صحيفة افتنبوستن النرويجية : ابن أحد أكبر أثرياء العرب يعيش في صنعاء هرباً من جريمته في لندن

السبت 24 مارس 2018 19:24:14
صحيفة افتنبوستن النرويجية : ابن أحد أكبر أثرياء العرب يعيش في صنعاء هرباً من جريمته في لندن

بعد مرور 3650 يوما على مقتل الطالبة الشابة مارتين فيك ماجنوسين في لندن، لا تزال والدتها تعيش حالة حداد عليها في العاصمة النرويجية أوسلو.

والدة فاروق عبدالحق، رويدا ميخائيل بشر (62 عاما)- تعيش في القاهرة- تدرك تماما بأن ابنها مطلوب عالميا بسبب الجريمة المتهم بارتكابها.

صادف يوم الأربعاء الرابع عشر من آذار/ مارس الذكرى العاشرة لمقتل مارتين، الطالبة النرويجية التي كانت قد غادرت نادي مادوكس الليلي في العاصمة البريطانية لندن بسيارة أجرة برفقة زميلها الطالب فاروق، نجل الملياردير عبد الحق. وبينما قضت الفتاة نحبها قبل ربيعها الثالث والعشرين في شقّة عبدالحق، كان هو في طريقه إلى بلده الأصلي اليمن.


فاروق عبد الحق مطلوب للاشتباه به بقتل مارتين فيك ماجنوسين ولم تنشر له صور جديدة خلال السنوات العشر الماضية. وما يفاقم معاناة كريستين فيك وعائلتها عدم محاكمة “المجرم” حتى الآن ما حال دون الوصول إلى نهاية عادلة للجريمة.

فاروق مطلوب للشرطة البريطانية لكونه المتهم الوحيد في قضية مقتل مارتين.

على مدى عشر سنوات، بعث أفراد عائلة مارتين رسائل إعلامية إلى المتهم للإدلاء بإفادته أمام الشرطة، لكن دون جدوى. والد الضحية أودد بيتر ماجنوسين – 66 عاما- لعب الدور الأبرز في هذا الشأن، وسط لوعة الأم على فراق ابنتها.

“يقول البعض إن الوقت يداوي كل الجراح. لكن هذه المقولة لا تنطبق على حالتي. الألم أحيانا قد يكون شيئاً مسكّناً، وتأقلمت على التعايش مع هذا القدر المحزن،” تقول الأم . وتضيف”الفراغ الذي سبّبه رحيل مارتين سيكون مصدراً دائماً للألم لنا. وما يؤلم أكثر أن تجد عائلة الجاني تعمل ضدنا بعرقلة تسليم ابنها للشرطة البريطانية”.

” وجدنا جثة هامدة”

يوم السبت الموافق الخامس عشر من آذار/ مارس عام 2008، بينما كانت كريستين فيك تتابع بعض الحاجيات في ساندفيكا مول  في مقاطعة آكرشوس النرويجية قبيل عطلة عيد الفصح، كانت تتوقع وصول ابنتها الكبرى مارتين من لندن في اليوم التالي. فجأة رن جرس هاتف كريستين فيك وإذا بصديق مارتين المفضّل على الخط يقول لها: “مرحباً كريستين، يجب علي إخبارك شيء ما: مارتين اختفت”.

قادت كريستين فيك سيارتها على عجل إلى نيسويا خارج العاصمة أوسلو، حيث المنزل الذي ترعرعت فيه مارتين وشقيقتاها ماتيلدا وماجنوس. كانت السيدة فيك تعيش في ذلك المكان حتى طلاقها من أودد بيتر ماجنوسين قبل ثماني سنوات.

العيش برفاهية

في شارع الإسكندر الأكبر الواقع في حي السفارات بالقرب من طريق سريع مزدحم في القاهرة، تقع فيلا ذات طراز حديث محمية بجدران عالية وحرّاس مسلحين وسياج أخضر. في هذه الفيلا نشأ فاروق وترعرع. يعيش فيها الآن والده شاهر عبدالحق الذي يبلغ من العمر 80 عاما مع زوجته رويدا البالغة من العمر 62 عاما.

رجال أمن عند مدخل قصر عائلة عبد الحق في القاهرة (أريج)

تفيد معلومات أفتنبوستن بإن شقيق فاروق، خالد (33 عاما) وشقيقته سلوى (28 عاما) تركا منزل العائلة، على أن أفرادها يجتمعون عادة في مساكن مختلفة في لندن، باريس أو تكساس.

يظهر مدخل مقر إقامة عائلة شاهر عبد الحق في القاهرة على يسار الشارع في هذه الصورة التي التقطها أحد صحفيي شبكة إعلاميون من أجل صحافة استقصائية عربية، لمصلحة أفتنبوستن، قبل أن يطارده الحرّاس المسلحون مباشرة.

يدير اليمني شاهر عبد الحق امبراطوريته التجارية من مكاتب ماك إنفيسمينت في القاهرة. وعندما استفسرت أفتنبوستن عنه، أجاب سكرتيره: “مسافر في الخارج، كما يفعل في الغالب”.

