أيديولوجيا الإخوان المخملية نشرت العنف والتطرف بأوروبا
نظم مركز "تريندز" للبحوث والاستشارات والمؤسسة الأوروبية للديمقراطية ندوة في مقر البرلمان الأوروبي ببروكسل لمناقشة سبل مواجهة التطرف والإرهاب، وخاصة أفكار تنظيم الإخوان.
واستضاف الندوة النائب السويدي لارس أدكتوسن، والنائب البلجيكي جيرارد ديبريز، والنائبة الفرنسية باتريشيا لالوند، أعضاء البرلمان الاوروبي.
وتحدث في الندوة، التي عقدت تحت عنوان " الأيدولوجية والتطرف" وآجي كارلوم الأستاذ بجامعة مالمو، ومجدي عبد الهادي الصحفي السابق في بي بي سي، وريتشارد بورتشل، مدير البحوث والتواصل في مركز "تريندز" للبحوث والاستشارات، ومقره أبوظبي.
واستهدفت الندوة مناقشة أهمية فهم أفكار ومعتقدات جماعات الإسلام السياسي التي تؤدي إلى التشدد وتروج له. وأجمع المشاركون على أنه لا غنى عن هذا الفهم لو أريد أن تكون مكافحة ظاهرة التطرف العنيف المتفشية الآن فعالة.
ونبهت النقاشات إلى أنه رغم هزيمة تنظيم "داعش" وتكثيف التدابير الأمنية، فإن هذا لم يؤد إلى إنهاء تهديد الإرهاب.
وحسب الباحثين، فإن تقرير البرلمان البلجيكي بشأن هجمات بروكسل التي وقعت عام 2016 أوضح بجلاء أن هناك علاقة بين الأيدولوجيات المتطرفة غير العنيفة، مثل تلك التي تتبناها وتدعهم جماعة الإخوان المسلمين، وبين ممارسات التطرف العنيف والإرهاب.
وأوصت الندوة بضرورة التعامل مباشرة مع الأيدولوجيات المتطرفة، بما في ذلك تسييس الإسلام وتأثير المدمر على المجتمعات الأوروبية وغير الأوروبية.
وتحدث أدكتوسن عن وسائل عمل منظمات مثل تنظيم الإخوان على إثارة الشقاق والفصل في المجتمعات عن طريق الدعوة إلى ما تصفه بـ "مجتمع مدني إسلامي" متميز. وأشار إلى أن تلك المنظمات تروج لذلك بدعوى أن تلك هي الوسيلة الملائمة لحماية المسلمين.
وعبر النائب الأوروبي عن اعتقاده بأن مثل هذه الاستراتيجية تخلق في الواقع انشقاقا في المجتمع ، يؤدي إلى تغذية المشاعر السلبية والعداء. وطالب بضرورة العمل على مواجهة هذه المنظمات وفرض القواعد واللوائح والمبادئ الدستورية، القائمة في كل دولة أوروبية، على الجميع دون استثناء.
وأكد أنه لا يجب أن يسمح لأحد بأن يدعي أنه خارج هذه المنظومة من القوانين والقواعد.
واستعرض كالروم تجربة السويد في فهم تنظيم جماعة الإخوان. وانطلق النائب البرلماني من تقريرين، كان هو المسؤول الرئيسي عن إعدادهما، لمصلحة وكالة الطوارئ المدنية السويدية عن الإخوان المسلمين في السويد.
واُعد التقريران خلال أقل من عام وبهما اعترفت الحكومة السويدية بقوة ونفوذ شبكات تنظيم الإخوان ومؤيديها.
وقال كالروم إن هذا الاعتراف كان تحولا رئيسيا في الاعتراف بأهمية التعامل مع التطرف غير العنيف.
وفي هذا السياق استعرض النائب الموقف السويدي، عارضا شرحا لاستراتيجيات وأساليب عمل تنظيم الإخوان في العديد من الدول.
وركز كالروم على قوة الإخوان في تشكيل شبكات المؤيدين والتي من خلالها تنتشر أفكارهم وسبل فهمهم للمجتمع والدين بين المجتمع المسلم بل والمجتمع الأوسع.
