صراع الوزير الحوثي ونائبه.. لماذا يجب أن يخاف عبد الملك؟
تعبيرًا عن حالة الوهن التي تعيشها المليشيات وأنّها ليست مكونًا مؤسساتيًّا كما تزعُم للسكان في مناطق سيطرتها أو تدعي حتى لأتباعها، فإنّ الصراعات الحوثية تتصاعد بشكل كبير للغاية، على نحوٍ ربما يبشّر بتفكّك المليشيات.
ففي الفترة الأخيرة، تصاعدت الخلافات بين وزير الاتصالات في حكومة المليشيات الحوثية "غير المعترف بها"، ونائبه ضمن صراع أوسع بين مراكز القوى داخل المليشيات.
وعلم "المشهد العربي" من مصدر مطلع أنّ الخلافات بين الوزير الحوثي مسفر النمير العائد إلى منصبه بعد استقالته، ونائبه هاشم الشامي الذي استولى على صلاحياته وصلت إلى عرقلة وتجميد عدد من الملفات.
وبحسب المصدر، فإنّ الوزير النمير العائد إلى منصبه بدعم من القيادي النافذ محمد الحوثي هدد نائبه هاشم الشامي بـ "كسر رجله"، ومنعه من دخول الوزارة بعد أن وجه الأخير الشؤون المالية في مؤسسة الاتصالات بعدم تنفيذ أي أوامر غير رئيس مجلس إدارة المؤسسة.
وكان الشامي قد حصل على قرار بتعيينه رئيسًا لمجلس إدارة مؤسسة الاتصالات، في حين أن هذا المنصب يتولاه الوزير حسب اللائحة، غير أن مهدي المشاط رئيس ما يسمى المجلس السياسي الأعلى دفع بالشامي للاستيلاء على صلاحيات الوزير.
وأضاف المصدر أن الشامي وبعد تهديد الوزير النمير له عقد اجتماعًا ضم بعض المحسوبين على النمير ووجه بفضح ملفات فساد الوزير، وقال إنه لم يعين في منصب رئيس مجلس إدارة مؤسسة الاتصالات إلا بعد أن فاحت روائح فساد النمير، وطالبه بأن يعرف قدره وحجمه.
هذا الصراع الحاد يُضاف إلى سلسلة طويلة من الصراعات التي تفشّت كثيرًا في المعسكر الحوثي، وقد وصلت إلى قيادات الصف الأول، ومن المؤكّد أنّ تصاعد هذه الخلافات قد يكون أمرًا مزلزلًا لاستقرار المليشيات ومهدّدًا لمشروعها الإرهابي بشكل كبير للغاية.
ولأنّ هذا الوضع يحمل مخاطر كبيرة على المشروع الحوثي، يعمل زعيم المليشيات عبد الملك الحوثي على التدخل بشخصه في كثيرٍ من المناسبات من أجل احتواء هذه الأزمات وإخماد لهيبها.
الدليل على ذلك هو عقد عبد الملك الحوثي - قبل أسابيع - اجتماعًا مع رئيس وأعضاء حكومته غير المعترف بها، أصدر خلاله توجيهات مباشرة بالعمل على الحد من تنازع النفوذ، والاتهامات المتبادلة بالفساد بين مراكز القوى في المليشيات.
تحرك عبد الملك يبرهن على أنّ وضع المليشيات يعتبر في خطرٍ كبير، استنادًا إلى أنّ تفاقم هذه الصراعات يضرب استقرار هذا الفصيل الإرهابي، ويقدّم للسكان صورة حقيقية عن طبيعة المليشيات.
ويبدي عبد الملك الحوثي تخوفات ضخمة من أن افتضاح أمر المليشيات بشكل أكبر، قد يؤدي إلى تفاقم ظاهرة الانشقاقات التي تضرب المليشيات بشكل كبير، وبالتالي يشكّل ضربة قاسمة لهذا الفصيل الإرهابي.
ولعل ما قد يُفشِل جهود عبد الملك لاحتواء هذه الأزمات هو أنّ عناصر المليشيات الحوثية لا يشغلها إلا جمع الأموال ونهب الثروات، وبالتالي ليس من المتوقع بأي حالٍ من الأحوال أن تتراجع عن هذه الجرائم، حتى وإن كلفهم الأمر الدخول في صراعات مع قياداتهم.