقر، أي 80% من تعداد سكان البلد المضطرب، في حين قالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إنّ قرابة 24 مليون شخص بحاجة للمساعدات الإنسانية.
كما كشف تقرير حديث لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية "OCHA" أنّ ما يقرب من 50% من الأسر في اليمن بحاجة ماسة للمساعدات الإنسانية.
وقال المكتب في بيان له، إنّ أزمة اليمن لا تزال أسوأ أزمة إنسانية في العالم في عام 2020 ، حيث أن ما يقرب من 50 ٪ من جميع الأسر في حاجة ماسة للمساعدات، وأضاف: "شكرًا للمانحين وجميع الشركاء الذين يعملون بلا كلل لتخفيف معاناتهم".
وكانت الأمم المتحدة قد أعلنت في نهاية العام المنصرم، أنّ نسبة الفقر في اليمن وصلت 75% مقارنة بـ4% قبل بدء الحرب في العام 2014.
وقال بيان صادر عن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، إنّه إذا استمر القتال حتى عام 2022، فستُصنف اليمن كأفقر بلد في العالم"
وأضاف في حالة عدم نشوب الصراع، فإنه كان بالإمكان أن يحرز اليمن تقدما نحو تحقيق أهداف التنمية المستدامة والتي تُعد الإطار العالمي لمكافحة الفقر الذي تم الاتفاق عليه في عام 2015 مع التاريخ المستهدف لعام 2030 ولكن أكثر من أربع سنوات من القتال أعاقت التنمية البشرية لمدة 21 عامًا.
في الوقت نفسه، غرست المليشيات الموالية لإيران بذور بيئة خصبة لتفشي الأوبئة والأمراض القاتلة، كما عملت على استهداف المستشفيات وعرقلة عملها سواء بتعريض حياة كوادرها للخطر أو قصفها لإخراجها عن العمل، فضلًا عن سرقة الأدوية المخصصة لعلاج المرضى.
أدّى كل ذلك إلى أزمة صحية متفاقمة في بيئة مجتمعية فقيرة، لا تملك مواجهة هذا الخطر المروِّع، وذلك يندرج في إطار خطة حوثية كاملة تستهدف نشر الفوضى على كافة الأصعدة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
ومع هذه الأرقام التي تفضح بشاعة الحرب الحوثية والكلفة الباهظة التي تكبّدها السكان على إثرها، فإنّ المجتمع الدولي يظل مُقصِّرًا وذلك لعدم اتخاذ الإجراءات الرادعة التي تجبر المليشيات الموالية لإيران على وقف الجرائم العديدة التي يرتكبها ضد السكان.