دعت المجتمع الدولي للوقوف بحزم وجدية تجاه إيران وتوابعها «حزب الله» والحوثيين
السعودية: أي اعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل أو نقل سفارة إليها «أمر باطل»
حذرت المملكة العربية السعودية، من أن أي اعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، أو نقل سفارة أي بلد إليها سيكون «أمراً باطلاً» وبأنه إجراء لا يؤدي إلا إلى «إشعال التوتر في منطقة الشرق الأوسط، وإلى إضعاف فرص التوصل إلى حل شامل ودائم وعادل يبنى على أساس حل الدولتين».
وشددت السعودية، بأنه قد آن الأوان لمجلس الأمن الدولي، أن يتخذ موقفاً حاسماً تجاه إيران، وأن يؤكد أن المجتمع الدولي «لن يقف مكتوف الأيدي ويتساهل إزاء الممارسات العدوانية الإرهابية لإيران والتي تزعزع الأمن والسلم الدولي والإقليمي»، وأن الوقت قد حان «للتعامل بجدية مع (حزب الله) وكشف عملياته الإرهابية في سوريا ولبنان وأنحاء أخرى من العالم».
جاء ذلك ضمن كلمة السعودية أول من أمس (الخميس) أمام مجلس الأمن الدولي حول بند المناقشة المفتوحة بشأن «الحالة في الشرق الأوسط، بما في ذلك المسألة الفلسطينية»، وألقاها السفير عبد الله المُعَلِمِي، المندوب السعودي الدائم لدى الأمم المتحدة.
وعن مدينة القدس العربية، أكد السفير المعلمي أنها «زهرة المدائن، وهي ملتقى الأديان السماوية الثلاثة»، مبيناً، أنها ينبغي أن تكون واحة السلام والتعايش والمحبة. «وهي شقيقة المدينتين المقدستين مكة المكرمة، والمدينة المنورة. وهي التي شهدت معجزة الإسراء والمعراج النبوية، وهي التي عاشت منذ أكثر من ألف وأربعمائة عام تحت الرعاية العربية الإسلامية، مفتوحة للعالم ومنفتحة على كل الأديان والحضارات، ومصدر إشعاع للفكر والروحانيات».
وأضاف المعلمي، إن القدس «هي العاصمة التاريخية الأزلية لفلسطين، هكذا كانت، وهكذا ستظل عبر الأزمان، مهما تراكمت الغيوم، فالشمس لا بد أن تشرق من جديد»، وأشار بأن القدس «كانت محور مداولات مجلس الأمن على مدى الخمسين عاماً الماضية التي وقعت فيها فريسة الاحتلال الإسرائيلي، وأقر مجلسكم الموقر عدداً من القرارات، منها على سبيل المثال لا الحصر القرار رقم 465 ورقم 476 ورقم 478 ورقم 2334، وكلها تؤكد على أن جميع الإجراءات الأحادية التي تستهدف تغيير الوضع القانوني، والتاريخي للقدس، أو فرض واقع جديد عليها لاغية وباطلة، لن توجد حقاً، ولن تنشئ التزاماً، وخرقاً صريحاً للاتفاقات الموقعة، وهذه القرارات لا يمكن تجاوزها أو مصادرتها بجرة قلم، أو بقرار فردي أحادي الجانب. لقد اعترفت كل المواثيق الدولية منذ اتفاقية أوسلو في عام 1993 إلى الوقت الحاضر بأن القدس هي إحدى قضايا الحل الشامل النهائي للصراع الفلسطيني الإسرائيلي».
وبيّن السفير السعودي، بأن قرارات الأمم المتحدة، أكدت على أن «كل إجراء اتخذته إسرائيل تجاه القدس بما في ذلك قرار ضمها لإسرائيل، أو التحكم في مستقبلها ومصيرها، أو العمل على إجلاء المواطنين الفلسطينيين منها، أو بناء المستوطنات والمساكن على أراضيها، أو مصادرة ممتلكات أبنائها، أو التضييق على سكانها، أو إعلانها عاصمة لإسرائيل، أو الاعتراف بهذا الإعلان، إن كل هذه الإجراءات باطلة ولا أساس لها من الصحة أو القانون أو العرف أو الأخلاق».
وأشار إلى أن مبادرة السلام العربية التي تقدمت بها بلاده في عام 2002 جاءت لتؤكد استعداد العرب والمسلمين للسلام وفقاً لقرارات الشرعية الدولية، وذلك عن طريق إنهاء الاحتلال الإسرائيلي لكل الأراضي العربية المحتلة، بما فيها الجولان العربي السوري والأراضي اللبنانية والفلسطينية المحتلة، بما فيها الضفة الغربية وقطاع غزة، وفي القلب منها القدس الشريف.
