سادس فتاة تسقط في البئر
الأزارق .. الطريق الى الموت في رحلة البحث عن الماء ..
الأزارق .. مأساة يرويها قلم ..عمر ﺍﻟﻘﻴﻔﻲ وتوثقها عدسة جمال المحرابي والقائد مطلق المعكر ...
تزداد الأمور سوء يوما بعد آخرفي مديرية تعيش في دائرة الفقر والمعاناة والحرمان ... الأزارق هذه البقعة من الأرض تعيش في دائرة النسيان منذُ فجر الثورة لكن الحالة التي وصل لها سكانها الذي يزيدعن خمسين ألف نسمة في هذه الأيام بالذات جعلتنا ندق ناقوس الخطر حينما بدء موسم الجفاف الرهيب يجتاح قراها يوما بعد آخر منذر بكارثة إنسانية كبيرة لا سمح الله وفي استطلاع قمتُ بهِ مع الأخ جمال المحرابي والاخ مطلق المعكر في معظم قرى هذه المديرية سمعنا فيه الكثير من قصص المعاناة للبحث عن قربة ( دبة ) ماء سعة .
٢٠ لتر ومن مسافات بعيدة ..
البداية مع أم أحمد امرأة يناهز عمرها الخمسين عام التقينا بها فوق إحدى الآبار في طريقنا وحينما سألنها عن معاناتها قالت : يا أولادي كتب الله لنا هذا التعب والحمد لله على ما كتب الله لنا ..
كما ترون هذه الدبة لي عليها من قبل الفجر فيهُ تراب ... لم تكن وحدها بل عشرات من النساء بجانبها يتزاحمن على بقايا من قطرات ماء في قاع ذلك البئر العميق ...
كلما مرينا على بئر بجانب الطريق رأينا عليها العشرات من النسوة يتزاحمن أيهن يضفر بعشرين لتر يخرجنها بشطآن الدلو من أعماق تلك الآبار التي بالكاد ترى فيها سراب من بياض الماء مخلوط بالأتربة جدير بأن يورّث حصاءالكلى في غضون شهور قليلة ..قصص البحث عن قطرات الماءسمعنها في بعض القرى كأنهامن قصص الخيال حيثُ يذهبنَّ النسوة قبل إذان الفجر في سباق مع الزمن كل واحدة تريد أن تفز بقربة ماء صافية قبل الأخرى ..
ولكن ما جعلني أتألم وأحزان لما وصلنا إليه هي امرأة أقفلت راجعةإلى بيتها بقربة( دبة ) فاضيه بادرنها بالسؤال مالك يا حاجّه شكل الدبة فاضيه ...
نظرت إلينا باستغراب وكأنه سؤال غريب ثم قالت : يا أبناءي ما في ماء تأخرت اليوم وقد نضب ماء البئر ... قصص كثيرة سمعناها لم يكفي تقرير لسردها لكن بقى منها غصة ألم تسكن قلبي واصلنا المسير قرية بعد أخرى لكن ما طغىعلى لقائنا بكثير من الناس هو واقع الجفاف الذي تشهده هذه المناطق والناس بلسان واحد يقول يا أبناءي بارك الله فيكم حاولوا توصلوا معناتنا إلى كل مكان لعل هناك بقايا شبح دولة أو منظمات تعمل ولو الشيء اليسير لنا .
الجفاف في منطقة الازارق ليس وليد اللحظة والمعاناة لم تكن بنت اليوم بل لها عشرات السنين لكن ازدياد رقعة المعاناة وازدياد حجمها هذه المرة كان كبيرا ..
عشرات القصص المؤلمة التي سمعنا بها عن سقوط عشرات من الفتيات في أبار عميقة في مناطق مختلفة من هذه المديرية فما يمر شهر إلاّ ونحن نسمع عن سقوط فتاة في عمر الزهور في بئر ماء في قرى الازارق المتناثرة ..
البداية من الحقل وقبل عشرة أعوام كانت أول حادثة سقوط تُسجّل في صفحات التواصل الاجتماعي حيثُ سقطت الفتاة مرام عبده السيد وهي في سن الحادي عشرة ثم لقيت حتفها على الحال ثم تكررت العديد من الحوادث بعدها كان بعدها بخمس أعوام الفتاة سلوى محسن سفيان في قرية نتاش وهناك العديد من الفتيات التي سقطن الآبار في منطقة القفله ووعلان ونعمان وصمعان والدرب ممن لا يسع ذكرها هنا ولكن كانت سقوط ثلاث بنات في وقت واحد ووفاتهن بيوم واحد في منطقة ماطرجبل عواس هو الألم ...وأخرهن كانت قبل أسبوع فتاة هي أخت الشهيد القائد العميد أحمد هادي أبو جمال التي لم تزل في العناية المركزة .
الجفاف هو الشبح القادم والمخيف الذي يهدد ما يزيد عن خمسين ألف نسمة في أغلب مناطق وقرى الازارق .. وهنا هل من يصل حروفي هذه إلى من يقوم بدوره في عمل ما يستطيع للوقوف مع أبناء هذه المديرية في مواجهة هذا الشبح المخيف .. رسالتي تخاطب المنظمات وأهل الخير وكل المسؤلين في كل مكان لعلها تصل قلوب رحيمة ونفوس خيرة كريمة.