صحيفة دولية: تحركات غريفيث أكثر واقعية في التعامل مع القوى البارزة على الأرض
يختتم المبعوث الأممي إلى اليمن، مارتن غريفيث، جولته الثانية للمنطقة بزيارة للعاصمة السعودية الرياض، الأربعاء، بلقاء الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي وشخصيات يمنية أخرى موجودة في الرياض، وذلك عقب برنامج زيارات مزدحم في مسقط وأبوظبي تضمن لقاءات متعددة بمسؤولين عمانيين وإماراتيين، إلى جانب لقاءاته بممثلين عن المكونات اليمنية الرئيسية مثل الحوثيين وحزب المؤتمر وقيادة المجلس الانتقالي الجنوبي التي التقى بها غريفيث للمرة الأولى في العاصمة الإماراتية أبوظبي، وذلك بحسب ما أوردت يومية "العرب" اللندنية.
وعلمت “العرب” أن غريفيث التقى في أبوظبي بالسفير أحمد علي، نجل الرئيس السابق علي عبدالله صالح وهو واحد من الشخصيات التي يتوقع اليمنيون أن تلعب دورا محوريا في إخراج اليمن من أزمته.
وتطرق اللقاء إلى رفع العقوبات الدولية عن أحمد علي عبدالله صالح باعتبار أن لا أساس قانونيا لها.
وقال مسؤول يمني بارز قريب من أجواء جولة غريفيث طلب عدم ذكر اسمه “من خلال الانطباعات التي تشكلت بعد لقاءاته في صنعاء ومسقط فإنها جولة استطلاعية للتعرف على وجهات نظر الأطراف والشخصيات القيادية الفاعلة يحاول من خلالها التهيئة لمشاورات جديدة”.
وأضاف أن المبعوث الأممي “لم يحمل مبادرة محددة ولكنه طلب من مخاطبيه تصورات عملية بشأن أجندة الحوار وموضوعاتها ليتسنى له وضع مشروع إطار عام لمبادرة تحوز على دعم واسع″.
وأشار مراقبون سياسيون إلى أن تحركات المبعوث الدولي الجديد تتميز عن سابقيه بحرصه على الاطلاع بصورة أشمل على تفاصيل المشهد اليمني والتعرف على وجهات نظر الأطراف الفاعلة فيه وهو الأمر الذي دفعه إلى لقاء ممثلين عن المجلس الانتقالي الجنوبي القوة التي يرى العديد من الخبراء أنها تحظى بشعبية واسعة في الشارع اليمني الجنوبي.
ووفقا لبرنامج المبعوث الأممي يختتم غريفيث جولته الثانية للمنطقة بزيارة للعاصمة السعودية الرياض يلتقي خلالها بمسؤولين رفيعي المستوى في الدولة التي تقود التحالف العربي لدعم الشرعية، إضافة إلى لقاءات من المتوقع أن يجريها مع الرئيس اليمني وأركان حكومته.
وتتمحور استراتيجية المبعوث الأممي الجديد بحسب مراقبين على استكمال المفاوضات اليمنية من النقطة التي انتهت إليها مشاورات السلام التي استضافتها الكويت في منتصف العام 2016. كما يحرص غريفيث على صياغة برنامج زمني أكثر واقعية، لتنفيذ بنود أي خطة للسلام، تحظى بموافقة الفرقاء اليمنيين وتعزيز خططه للتسوية بضمانات دولية وإقليمية لمراقبة التنفيذ.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ”العرب” إن المبعوث الأممي يسعى من خلال جولتيه في المنطقة منذ تعيينه والتي شملت زيارة الرياض وصنعاء في مارس الماضي قبل أن يقوم بزيارته الثانية لمسقط وأبوظبي قبل عودته مجددا للرياض، يسعى للخروج برؤية شاملة لتعقيدات الملف اليمني، من المتوقع أن يستند إليها في إحاطته الأولى لمجلس الأمن منتصف أبريل الجاري
ويصف مراقبون تحركات غريفيث المدعومة بقوة من بريطانيا ودول الاتحاد الأوروبي بأنها أكثر واقعية في التعامل مع القوى البارزة على الأرض والتي سيسفر أي توافق في ما بينها عن انتهاء حقيقي لأسباب الصراع في اليمن المستعر منذ العام 2011 والذي أخذ اتجاها أشد عنفا وحديّة منذ الانقلاب الحوثي في سبتمبر 2014.
وفي هذا السياق يرى الباحث والمحلل السياسي اليمني هاني مسهور أن جولة غريفيث تحمل العديد من المؤشرات الإيجابية من ناحية الانفتاح على الأطراف اليمنية المختلفة، لافتا إلى أنه لا يزال يتعين عليه الالتقاء بقيادة المؤتمر الشعبي العام خاصة في أبوظبي والقاهرة باعتبار المؤتمر يمثل قوة سياسية تمتلك الحصة البرلمانية الأكبر.
وأضاف مسهور في تصريح لـ”العرب” أنه على الأمم المتحدة العمل على احتواء مكون المؤتمر الشعبي عبر إيجاد صيغة سياسية تلملم شتات الحزب سياسيا، كما هو حال المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يعتبر مظلة للمكونات الجنوبية حيث مثل لقاء غريفيث بقيادة المجلس خطوة في الاتجاه الصحيح.
ونوه مسهور في تصريحه لـ”العرب” إلى ضرورة مضاعفة الضغط الدولي على طرفي الصراع اليمني، لبدء مرحلة تنقية الأجواء وإبداء النوايا الإيجابية للانفتاح على عملية سياسية تشمل الجميع وتبني جسورا سياسية قوية للخروج من هذه الأزمة التي دفع ثمنها الشعب اليمني.
وفي تصريح مقتضب لـ”العرب” حول نتائج اللقاء الذي تم بين ممثلين من حزب المؤتمر والمبعوث الأممي، قال عضو اللجة العامة لحزب المؤتمر فهد دهشوش الذي حضر اللقاء إنه لا يزال من المبكر الحكم على أداء غريفيث، مضيفا “لكنا لمسنا منه الحرص على تحقيق إنجاز ما والفهم العميق للمشكلة اليمنية ودواعي ومخاوف كل طرف”.
وتترافق الجهود الأممية والدولية لإحياء عملية السلام في اليمن مع معطيات جديدة على الأرض من أبرزها التقدم الذي تحرزه قوات الجيش الوطني اليمني في عدة جبهات من بينها جبهات صعدة الأربع التي نقلت المعركة إلى داخل العمق الاستراتيجي والعسكري للجماعة الحوثية.
ويجزم العديد من الخبراء في الشأن اليمني بصعوبة إجبار الحوثيين على التوقيع على أي اتفاق سلام فضلا عن الالتزام به، ما لم تستشعر الجماعة بأن وجودها معرض للخطر جراء خسارتها للمزيد من المناطق التي تعتبر أنها تمثل عمقها المذهبي.