فساد الحوثي يطال هيئة مكافحة الفساد
في أي دولة بالعالم تكون وظيفة هيئات مكافحة الفساد التدخل لوقف وقائع السرقة ونهب الأموال، لكن الوضع يبدو مختلفا لدى المليشيات الحوثية الإرهابية والتي وظفت الهيئة التي دشنتها تحت مسمى "هيئة مكافحة الفساد" إلى وكر لمزيد من سرقة الأموال والتغطية على ممارسات عناصرها الإجرامية.
تحولت هيئة مكافحة الفساد لدى المليشيات الحوثية في صنعاء إلى أداة جديدة لحسم الصراعات بين التيارات المتنازعة داخل العناصر المدعومة من إيران، فإذا سعى التيار الأقوى لعقاب الآخر الضعيف لجأ إلى توظيف الهيئة استهداف الشخصيات التي تعارضه، وتطلب ذلك الأمر زيادة رواتب أعضائها لضمان ولائهم.
رفعت مليشيا الحوثي رواتب أعضاء هيئة مكافحة الفساد التابعة لها، بعد أن استطاع القيادي الحوثي أحمد حامد المعين من المليشيا مديرًا لمكتب رئاسة الجمهورية في صنعاء استخدام هذه الهيئة في صراعاته.
وقال مصدر مطلع لـ "المشهد العربي" إن القيادي أحمد حامد المعروف بكنية (أبومحفوظ) طلب من أعضاء هيئة مكافحة الفساد، رفع رواتبهم بعد قرارات كانت الهيئة قد اتخذتها بناء على طلبه منها إيقاف وزير المياه والبيئة الحوثي نبيل الوزير عن العمل إلى جانب قيادات إدارية في وزارته.
وأضاف المصدر أن أبومحفوظ وافق على رفع رواتب أعضاء هيئة الفساد الحوثية من مليون ريال شهريًا، إلى مليون ونصف المليون ريال، مشيرا إلى أن القيادي الحوثي أبومحفوظ يسعى لإخضاع هذه الهيئة بيده لاستخدامها ضد أي قيادي حوثي أو مسؤول في حكومة المليشيا غير المعترف بها.
ولعل ما يبرهن على أن المليشيات الحوثية تستخدم تلك الهيئة في تصفية حساباتها بعيدا عن مواجهة الفساد، أنها تُقدم على اعتقال أي شخص يتحدث عن فسادها، أو حتى مجرد شكواه من وقوع الفساد ضده، ولعل ذلك ما حدث مع عدد من مشائخ مديرية جبل عيال يزيد والذين جرى اعتقالهم بسبب شكواهم من فساد مشرف الحوثيين.
ولا تفوِّت المليشيات الحوثية أي فرصة لنهب الأموال على النحو الذي يُمكِّن قادة وعناصر هذا الفصيل الإرهابي من تكوين ثروات مالية ضخمة، عبر سلسلة طويلة من جرائم الفساد الضخمة، وأقدمت المليشيات على نهب الموارد، وأجبرت القطاع الخاص على دفع الأموال وقاسمته أرباحه، وأوقفت الإنفاق على الخدمات العامة، ودفع الرواتب.
وسبق أن قدّرت تقارير اقتصادية حجم الثروة التي جمعتها المليشيات الحوثية من الموارد ومن القطاع الخاص، والمساعدات الخارجية والمتاجرة بالخدمات واستثمار الأصول والجبايات والتبرعات بنحو 14 مليار دولار، منها ما تستثمر في الخارج، وأخرى أصول عقارية، وشركات تجارية حلت محل القطاع الخاص التقليدي.
ولعل من نتائج هذا الفساد ما كشفت عنه وثيقة مسربة من حكومة مليشيا الحوثي بشان إيرادات مالية مهولة وصرفيات كبيرة، تؤكد قدرة حكومة المليشيا غير المعترف بها على صرف مرتبات كاملة للموظفين مع تحقيق وفر مالي كبير.
ووفق الوثيقة الموجهة من محافظ البنك المركزي بصنعاء إلى رئيس حكومة المليشيا المدعومة من إيران، فإن المبالغ المصروفة من البنك خلال الفترة من يناير إلى أكتوبر خلال العام الجاري، بلغت تريليونا و182 مليار ريال، وجاء في الوثيقة أن إيرادات ذات الفترة بلغت 530 مليار ريال، مشيرًا إلى تمويل العجز من أذون الخزانة والسندات الرسمية.
وقال مصدر مطلع لـ"المشهد العربي"، إن نصف هذا المبلغ يكفي لصرف مرتبات مليون موظف لعام كامل، مشيرًا إلى أن الموظفين في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي الإرهابية لا تصل أعدادهم إلى ربع هذا الرقم.