حصاد 2020.. برشلونة يعيش أسوأ كوابيسه
في فبراير الماضي، فجرت وسائل الإعلام أزمة كبيرة في وجه مسؤولي نادي برشلونة الإسباني لكرة القدم عندما أشارت إلى أن إدارة النادي تعاقدت مع شركة لإدارة حسابات إلكترونية هدفها تشويه سمعة بعض رموز النادي سواء من لاعبين أو من مرشحين محتملين في الانتخابات المقبلة بالنادي الكتالوني.
ورغم تبرئة مسؤولي برشلونة من هذه الاتهامات في منتصف هذا العام، لم تكن هذه المشكلة سوى حلقة واحدة في سلسلة أزمات مر بها نادي برشلونة خلال 2020 ليكون هذا العام بمثابة "كابوس" حقيقي في تاريخ النادي الكتالوني.
ولم يكن أكثر المتشائمين من متابعي النادي الكتالوني يتوقع هذه الإخفاقات والأزمات التي مر بها النادي داخل المستطيل الأخضر وخارجه.
ومع بداية هذا العام ، كان برشلونة في صدارة الدوري الإسباني بفارق هزيل أمام منافسه التقليدي العنيد ريال مدريد ، ولكن هذا لم يمنع إدارة النادي الكتالوني من إقالة المدرب إيرنستو فالفيردي من منصب المدير الفني للفريق.
ولم تكن إقالة فالفيردي مفاجأة لمعظم متابعي النادي الكتالوني، ولكن كان اختيار المدرب كيكي سيتين لخلافة فالفيردي بمثابة المفاجأة الكبيرة التي أثارت الجدل حول مصير الفريق من ناحية وحول طريقة إدارة الأمور في النادي الكتالوني من ناحية أخرى قبل نحو عام من الانتخابات المرتقبة على رئاسة النادي.
وساد وقتها الشعور بأن الأغراض الانتخابية بدأت تتحكم في مجريات الأمور داخل النادي وأن اختيار سيتين /61 عاما/ ومدة عقده ليست بعيدة عن هذا الإطار خاصة وأن فالفيردي أصبح أول مدرب للفريق يقال في وسط الموسم منذ إقالة الهولندي الشهير لويس فان جال في 2003.
كما سارعت إدارة النادي إلى الإعلان عن مدة العقد مع سيتين وأنه سيكون حتى يونيو 2022 على عكس ما كان عليه الحال عند إقالة فان جال في ظروف صعبة بمنتصف موسم 2002 / 2003 وتعيين الصربي رادومير أنتيتش خلفا له في أواخر يناير 2003.
ورغم إعلان برشلونة أن سيتين سيتولى المسؤولية حتى 2022، كان الإعلان عن اختيار هذا المدرب ومدة العقد كفيلا بإثارة الجدل حول خليفة فالفيردي الذي قاد برشلونة للفوز بلقب الدوري الإسباني في الموسمين السابقين فيما لم يحقق سيتين، الذي ترك تدريب ريال بيتيس في نهاية موسم 2018 / 2019، أي لقب كبير حيث يقتصر نجاحه على الفترة التي قضاها مدربا في دوري الدرجة الثالثة.
وربما كان من الممكن على إدارة برشلونة اختياره كمدرب مؤقت أو بعقد مشروط حتى نهاية الموسم الحالي مثلما حدث مع آنتيتش في 2003.
ولكن اختيار سيتين ومدة العقد ألقى الضوء ربما على رغبة جوسيب ماريا بارتوميو رئيس النادي وقتها في قطع الطريق أمام تولي تشافي هيرنانديز نجم خط وسط الفريق سابقا والمدير الفني للسد القطري في تولي المهمة ببرشلونة.
ولا يرتبط بارتوميو وتشافي بعلاقة طيبة خاصة في ظل العلاقة القوية التي تربط تشافي بفيكتور فونت الذي كان المرشح للإطاحة ببارتوميو من رئاسة النادي في الانتخابات المزمع إجراؤها عام 2021.
وكانت إدارة برشلونة، على عكس رغبة بارتوميو، حاولت التعاقد مع تشافي بعد الهزيمة أمام أتلتيكو مدريد 2 / 3 في الدور قبل النهائي لكأس السوبر الإسباني والذي أقيم بمدينة جدة السعودية.
وسافر إيريك أبيدال وأوسكار جراو، بتكليف من إدارة النادي التي ينتميان إليها، إلى العاصمة القطرية الدوحة للتفاوض مع تشافي لكن الأخير رفض وطلب تأجيل هذا إلى وقت لاحق.
ومع إقالة فالفيردي، تجدد الجدل بشأن إمكانية تعيين مدرب مؤقت للفريق تمهيدا لتولي تشافي في وقت لاحق المسؤولية لكن بارتوميو أعلن تعيين سيتين حتى 2022.
وبعد شهر واحد من تعيين سيتين، تلقت إدارة برشلونة لطمة قوية خارج المستطيل الأخضر حيث كشف تقرير إعلامي أن إدارة النادي تعاقدت مع شركة لإدارة حسابات إلكترونية على شبكات التواصل الاجتماعي عبر الانترنت لتحسين صورة مجلس الإدارة برئاسة بارتوميو من ناحية، والإساءة لسمعة عدد من نجوم وأساطير النادي مثل الأرجنتيني ليونيل ميسي مهاجم الفريق وزميله المدافع الكبير جيرارد بيكيه والنجم السابق للفريق تشافي هيرنانديز والمدرب جوسيب جوارديولا المدير الفني الأسبق للفريق وبعض المرشحين المحتملين لرئاسة النادي.
