أزمة اليمن وفلسفة إدارة بايدن.. هل يجوز مسك العصا من المنتصف؟
مع تولي الإدارة الأمريكية بقيادة جو بايدن مهام عملها بشكل رسمي، أثيرت الكثير من التساؤلات حول الفلسفة التي تتعامل بها واشنطن مع الأزمة في اليمن المعقدة، باعتبار أنّ الولايات المتحدة إحدى القوى الدولية الفاعلة والقادرة على تغيير بوصلة الكثير من الأمور.
وفي الوقت الذي كانت قد أعلنت فيه إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب التوجّه نحو تصنيف المليشيات الحوثية تنظيمًا إرهابيًّا، جاءت الإدارة الجديدة لتعلن التراجع عن هذه الخطوة، وهو أمرٌ تعاطت معه المليشيات الحوثية بالتمادي في عملياتها الإرهابية باعتبارها قد حصلت على الضوء الأخضر لتتمادى في إجرامها.
لكن في خطوة أخرى، تحمل ربما محاولة من واشنطن لما يمكن اعتباره مسك العصا من المنتصف، فقد أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية اعتزامها مواصلة مراقبة أنشطة مليشيا الحوثي المزعزعة للاستقرار في البحر الأحمر والهجمات على السعودية.
وقررت الوزارة الأمريكية أيضًا إبقاء العقوبات على قيادات المليشيات الإرهابية عبد الملك الحوثي وعبد الخالق بدر الدين الحوثي وعبد الله يحيى الحاكم على قائمة العقوبات التي وضعتها واشنطن.
وترسيخًا لهذه الفلسفة في التعامل، فقد أكّدت وزارة الخارجية الأمريكية أنه لا يوجد حل عسكري للنزاع في اليمن، مشددة على ضرورة إيجاد حل دبلوماسي.
وقالت في بيان، إن الولايات المتحدة الأمريكية أولويتها إنهاء الحرب، وتعهدت بزيادة الضغط على مليشيا الحوثي الإرهابية، موضحة أنها لا تثق بالمليشيات مع استمرار الهجمات على الشركاء في المنطقة.
وجددت الوزارة تأكيدها على التزامها بدعم السعودية في الدفاع عن أراضيها والتصدي للأنشطة الخبيثة للمليشيات المدعومة من إيران.
هذه المواقف المتزامنة من قِبل الولايات المتحدة يمكن القول إنّها تمثّل محاولة للعب على وترين، فمن جانب لا تميل الإدارة الجديدة لاتخاذ مواقف قد تبدو شديدة التطرف والحزم تجاه الحوثيين تجاه التصنيف الإرهابي.
وفي الوقت نفسه، يبدو أنّ الولايات المتحدة لا تريد خسارة شركاء إقليميين يتعرضون لاستهداف من قِبل الحوثيين، والحديث تحديدًا عن المملكة العربية السعودية التي طالتها الكثير من العمليات الإرهابية من قِبل المليشيات، وحتى لا تفقد واشنطن حلفاءها فهي تحاول أو على الأقل تعلن التوجه نحو ممارسة ضغوط على الحوثيين لوقف هذه التهديدات.
بالنظر إلى ذلك، فإنّ كثيرًا من المحللين يعتبرون أنّ سياسة مسك العصا من المنتصف ربما يكون قد تجاوزها الزمن، وأنّه من غير المناسب أبدًا التعامل مع الإجرام الحوثي المتصاعد وفقًا لاستراتيجية رخوة وسياسة ناعمة، لا تُظهِر عينًا حمراء للمليشيات.
ما يبرهن على ذلك هو أنّه مع كل موقف سياسي يُظهِر نوعًا من أنواع التراخي مع الحوثيين، فإنّ المليشيات الموالية لإيران ترد على ذلك بالتمادي في عملياتها الإرهابية، وتجلّى ذلك بشكل واضح مؤخرًا، عندما أعلنت واشنطن التراجع عن تصنيفها تنظيمًا إرهابيًّا، فردّت على ذلك بتسريع وتيرة عملياتها الإرهابية والإجرامية.
يُشير هذا كله إلى أنّ كبح جماح الإرهاب الفظيع الذي تمارسه المليشيات الحوثية ربما يحتاج عينًا حمراء حاسمة لا تعرف المواربة، وذلك من خلال ممارسة كافة أنواع الضغط الممكنة على المليشيات الإرهابية لإخماد لهيب نيران حربها المسعورة واعتداءاتها الغاشمة والمروعة.