توزيع المساعدات في زمن كورونا.. صعوبات تؤزمها العراقيل الحوثية
على مدار سنوات الحرب العبثية التي أشعلتها المليشيات الحوثية في صيف 2014، فإنّ هذا الفصيل الإرهابي المدعوم من إيران عمل على إعاقة توزيع المساعدات على النحو الذي صنع مأساة إنسانية شديدة الفداحة.
وتعبيرًا عن صعوبة العمل في مجال العمل الإغاثي في ظل الجرائم التي تقترفها المليشيات الحوثية، قال المكتب المحلي لبرنامج الغذاء العالمي، إنّ عملية توزيع المساعدات الغذائية أصبحت أكثر صعوبة بفعل فيروس كورونا.
وأوضح في تغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، أنّ البرنامج لجأ إلى إجراءات احترازية جديدة فى مراكز توزيع المساعدات فى اليمن، لضمان حماية الأسر المستفيدة من انتقال العدوى.
وكثيرًا ما اتهمت الأمم المتحدة، مليشيا الحوثي الإرهابية بعرقلة الجهود الإغاثية، على النحو الذي يضاعف من الأزمة الإنسانية التي تعتبر الأفدح على مستوى العالم.
وفي وقت سابق، تحدّث وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية منسق الإغاثة في حالات الطوارئ مارك لوكوك في إحاطة أمام مجلس الأمن، عن عرقلة وصول المساعدات الإنسانية، وقال إنّ القيود المفروضة على حركة الموظفين والبضائع في مناطق سيطرة الحوثيين لا تزال تحد من قدرتها للحفاظ على المستويات العالية من المساعدة التي يحتاجها اليمنيون.
وأضاف لوكوك: "في شمال اليمن (مناطق سيطرة الحوثيين) ، لا تزال تحديات الوصول شديدة فالقيود مرهقة للغاية لدرجة أن الوكالات الإنسانية تجبر على معايرة البرامج والتسليم إلى مستويات تصل حد إدارة مخاطر مرتبطة بهذه البيئة غير المتساهلة".
وكشف لوكوك عن أنّ 92 طلبًا من الوكالات الإنسانية العاملة في مناطق سيطرة الحوثيين لا تزال معلقة لدى الحوثيين، بما في ذلك 40 طلبًا تنتظر شهورًا للبدء.
واستعرض المسؤول الأممي جملة من الممارسات التعسفية الحوثية لعرقلة الجهود الإنسانية متهما القيادات الحوثية برفض مهام الوكالات بشكل تعسفي ، مؤكدًا أن العاملين في المجال الإنساني لا يزالون يعانون من قيود شديدة على الحركة في الميدان، بما في ذلك خلال الأيام القليلة الماضية، علاوة على تعرض الموظفين لتأخير طويل عند نقاط التفتيش، حتى عندما تكون الأوراق جاهزة.
وأضاف: "في حادثة خطيرة بشكل خاص لم يتم حلها بعد، مُنع موظفو الأمم المتحدة الدوليون في بعض المواقع من الانتقال إلى صنعاء.. هذا أمر غير مقبول".
وتواصل المليشيات الحوثية الموالية لإيران العبث بملف المساعدات الإنسانية، على النحو الذي يضاعف من الأعباء على السكان القاطنين في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
وتعبيرًا عن وصول هذه الأزمة إلى حد الابتزاز، فقد هدّد القيادي بالمليشيات محمد علي الحوثي برنامج الغذاء العالمي بعرض فيديوهات عن جلسات مفاوضات بين المليشيات والبرنامج تخص اشتراطات المليشيات تقديم المساعدات نقدا.
ونشر الحوثي، تغريدة على "تويتر"، خيّر فيها البرنامج التابع للأمم المتحدة بين الدفع نقدًا أو عرض الفيديوهات، في ابتزاز أقرب للعمل الاستخباراتي منه للعمل الدبلوماسي.
وقال الحوثي في تغريدته: "إذا لم يبدأ برنامج الغذاء بتنفيذ المرحلة التجريبية لتسليم الكاش متعمدًا ومبررًا بأعذار واهية، فقد يتم انزال الفديوهات الخاصة بهذه الأعذار ونظهر موافقتهم على البنود وحقيقة اختلاق المشاكل التي يعرقلون التنفيذ للمرحلة التجريبية للكاش بها وقد تم إطلاع مسؤولي البرنامج باليمن على الفيديوهات".
وصعدت المليشيات الحوثية من ضغوطاتها على المنظمات الدولية العاملة في اليمن لتسليمها الملفات الإنسانية والاكتفاء بالرقابة، في مسعى لزيادة سيطرتها على المساعدات لصالح الموالين لها، تحت مسميات أسر الشهداء والجرحى، وبأساليب منها فرض ضرائب وتوظيف عناصر تابعين لها في المنظمات.
وتمثل سرقة المساعدات أحد أبشع صنوف الاعتداءات التي ارتكبتها المليشيات الحوثية الموالية لإيران، حتى خلّفت كثيرًا من المآسي الإنسانية في المناطق الخاضعة لسيطرتها.
ويمكن القول إنّ إعاقة مليشيا الحوثي المساعدات ونهبها جريمة حرب تستوجب المحاكمة من قبل المنظمات الدولية المعنية التي لا تجد أي ضمانات حوثية لوصول المساعدات إلى مستحقيها، ما دفعها للتهديد أكثر من مرة بتخفيض حجم المساعدات في المناطق الخاضعة لسيطرة مليشيا الحوثي.
وأخيرا، كشفت إحصائيات صادرة عن الأمم المتحدة عن حجم الكارثة الإنسانية المتفاقمة التي صنفتها الأسوأ عالميا، حيث يواجه اليمن أكبر أزمة أمن غذائي في العالم، ويعيش حوالى 20 مليون شخص في ظل انعدام الأمن الغذائي ويكافحون لإطعام أنفسهم غير متأكدين من أين سيحصلون على وجبتهم التالية.
ومن بين هؤلاء، يعيش حوالى 10 ملايين شخص 70٪ منهم أطفال ونساء يعانون من انعدام شديد للأمن الغذائي أي على بعد خطوة من المجاعة، بحسب الأرقام الأممية.
وأشارت نتائج التقييم الطارئ للأمن الغذائي والتغذية إلى تجاوز مؤشر سوء التغذية الحاد (الهزل) في محافظات الحديدة وحضرموت وحجة وأبين عتبة 25٪ حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية، بينما بلغ سوء التغذية المزمن (التقزم) مستويات حرجة تجاوزت 60٪ في 14 محافظة.