صحيفة دولية: صواريخ الحوثيين تخدم محمد بن سلمان في واشنطن
اعتبرت أوساط يمنية أن إطلاق مجموعة من الصواريخ الحوثية على الأراضي السعودية في الذكرى الثالثة لعاصفة الحزم يحمل أكثر من رسالة للسعودية وللمبعوث الأممي الجديد مارتن غريفيث الموجود في العاصمة اليمنية وقت إطلاق الصواريخ، وأن الجماعة الحوثية تريد أن تستنسخ تجربة حزب الله متوهمة أن الصواريخ التي تمتلكها قادرة على إعادة تشكيل الموقف الإقليمي والدولي منها.
وأشارت الأوساط اليمنية إلى أن الهدف كان تأكيد الحضور والرد على النجاحات التي حققها التحالف العربي على أكثر من جبهة، لكن الحوثيين أساؤوا التوقيت بشكل كبير، خصوصا وأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في الولايات المتحدة لمناقشة تسريع الحل السياسي في اليمن، والهجوم يعطيه مبررا قويا ليؤكد صواب المقاربة السعودية، وهي أن الرياض تدخلت لحماية أمنها، ولن تقبل بأي حل لا يحقق هذا الهدف.
ومن شأن الهجوم أن يغير من التعاطي الدولي مع الحوثيين، كونهم ميليشيا مسلحة وليست جهة سياسية يمكن أن يتم التفاوض معها للتوصل إلى اتفاقيات، فضلا عن ارتهانها لإيران وتلقيها التعليمات منها. كما أنه سيوفر دائرة التفهم للتدخل السعودي في الحرب، خاصة مع التأكد الدولي من أن الحوثيين يمتلكون صواريخ إيرانية الصنع.
ووصف خبراء سياسيون التصعيد الحوثي في الذكرى الثالثة لانطلاق عاصفة الحزم بأنه محاولة يائسة لإظهار القوة والتماسك وإخفاء الخسائر التي لحقت بالميليشيا الحوثية خلال الثلاث سنوات الماضية التي شهدت تغيرا في خارطة النفوذ على الأرض لصالح الجيش الوطني اليمني المدعوم من التحالف العربي وتحرير أكثر من 80 بالمئة من مساحة اليمن.
ويسعى الحوثيون من وراء هذا التصعيد لتوجيه ثلاث رسائل مخادعة لا تعكس حقيقة الوضع على الأرض، تتمثل الأولى في إطلاق أكبر عدد من الصواريخ الباليستية الإيرانية دفعة واحدة على الأراضي السعودية للادعاء بأن قدراتهم العسكرية لم تتأثر جراء الحرب، وهي العملية التي يرى مراقبون أنها تخفي خلفها حالة من العجز العسكري الحوثي.
وتباينت الآراء حول دلالات إقدام الحوثيين على مثل هذا العمل غير المجدي على الصعيد العسكري في الوقت الذي يتواجد فيه المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن مارتن غريفيث في صنعاء، وحرص الإعلام الحوثي على تحويل هذه الزيارة إلى رسالة ثانية مفادها تمكنهم من إنهاء حالة العزلة السياسية المفروضة عليهم منذ الانقلاب في سبتمبر 2015.
وتتمثل الرسالة الحوثية الثالثة في الحشد الشعبي الذي دعا إليه المتمردون في ميدان السبعين بصنعاء، الأحد، واستخدامهم لكافة وسائل الترغيب والترهيب لإجبار المواطنين على حضور المهرجان وإنفاقهم مبالغ مالية طائلة في سبيل تحقيق نصر إعلامي خاطف يهدف إلى خداع الرأي العام الدولي وإيهامه بأنهم ما زالوا يتمتعون بحضور جماهيري.
ويشير المحلل السياسي السعودي علي عريشي في تصريح لـ”العرب” إلى أن دوافع سياسية في المقام الأول وليست عسكرية هي التي تقف خلف إطلاق الحوثيين مساء الأحد لسبعة صواريخ على الرياض وجازان ونجران وخميس مشيط.
ولفت عريشي إلى أن إطلاق الحوثيين لهذه الصواريخ التي تم اعتراضها، يهدف إلى بعث رسائل إلى الداخل اليمني تندرج في سياق محاولاتهم لرفع معنويات ميليشياتهم المنهارة، وخصوصا أن تلك العملية جاءت بالتزامن مع دعوة أتباعهم إلى الاحتشاد في ميدان السبعين، إضافة إلى رغبتهم في تجاوز حالة النقمة والرفض الشعبي لهم ولوجودهم منذ حادثة مقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح على أيديهم.
وأضاف عريشي أن “عدد الصواريخ التي أطلقها الحوثيون في توقيت واحد قد تحمل رسالة سياسية أخرى للتحالف حول مقدرة الحوثيين على الحصول على المزيد من الصواريخ المهربة من إيران، وفي كل الأحوال عملية إطلاق الصواريخ بهذه الكثافة فرصة مناسبة للتحالف لتحقيق نقاط أكثر قوة في الملف اليمني في مجلس الأمن وأمام المجتمع الدولي”.
ويؤكد المحلل السياسي اليمني فيصل المجيدي أن التصعيد الحوثي الأخير يحمل عدة دلالات مهمة تصب في اتجاه عدم استعداد الجماعة الحوثية للمشاركة في أي عملية سلام قد تفضي إلى تسليم أسلحتها وهي تريد بهذه العملية أن تقول إن السلاح خط أحمر كما يردد حزب الله في لبنان مثلا.
ولا يستبعد المجيدي وجود أبعاد إقليمية لهذا التصعيد، حيث تريد طهران توجيه رسائل من اليمن عبر ذراعها هنا، في الوقت الذي يعود فيه الحديث عن الملف النووي الإيراني والإشارات المتزايدة حول توجه أميركي لإعادة النظر في الاتفاق النووي مع التنويه إلى أن ذلك يتم بالتزامن مع وجود ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان في واشنطن.
ويرى الباحث السياسي اليمني ثابت الأحمدي أن إطلاق الحوثيين لسبعة صواريخ على الأراضي السعودية، محاولة لاصطناع بطولة وهمية من قبل جماعة الحوثي أمام أتباعها، وأيضا الظهور بنوع من القوة لتحسين شروط أي تفاوض خلال المرحلة المقبلة.
وقال الأحمدي إن هذا التصعيد الحوثي يرسل إشارات سلبية للعالم حول حقيقة الرغبة الحوثية في تحقيق الانخراط في عملية التسوية السياسية للأزمة اليمنية وخصوصا أن هذا التصعيد جاء عقب تزايد الحديث من قبل أكثر من طرف دولي وإقليمي حول القضية اليمنية واتجاهها نحو الحل السياسي، بالتزامن مع زيارة المبعوث الدولي الجديد لليمن.