وبحسب تصنيفات مجلة فوربس، جاء ترتيب شاهر عبدالحق في المرتبة الرابعة في قائمة رجال الأعمال الناجحين في الشرق الأوسط بثروة تقدّر بالمليارات.

أما زوجته رويدا بشر، فهي أمريكية من أصول سورية عائلتها تعيش في تكساس/ الولايات المتحدة. قابلت شاهر في ثمانينيات القرن الماضي وأنجبت فاروق في أحد مشافي فرنسا، عندما كانت تبلغ 31 من العمر. تحمل رويدا شهادة في القانون ولكن في الواقع لا تعمل في أي مجال قانوني.

أرسلت أفتنبوستن رسالة إلى مقر إقامة رويدا ميخائيل بشر في القاهرة طلباً لإجراء مقابلة معها. سلّمت الرسالة التي احتوت على مجموعة من الأسئلة إليها باليد في تمام الساعة 11:19 صباح الرابع والعشرين من فبراير/ شباط 2018، ووقّع أحد موظفيها وصلا بالإستلام. لكنها لم ترد على الرسالة. وعندما اتصلت أفتنبوستن بها في منزلها أجابت الهاتف امرأة رفضت التعريف عن نفسها. كانت المرأة تتحدث الإنجليزية بطلاقة، وأصرّت على موقفها بأنها لا تعرف أحداً يحمل اسم رويدا بشر أو شاهر عبدالحق. ثم أظهرت بعض الغضب وقالت إننا بالتأكيد نحاول الإتصال بالرقم الخطأ، وبعدها أغلقت الهاتف.

رجال أمن عند مدخل قصر عائلة عبد الحق في القاهرة (أريج)

كذلك حاولنا مراراً التواصل مع والد فاروق وشقيقه خالد وشقيقته سلوى وأقرباء رويدا في أمريكا، لكن دون جدوى.

لم يكن أي منهم مستعداً للحديث معنا أو الإجابة على اسئلتنا. العديد من الصور المنشورة على حساب إنستجرام سلوى الخاص تظهر عائلة عبدالحق مجتمعة بالكامل ما عدا فاروق. ويعيش أفراد الأسرة كالمعتاد بكامل رفاهيتهم في أمريكا، القاهرة أو باريس، كما تقضّي العطلات في منتجعات مثل ميكونوس في اليونان (هذه الصور لم تنشر سابقا).

لوعة أم

تقول كريستين فيك: “بغض النظر عن مكان تواجدها، لكن حقيقة أن والدة فاروق لم تفعل أي شيء لإقناع ابنها بتسليم نفسه ورفضها حتى الرد على الأسئلة يبرهن على نقص الحس بالمسؤولية القانونية لديها، وأنانية لا يمكن لأي إنسان أن يملكها”.

أين فاروق عبد الحق؟

هذا الصورة التي التقطت في الخامس عشر من كانون الثاني عام 2013، تظهر عائلة عبد الحق من اليسار الأخ خالد ومن ثم الأخت سلوى ووالدهم شاهر وأمهم رويدا.

تفيد معلومات غير مؤكدة بأن فاروق عبد الحق تزوج وأنجب طفلا. ووفقاً لمعلومات حصلت عليها أفتنبوستن من مصادرها في اليمن، أن فاروق ربما عاش خلال السنوات الماضية في العاصمة اليمنية صنعاء وبالقرب من مدينة تعز. وتفيد مصادر في اليمن إنه ربما غادر اليمن بهوية جديدة ومظهر جديد.

تواصلت أفتنبوستن بأحد الأشخاص في صنعاء، الذي تمكّن من زيارة  شارع يقع فيه مقرّ إقامة عائلة عبد الحق. وبدا المنزل مهجورا منذ زمن، ولكنه تماماً مثل فيلتهم الذي في القاهرة محمي ببوابات وجدران عالية.

طوال هذه الفترة منذ فراره من لندن، لا يزال فاروق يتمتع بحماية سلطة والده وأمواله، وكذلك شبكة علاقاته ونفوذه العابر للحدود. فشاهر عبد الحق كان صديقاً مقربا للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، الذي اغتيل في ديسمبر/ كانون الأول 2017، وسط تفجّر الأوضاع في اليمن.

وفي ديسمبر/ كانون الأول 2009، قدّم رجل أعمال نرويجي بلاغا للشرطة النرويجية يتهم فيه شاهر عبد الحق بمساعدة ابنه على الهرب وتجنّب الملاحقة القضائية. لكنّ الشرطة رفضت التعامل مع هذه الدعوة، تحت مبرر أن إخفاء أحد الأقرباء المباشرين أو التكتم عليه لا يعد جريمة في هذا البلد، حتى لو كان ارتكب جريمة بالفعل.

مصادر أفتنبوستن في اليمن تفيد بأن هذا المنزل في العاصمة اليمنية صنعاء كان مقر إقامة المتهم بجريمة القتل فاروق عبد الحق لفترات طويلة خلال السنوات الماضية. وحافظ فاروق أيضا على امتلاك مقر إقامة آخر بالقرب من مدينة تعز. بينما تقول مصادر أخرى إن فاروق عبد الحق غادر اليمن.

عن :صحيفة افتنبوستن النرويجية.