ماذا يدبر لحضرموت وفي حضرموت؟
د. عيدروس النقيب
- القرصنة ليست دعماً للقضية الفلسطينية
- القضية الجنوبية ومعضلة الخط المستقيم(1)
- لحظات في حضرة اللواء الزبيدي
- بين عبد الملك ومعين عبد الملك
ما تزال الأنباء المسربة والمعلنة تتدفق من ثقوب القنوات المنفلتة أو المقفلة بدون إحكام، وكلها تؤكد إصرار الطرف المتحكم برقبة الشرعية على الاستمرار في صناعة الأزمات المتوالية في معالجة المشهد السياسي في البلد.
حضرموت في الواجهة كما كانت على الدوام، والمتحكمون في قرارات الشرعية متفوقون في توريطها (أي الشرعية) في مزيد من الخيبات، من خلال ما يسمونه بــ"إقليم حضرموت" والزج بها في صراع ليس فقط مع أبناء حضرموت وقواهم الفاعلة ومع القوى الجنوبية وعلى رأسها المجلس الانتقالي الجنوبي، بل كما في كثير من المرات، مع التحالف العربي، الذي جاء من أجل مساعدتهم في العودة إلى صنعاء، فإذا بهم يمضون بحركة "إلى الخلف دور" والسير باتجاه حضرموت والاستغناء عن صنعاء، ومعها 13 محافظة شمالية.
الإصرار على الحديث عما يسمى بــ"إقليم حضرموت" لا يمثل استخفافا بأبناء حضرموت وبقية المحافظات التي يراد ضمها إلى هذا المسمى النكرة بل وازدراء لكل أبناء الجنوب وأبناء الشمال، وبكل أشكال المنطق: العقلي والقانوني والسياسي والاستراتيجي وحتى التكتيكي، لأنه لا يمكن لأي كائن ولو بنصف عقل أن يتصور، أن قيادة عبثت بكل شيء وفرطت بكل شيء وفشلت في كل شيء وأنهكت شعبها وشعوب الجيران واستنزفت جزءً من عمر هذا الشعب اتكاءً على وعد أبنائه الرخاء والرفاهية والمستقبل الوردي بعد العودة إلى صنعاء، فإذا بها تتجه نحو عكس ما وعدت والسير في طريق المواجهة مع الكل من أجل حفنة من الطفيليين العاجزين والكسالى في إنجاز أصغر المهمات وأخفها، وإشباعاً لأهوائهم فقط وتتناسى ملايين المواطنين الذين وعدتهم بالمن والسلوى فأذاقتهم ما هو أمر من الأمرين.
الحديث عن "إقليم حضرموت" وفي هذا الظرف الذي يستفحل فيه الفشل السياسي والأخلاقي والعسكري والأمني في عمل السلطة الشرعية إنما ينبئ عن أحد أمرين: إما استحكام الغباء والشيخوخة الذهنية لدى صناع القرار في السلطة الشرعية، وإما إن هؤلاء لديهم أمر خفي من تلك الأمور التي تدفع بالبلد نحو مزيد من التوتر والاندفاع باتجاه الهاوية، يتسترون عليه من خلال هذه الفقاعات وسيفاجئون به العالم في لحظة من اللحظات.
الحديث عن إقليم حضرموت، يضع الشرعية في مواجهة مباشرة مع من لا يزالون يراهنون على حدوث معجزة، ونجاح الشرعية في شيء ولو كان تافها، وقبل هذا المواجهة مع الشركاء الإقليميين وعلى رأسهم الشقيقة السعودية، من خلال التهرب من تنفيذ اتفاق الرياض الذي رعته المملكة وساهمت في صياغته وحرصت على توفير كل ممكنات نجاحه.
حضرموت حسمت أمرها وقال أبناؤها نحن إقليم في دولة الجنوب، وكذلك قالت المهرة وسقطرى وشبوة، التي يقاوم أهلها الأحرار سياسات القتل والإرهاب التي تمارس بحق أبنائهم.
ما يدبر لحضرموت هو لعبة عبثية يتسلى من خلالها الساسة العاطلون عن العمل، بحياة ومصير مليوني مواطن في المحافظات الأربع، وسيفشلون.
وما يجري في حضرموت وشبوة والمهرة وسقطرى، إصرارٌ شعبي يتعمق يوما عن يوم على التمسك بالهوية الجنوبية، والمضي قدما نحو مستقبل مختلف عما يخطط له أساطين النهب وعتاولة السلب والاستحواذ، ويعلم أهل المحافظات الأربع أن لا مستقبل لهم ولا أمن ولا تنمية ولا حرية إلا بالانعتاق من نتائج غزوتي 1994م و2015م وتجربة ثلاثة عقود قد علمت من لم يتعلم.
ستفشل محاولة إعادة بث الروح في مشروع 7/7/1994م وسيثبت أبناء حضرموت ومعهم بقية المحافظات وكل الجنوب أنهم ليسوا قطع شطرنج ميتة، يحركها العابثون وصناع الخيبات والهزائم كما يشاؤون وحينما سشاؤون، وأن حضرموت وشبوة والمهرة وسقطرى ليست أرض بور بلا مالك ليتسابق عليها المتسابقون من المشردين والمتشردين ، ولا تصلح أن تكون وطناُ بديلاً لمن تركوا أرضهم وديارهم ولاذوا بالفرار حفاظا على أرواحهم.
سيفشل المشروع العبثي، وسيعود أصحابه خائبين مثل كل مرة وستنتصر الإرادة الجنوبية في حضرموت والمهرة وشبوة وسقطرة وكل الجنوب.
"ولَكِنَّ أَكْثَرِ النَّاْسِ لّاْ يَعْلَمُون".