وتحدث كالروم عن الطرق التي تتبعها جماعات الإخوان المسلمين في التلاعب بقواعد وقوانين المساعدات الحكومية بهدف الحصول على الأموال بدعوى أنهم يتحدثون نيابة عن المجتمع المسلم كله.
الفشل في الحكم
ونبه النائب السويدي إلى أنه من الغريب أن معظم المسلمين لا يعرفون بالتحديد ما هي الجماعات التي تتحدث بالنيابة عنهم.
وقال عبد الهادي إنه يجب أن يعترف بأن أفكار جماعات الإسلام السياسي جاذبة. وقال إنه أدرك بعد وصولهم إلى الحكم في مصر، النوايا الحقيقية للإخوان وتنظيمهم واتباعهم، مشيرا إلى الازدواج في الخطاب باللغتين العربية والانجليزية الصادر عن الإخوان.
وقال إن قراءة هذا الخطاب يزيد الوعي بالإخوان وفهمهم. وعبر عن اعتقاده بأن هذا الوعي يكشف مكمن الخطر في فكر الجماعة. وقال إن فشلهم في الحكم في مصر وقطاع غزة يكشف عدم قدرتهم على الحكم.
كما استعرض عبد الهادي تجربته في فهم برامج الإخوان بشكل أكثر وضوحا، ما مكنه من الحديث الآن عن أفكارهم ومعتقداتهم "السرطانية".
وبرهن بورتشل على رؤيته عن أهمية الأيدولوجية في فهم كيفية عمل جماعات الإسلام السياسي في الترويج للأفكار والآراء والمعتقدات والممارسات في الوقت الحاضر.
وأشار إلى كيفية تلاعب هذه الجماعات بالإسلام، وتعزيز الشعور لدى المسلمين بأنهم ضحايا، ومن ثم يجب عليهم أن يلتزموا بالإسلام الذي تفهمه وتروج له هذه الجماعات.
ولفت النظر إلى أن مكمن الخطر هنا هو خلق انقسامات في المجتمع وتشكيل جماعات تؤمن بأن القوانين والدساتير المطبقة لا تسري عليهم. وحذر من أن مثل هذا الفكر يهدف إلى تأسيس هذه الجماعات لقوة هي فوق المجتمع.بين الفهم والكراهية
ونصح بورتشل، الذي يعمل في مجال مكافحة التطرف منذ سنوات، بمزيد من العمل للترويج لفهم منظومة المعتقدات لدى الإخوان عن طريق إجراء نقاشات عامة بشأنها. وأكد على أهمية عدم السماح للإخوان بالتحكم في المجتمعات وإشاعة أفكارهم فيه.
بين الفهم والكراهية
وناقشت الندوة أيضا مخاوف بعض السياسيين وغير السياسيين من أن يوصفون بأنهم معادون للإسلام أو كارهون للمسلمين لأنهم يناهضون أجندة جماعات الإسلام السياسي. وأقر المشاركون بصعوبة هذا الموقف، وبأن الكثير من الزعماء السياسيين باتوا يفضلون ألا يصدر عنهم شيء قد يُفسر بطريقة سلبية.
غير أنه تم الاتفاق على ضرورة أن يطلب هؤلاء السياسيون المشورة بشأن كيفية مواجهة مثل هذه المواقف. وأقر المشاركون بأنه ليست هناك وسائل سهلة لمقاومة هذا الاتجاه سوى التصميم على التمسك بالقيم والمعتقدات التي يدافع عنها هؤلاء السياسيون.
ونوقشت أهمية دور التعليم في مواجهة أفكار الإخوان المسلمين، لكن المشاركين حذروا في الوقت نفسه من إمكانية استغلال التعليم من جانب جماعات الإسلام السياسي للترويج لرؤي خطيرة للدين الإسلامي، وطالب المشاركون أجهزة الدولة وأولياء الأمور بأن يحذروا ويحرصوا على معرفة ما يتلقاها أبناؤهم لضمان حرية التفكير واكتساب مهارات التفكير النقدي في إطار عملية التعليم.