وأضاف إن السعودية تذكر بأن أي إجراء قامت به سلطة الاحتلال الإسرائيلي أو تقوم به تجاه القدس الشريف «باطل وغير ذي أثر، وأن أي اعتراف بالقدس عاصمة أو نقل سفارة أي بلد إليها هو أمر باطل بطلان الاحتلال، وإجراء لا يؤدي إلا إلى إشعال التوتر في منطقة الشرق الأوسط بأسرها، وإلى زعزعة الثقة في العملية السلمية، وإلى إضعاف فرص التوصل إلى حل شامل ودائم وعادل يبنى على أساس حل الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) 1967، وعاصمتها القدس الشريف».
وفي سياق آخر، شدد السفير المعلمي بأن إيران «ما زالت تمارس تدخلاتها الفاضحة في الشؤون الداخلية للدول العربية ومنها العراق وسوريا ولبنان واليمن وغيرها، وما زالت تبث الإرهاب وتدعمه وتتبناه»، وأكد أنها هي «الداعم الأول لـ(حزب الله) الإرهابي، الذي ما زال يمارس سطوته وتسلطه في لبنان، ويشعل فتيل الحرب في سوريا، ويرتكب فيها أسوأ ممارسات القتل والحصار والتطهير العرقي».
وإن إيران، ما زالت تدعم قوى التمرد والانقلاب من ميلشيات الحوثي في اليمن وتزودها بالأسلحة، ومنها الصواريخ التي تتعرض لها مدن بلادي بين حين وآخر، حيث وصل عدد الهجمات الصاروخية على المملكة العربية السعودية ما يقارب التسعين حالة: «بصواريخ ثبت لكم بتقارير مستقلة من الأمم المتحدة أنها من صنع إيران، وأن إيران هي من زودت بها المتمردين الحوثيين في مخالفة واضحة وصريحة لقرار مجلس الأمن رقم 2216 ورقم 2231».
وأضاف مؤكداً «لقد آن الأوان لمجلسكم الموقر أن يتخذ موقفاً حاسماً تجاه إيران، وأن يؤكد أن المجتمع الدولي لن يقف مكتوف الأيدي ويتساهل إزاء هذه الممارسات العدوانية الإرهابية التي تزعزع الأمن والسلم الدولي والإقليمي، كما أن الوقت قد حان للتعامل بجدية مع (حزب الله) وكشف عملياته الإرهابية في سوريا ولبنان وأنحاء أخرى من العالم والتصدي لتسليحه غير الشرعي وممارساته الخارجة عن الدستور اللبناني».
وفيما يخص الشأن السوري، قال السفير عبد الله المعلمي: «إن الأزمة السورية تمر بمرحلة دقيقة وهي تعيش عامها السابع، وتؤكد المملكة العربية السعودية على أن لا حل لها إلا عن طريق توافق سوري، وإجماع يحقق متطلبات الشعب وينهي معاناته على أساس إعلان (جنيف 1)، وقرار مجلس الأمن 2254.».
وأضاف: «لقد سعت المملكة العربية السعودية إلى توحيد صفوف المعارضة السورية وتشجيعها على الحديث بصوت واحد ووفد واحد؛ ولذلك قامت باستضافة مؤتمر الرياض الثاني في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2017، الذي نجح في ضم شتات المعارضة بجميع أطيافها وتقديم قيادة موحدة لها، والمملكة تؤكد على ضرورة التعامل مع هذه القيادة باعتبارها الجهة الممثلة للشعب السوري والمفوضة بالتفاوض مع الجهات الحاكمة في سوريا».
وقال: «إن المعاناة الإنسانية في سوريا ما زالت مستمرة، وما زالت قوات السلطة الحاكمة في سوريا مدعومة بحلفائها، وبخاصة قوات إيران العسكرية وقوات (حزب الله) الإرهابي والمرتزقة الطائفيون، تعمل على تدمير الشعب السوري، واستخدام الأسلحة الكيميائية ضده، وهو استخدام أكدته تقارير الأمم المتحدة المستقلة، ونذكركم أن هناك أكثر من ثلاثة ملايين إنسان محتجزين في الأماكن المحاصرة، والأماكن التي يصعب الوصول إليها».
وخلص السفير المعلمي بأن بلاده «تجدد مطالبتها بالسماح الفوري للمساعدات الإنسانية بالوصول إلى مستحقيها في كل أنحاء سوريا بغض النظر عن انتماءاتهم العرقية أو الدينية أو المذهبية أو السياسية، كما ندعو إلى الإفراج العاجل عن المعتقلين والمختطفين وإيضاح حالة المغيبين، وتسهيل عودة النازحين واللاجئين عودة كريمة نبيلة إلى ديارهم وأماكن اختيارهم».