كورونا في أرض الحوثي.. بين تمدّد الجائحة وتكتم المليشيات
تواصل جائحة كورونا، تسجيل حضورها الطاغي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، في وقتٍ تتعامل فيه المليشيات بكثير من الريبة وعدم الشفافية.
وتتزايد عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية، والتي تحاول التكتم عن حقيقة الوضع الكارثي، في وقت تكفلت فيه صفحات وسائل التواصل الاجتماعي بالإبلاغ عن حالات الوفاة والإصابة وتحولت أغلبها إلى حوائط للنعي والعزاء في أقارب فقدوهم بعد معاناة بالفيروس التاجي.
مصادر طبية في صنعاء أكدت تسجيل أكثر من 400 حالة إصابة بكورونا بينها نحو 60 حالة وفاة وهي نسبة أقل من الواقع الذي ينذر بكارثة إنسانية ستفوق تداعياتها ضحايا الحرب إن لم يتم التعامل مع الأوضاع بجدية وبمسؤولية.
وعممت المليشيات على جميع المستشفيات والمراكز الطبية بعدم الإعلان والإفصاح عن أي حالات إصابة بالوباء أو خروج أي من حالات الوفاة إلى وسائل الإعلام، فضلًا عن إجراءاتها البوليسية والترهيبية وترويعها لأسر المصابين والمتوفين بكورونا يجعل هذه الأسر تخفي وجود إصابات، وهذا يشكل خطرًا كونه يساعد على انتشار المرض.
وأصدر عدد من الأطباء في صنعاء بيانًا حذروا فيه من عواقب وخيمة نتيجة التستر على الوضع الصحي في مناطق سيطرة المليشيات الحوثية، وأعلنوا عن إخلاء مسؤوليتهم عن الوضع الصحي الكارثي في صنعاء، كما دعو إلى الإعلان عن العدد الحقيقي للإصابات والوفيات الناجمة عن فيروس كورونا.
وتواصل المليشيات الحوثية، التعامل بكثيرٍ من الريبة مع أزمة جائحة كورونا، وفرضت سرية كبيرة في إطار المعلومات بشأن هذه الأزمة.
ففي هذا الإطار، حذَّرت صحيفة "الشرق الأوسط" من دخول الإصابات بفيروس كورونا في اليمن مرحلة الانفجار، رغم تدني الأرقام الرسمية المعلنة حول الإصابات المؤكدة بالفيروس.
واستندت الصحيفة في تحذيرها إلى التسريبات حول الأعداد الفعلية للإصابات في مناطق سيطرة المليشيا الحوثية، المدعومة من إيران، التي تجابه الوباء بالتكتم والتدابير التعسفية التي بلغت حد إقامة جنازات سرية لدفن ضحايا كورونا.
ولفتت إلى أنّ الأوضاع في صنعاء والمناطق الخاضعة للمليشيا الحوثية، هي الأسوأ بحسب ما يتداوله الناشطون وما يسربه العاملون في القطاع الصحي عن حجم الإصابات والوفيات.
ونقلت الصحيفة عن مصادر محلية مطلعة أن مسلحي المليشيات أقاموا جنازات سرية في المدينة يرجح أنها لمصابين توفوا جراء المرض، حيث تم نقل الجثامين فجرا من مستشفى جبلة ودفنهم في مقبرتي "غفران" و"جرافة" وسط تشديد أمني.
وأبرزت الصحيفة تأكيد مصادر طبية في مدينة إب أن مستشفى جبلة الذي خصصته المليشيا الحوثية لعزل المصابين يستقبل يوميا العديد من الحالات المشتبه في إصابتها بالفيروس التاجي، وأن قادة المليشيا هددوا الأطباء والممرضين بإنزال العقوبة عليهم في حال أفشوا أي معلومات عن حقيقة الأوضاع.
في سياق متصل، كشفت وكالة "رويترز" عن أرقام مفزعة لبعض الضحايا الذين يلاقون مصيرهم في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي، بينما يرفض الحوثيون المدعومون من إيران الإعلان عنهم.
ونقلت الوكالة عن مصدرين طبيين في صنعاء أنّهما شاهدا 20 مريضا غيرهم وعليهم أعراض مشابهة وأنّ هؤلاء المرضى توفوا في ذلك المستشفى.
وأضافت الوكالة عن مصدرين آخرين تحدثا عن أنهما على علم بما لا يقل عن 30 حالة اشتباه في الإصابة بالفيروس تم استقبال أصحابها في مستشفى آخر بصنعاء هو مستشفى الشيخ زايد وقالا إنه لم يتم إطلاع المنظمة أيضا على نتائج فحوص تلك الحالات.
وأكّدت "رويترز" نقلًا عن تلك المصادر، أنّ عدد الأفراد الذين يعتقد أنهم مصابون بفيروس كورونا وعدد الوفيات التي يشتبه أنها ناتجة عن الإصابة به أكبر مما تمّ إعلانه حتى الآن في الوقت الذي حذرت فيه الأمم المتحدة من أن الفيروس آخذ في الانتشار.
وبحسب المصادر، فإنّ مليشيا الحوثي رفضت اطلاع منظمة الصحة العالمية على نتائج اختبارات لما لا يقل عن 50 مريضًا آخرين ظهرت عليهم أعراض مرض كوفيد-19 الناتج عن الإصابة بالفيروس في مستشفى الكويت في صنعاء.
وترفض وزارة الصحة التابعة للمليشيات الحوثية إطلاع الأطباء ومنظمة الصحة العالمية على نتائج الاختبارات عندما تكون إيجابية، بحسب أحد المصادر، بينما أكدت منظمة الصحة العالمية بحسب الوكالة أن التفشي الفعلي للوباء بات يحدث الآن.
وعلى الرغم من أنّ المليشيات تعهّدت في وقتٍ سابق بالتعامل بشفافية فيما يتعلق بأزمة كورونا، إلا أنّه لا يمكن الثقة بحالٍ من الأحوال في أي تعهُّد للحوثيين لأنّ المليشيات تمارس نوعًا من التضليل قد يحرق الجميع.