العرب اللندنية: السعودية والإمارات تعيدان ترسيم العلاقة بين حكومة هادي والحراك الجنوبي
جحت السعودية والإمارات في نزع فتيل الأزمة المتفجرة في العاصمة المؤقتة عدن عبر إرسال وفد للتهدئة التقى جميع الأطراف المعنية وتوصل إلى توافق على خطوات عملية لمنع تجدد الاشتباكات.
وقالت أوساط يمنية مطّلعة في عدن إن التحرك السعودي الإماراتي جاء بعد أن استوعب الفرقاء الرسائل من الحسم العسكري وضرورة البحث عن شراكة سياسية تقوم على التوافق وعدم احتكار المواقع الذي أبدته حكومة أحمد عبيد بن دغر خلال الأيام الأخيرة، مشيرة إلى أن ذلك من شأنه أن يزيل العوائق من أمام توسيع مؤسسات الشرعية لتشمل مختلف الفرقاء.
وتهدف زيارة المسؤولين العسكريين السعوديين والإماراتيين الخميس إلى إعادة “الأوضاع لما كانت عليه” قبل اندلاع الأحداث الأحد الماضي، بحسب الوكالة الإماراتية.
وقال اللواء السعودي محمد سعيد المغيدي لصحافيين “هدفنا اليوم هو ضمان أمن واستقرار عدن وتجنب كافة أشكال الفوضى وإنهاء كل الخلافات بين الفرقاء”.
وأشار اللواء الإماراتي محمد مطر الخبيلي من جهته إلى أن الرياض وأبوظبي “تقودان جنبا إلى جنب المصالحة إيمانا منهما بأهمية أمن واستقرار اليمن والحفاظ على السلم والأمن الإقليميين”.
وكشفت مصادر سياسية خاصة لـ”العرب” عن صدور قرارات رئاسية هامة خلال الساعات القادمة، تعيد بناء التحالفات والقوى داخل جبهة الشرعية وتتعامل بواقعية مع الواقع الجديد على الأرض.
وتوقعت المصادر تعيين نائب للرئيس ورئيس للوزراء، وهما المنصبان اللذان قد يذهب أحدهما لمحافظ عدن السابق ومستشار الرئيس عبدالعزيز المفلحي الذي قالت المصادر إنه في طريقه إلى الرياض قادما من موسكو بعد استدعائه بصورة عاجلة. كما أكدت المصادر قرب الإعلان عن تشكيل حكومة كفاءات مصغرة قد يكلف المفلحي بتشكيلها.
واتهم مراقبون حكومة بن دغر بالانصياع لضغوط حزب الإصلاح الإخواني واللجوء إلى خرق اتفاق التهدئة الذي دعا إليه التحالف العربي، بعد البيان التصعيدي الذي أصدرته الخميس ضد المجلس الانتقالي الجنوبي.
ووصف بيان حكومة بن دغر ما حدث الأحد الماضي بأنه “محاولة انقلاب فاشلة” وتواصل لمساعي إعاقة عمل الحكومة الشرعية وتعطيل مهامها والقيام بإنشاء وتوجيه ميليشيات عسكرية خارج إطار القيادة العسكرية للقوات المسلحة اليمنية”.
وتزامن صدور البيان مع حملة تحريض إعلامية واسعة ضد التحالف العربي يقف خلفها ناشطون من حزب الإصلاح، في ظل أنباء عن ضغوط تمارسها قيادات الحزب على مؤسسة الرئاسة لرفض الاتفاق الذي رعاه التحالف وتم بموجبه إنهاء المواجهات التي شهدتها عدن.
وفي تغريدة له على “تويتر” أكد السفير السعودي في اليمن محمد سعيد آل جابر عودة الهدوء إلى مدينة عدن.
وكتب آل جابر الذي تقود بلاده التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن “تحالف الإخوة الهدوء والأمن في عدن، و”فشلت أبواق الفتنة وانتصرت الحكمة”.
وبقي التحالف أثناء المعارك في عدن على الحياد، متجنبا التدخل المباشر على الأرض لفض النزاع، رغم أن قواته تقيم في معسكرات بالمدينة.
وفي أول تعليق حول الجهود التي تقوم بها اللجنة التي شكلها التحالف لتطبيع الأوضاع في عدن، أشار رئيس اللجنة العقيد مسفر الحارثي في تصريحات صحافية، إلى عودة مظاهر الحياة الطبيعية إلى عدن، وإتمام عملية تسليم المقرات والمؤسسات الحكومية وإطلاق سراح أسرى المواجهات.
وفي تصريح لـ”العرب” حول أنشطة اللجنة، قال مصدر مسؤول في محافظة عدن إن اللجنة لا تزال تقوم بواجبها لتقصي الحقائق، لكن المصدر أبدى مخاوفه من إجهاض جهود اللجنة، نتيجة التصعيد الإعلامي لحكومة بن دغر.
ويشير العديد من المراقبين إلى تخوف جماعة الإخوان من خلق واقع سياسي جديد في المشهد اليمني يحد من نفوذها في مؤسسات الشرعية.
وعبر وكيل وزارة الإعلام اليمنية نجيب غلاب في تصريح لـ”العرب” عن أمله في أن تفضي جهود التحالف إلى إعادة بناء الشرعية وتوسيع قاعدتها الاجتماعية والسياسية بناء على توافقات ضامنة لمصالح ومستقبل جميع الأطراف بما يلبي طموحات تحقيق أهداف المعركة وصولا إلى استعادة الدولة.
ولم يستبعد غلاب أن توسّع دائرة الفرقة مع استمرار المعركة ضد الجماعة الحوثية قد يقود إلى بناء قوى متعددة تركز على إنهاء المشروع الانقلابي في صنعاء، وأن ذلك سيؤدي إلى انقسامات حادة في بنية الشرعية، وقد تندفع بعض القوى وبالذات الجناح الإخواني القطري إلى التحالف مع الحوثيين وإيران لمنع استقرار المشهد لفائدة القوى المدعومة من التحالف العربي.
وحذرت أوساط يمنية متابعة من أن صراع المواقع داخل الشرعية، وخاصة رفض شق الرئيس عبدربه منصور هادي وحزب الإصلاح توسيع مؤسسات الشرعية لتشمل أطرافا فاعلة أخرى مثل المجلس الانتقالي الجنوبي، وحزب المؤتمر الشعبي، والقيادات العسكرية الوازنة مثل طارق صالح نجل شقيق الرئيس السابق علي عبدالله صالح، من شأنه أن يفتح باب التدخلات الخارجية لفرض حل سريع للأزمة من بوابة مبادرة بريطانية جديدة.
وتزامن تعيين الدبلوماسي البريطاني مارتن غريفثت مبعوثا دوليا جديدا لليمن مع تحركات دولية تتزعمها بريطانيا لتقديم مبادرة جديدة لحل الأزمة اليمنية وسط تسريبات عن أن دول التحالف العربي لا تمانع في أن تعطي فرصة أخرى للجهود الدبلوماسية لدفع المتمردين الحوثيين إلى طاولة المفاوضات دون شروط مسبقة، وذلك بالتوازي مع استمرار خيار الحسم العسكري.