وبعد شهور من الجدل بشأن هذه الأزمة ، أعلن نادي برشلونة في يوليو الماضي أن نتائج التحقيقات التي أجرتها شركة "برايس ووترهاوس كوبرز" للمحاسبة، بهذا شأن، برأته من إدعاءات تنظيم حملة تشويه بحق رموز مهمة للنادي.
وذكر نادي برشلونة أن شركة المحاسبة خلصت إلى أنه :"في التعاقد المتعلق بمتابعة وتحليل حسابات التواصل الاجتماعي، لم يوجه برشلونة بشن أي حملة تشهير بحق أي شخص."
كذلك كشفت عملية التدقيق أن برشلونة لم يدفع ما يزيد عن أسعار السوق مقابل الحصول على خدمات شركة "آي 3 فنتشرز".
ولكن هذه التبرئة لم تعد الهدوء إلى النادي الكتالوني خاصة مع استئناف فعاليات الدوري الإسباني بعد أسابيع عدة من التوقف بسبب أزمة تفشي الإصابات بفيروس "كورونا" المستجد وتراجع الفريق بشدة على صعيد المنافسة على لقب الدوري الإسباني حيث أنهى الفريق البطولة في المركز الثاني خلف الريال بعد التراجع الواضح في نتائج برشلونة تحت قيادة سيتين وخروج الفريق من الموسم المحلي صفر اليدين.
ووسط الأزمة المالية التي عاشها برشلونة مثل العديد من الأندية بسبب جائحة كورونا وإقامة المباريات بدون جماهير ، تلقى الفريق صفعة أخرى داخل المستطيل الأخضر حيث مني بهزيمة كارثية 2 / 8 أمام بايرن ميونخ في دور الثمانية لدوري الأبطال الأوروبي مع استئناف فعاليات المسابقة على طريقة دورة مجمعة في العاصمة البرتغالية لشبونة ليخرج برشلونة من جميع البطولات صفر اليدين وبشكل سيئ أثار غضب عشاقه.
وبدا أن هذه الهزيمة الثقيلة ستتسبب في تغييرات جذرية ببرشلونة ومنها رحيل بارتوميو من رئاسة النادي لكن الأخير لجأ إلى تغيير الإدارة الفنية وأطاح بالمدرب سيتين وتعاقد مع الهولندي رونالد كومان.
وكانت التغييرات التي أجراها بارتوميو بمثابة مسمار جديد في نعش رئاسته للنادي حيث تضمنت هذه التغييرات رحيل بعض النجوم مثل الكرواتي إيفان راكيتيتش والتشيلي أرتورو فيدال والأوروجوياني لويس سواريز.
وكان رحيل سواريز نفسه والطريقة التي تم إبلاغه بها بالاستغناء عن خدماته شرارة لأزمة جديدة في النادي الكتالوني لاسيما وأنه الصديق المقرب إلى الأرجنتيني ميسي نجم الفريق.
وطالب ميسي بعدها إدارة النادي بالسماح له بالرحيل لناد آخر وعدم استكمال عقده مع الفريق معتمدا على بند في عقد يتيح له هذا دون سداد الشرط الجزائي، ولكن إدارة النادي أكدت أن موعد تفعيل هذا البند انتهى رغم تأخر نهاية الموسم بسبب أزمة كورونا.
ومع تمسك إدارة برشلونة بالحصول على قيمة الشرط الجزائي في عقد اللاعب، والتي تبلغ 700 مليون يورو (نحو 825 مليون دولار)، كان من الصعب أن ينجح ميسي في مسعاه للرحيل عن النادي لاسيما في ظل الأزمة الاقتصادية التي عانت منها الأندية بسبب جائحة كورونا.
ورغم بقاء ميسي، ظلت الضغوط على بارتوميو من جماهير النادي في ظل علاقته السيئة بالنجم الأرجنتيني من ناحية وعدم ظهور نتيجة ملموسة في أداء ونتائج الفريق تحت قيادة كومان ليضطر بارتوميو إلى الاستقالة في أواخر أكتوبر الماضي.
وتجنب بارتوميو باستقالته الطرد من رئاسة النادي من خلال التصويت الذي كان مقررا لسحب الثقة منه بعدما نجح معارضوه في جمع توقيعات أكثر من 20 ألف من أعضاء النادي للدفع في اتجاه إجراء هذا التصويت على سحب الثقة.
وكان عدد التوقيعات المطلوب لإجراء هذا التصويت أقل مما تم جمعه بالفعل ، وربما دفع هذا بارتوميو للرحيل المبكر دون انتظار التصويت على سحب الثقة والذي كان بحاجة إلى موافقة ثلثي النادي.
ورغم رحيل بارتوميو عن رئاسة النادي، لم تنته أزمة برشلونة حيث لا تزال نتائج الفريق في حالة ترنح ما يثير الشكوك والجدل حول إمكانية استمرار كومان مع الفريق حتى نهاية الموسم.
وبعد هذا العام المأسوي في تاريخ نادي برشلونة ، يبدو الجميع في حالة ترقب لما ستسفر عنه الانتخابات على رئاسة النادي في يناير المقبل لمعرفة ما ستؤول إليه بعض الملفات.
ويأتي بالطبع في مقدمة هذه الملفات مستقبل ميسي مع الفريق لاسيما وأنه يستطيع التوقيع لأي ناد في يناير المقبل دون موافقة برشلونة حيث يمتد عقد اللاعب مع النادي الكتالوني حتى نهاية الموسم الحالي فقط.