صحيفة دولية: مقتل الصماد يفاقم الضغوط على الحوثيين في اليمن
يشكل مقتل القيادي الحوثي صالح الصماد رئيس “المجلس السياسي” ضربة قاسية للمتمردين الذين يسيطرون على العاصمة صنعاء، ونجاحا للتحالف العربي سيؤدي إلى المزيد من إضعاف الانقلابيين ودفعهم إلى تقديم تنازلات تقرب الخطوات نحو الحل السياسي والتقليص من التدخلات العسكرية.
واعتبر مراقبون مقتل الصماد في هذا التوقيت الذي تحتشد فيه قوات الجيش الوطني اليمني مدعومة بالتحالف العربي على مشارف مدينة الحديدة الاستراتيجية وانتقال المعارك إلى عمق محافظة صعدة مؤشرا على حالة الانهيار الشامل التي تمر بها الجماعة على مختلف الأصعدة لا سيما السياسية والعسكرية.
يشير مصطفى علاني، من مركز أبحاث الخليج، إلى أن الحوثيين يدفعون نحو عسكرة الصراع، ويقول إنه “لا يوجد أي خيار آخر (سوى الخيار العسكري) في هذه المرحلة. الحوثيون ليسوا مرنين في التوصل إلى تسوية سياسية”، مؤكدا أن “التحالف يحقق تقدما حقيقيا على الأرض”. ويرى علاني أن التحالف حقق تقدما طفيفا على الصعيد الميداني، مشيرا “ليست انتصارات كبيرة، لكنها تتقدم ببطء شديد” على أربع جبهات.
ويشرح أن الأهداف حاليا هي “صعدة (شمال) العاصمة الأيديولوجية للحوثيين وهم من الأقلية الزيدية، وصنعاء العاصمة السياسية، بالإضافة إلى تعز (جنوب غرب) العاصمة الاقتصادية، والحديدة وهي ميناء كبير على البحر الأحمر”، ويضيف “من الهام أن هناك تقدما نحو هذه الأهداف الأربعة. ليس سريعا للغاية ولكنه تدريجي”.
ويعتبر آدم بارون، المحلل في معهد المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، أن مقتل الصماد “أكبر نجاح للتحالف حتى الآن، ودليل على أن قدراته الاستخباراتية تطورت”. ورجحت المصادر انعكاس هذه التطورات بشكل مباشر على جبهات القتال المختلفة في ظل فشل أي من قيادات الجماعة الحوثية في تعويض الخسائر البشرية والمادية التي منيت بها.
وكان الصماد واجهة الحوثيين في المفاوضات السياسية محليا وخارجيا، وقد ترأس أول وفد رسمي للجماعة إلى طهران في الأول من مارس، وأعلن عقب عودته عن تنظيم رحلات للطيران الإيراني إلى صنعاء، وتوقيع اتفاقيات مع الحكومة الإيرانية تتعهد بموجبها بدعم سلطة الحوثيين في مجالات الكهرباء والمشتقات النفطية.
ويشير علاني إلى أنه وبالإضافة إلى الصماد، وهو أول قيادي سياسي حوثي يتعرض للقتل، هناك “25 قائدا عسكريا على الأقل” قتلوا، مؤكدا “هذا أمر هام. إنها انتكاسة. لأن هؤلاء الأشخاص لديهم دائما طريقة لحماية أنفسهم، وتحركاتهم دوما سرية للغاية. ويعرفون أنهم مستهدفون”. وتوقعت مصادر مطلعة أن تشهد الفترة القادمة المزيد من الخسائر في صفوف القيادات الحوثية التي تنتمي للصف الأول، وهو ما سيلقي بظلاله بشكل متصاعد على معنويات أتباع الجماعة وسيؤدي بالتالي إلى خسارة الحوثيين للمزيد من المناطق التي لا تزال تحت سلطتهم وخصوصا في جبهات الساحل الغربي وصعدة والبيضاء وتعز.
ووصف فهد طالب الشرفي، القيادي في حزب المؤتمر وأحد أبناء صعدة في تصريح لـ”العرب”، خسارة الحوثيين للصماد بأنها كبيرة، مشيرا إلى أن زعيم الجماعة الحوثية كان يعول إلى حد كبير على كاريزما ومرونة الصماد في إدارة العديد من الملفات التي فشلت فيها قيادات حوثية أخرى، كما كان يستثمر وجوده الرمزي على رأس الانقلاب لإرضاء شريحة واسعة من أبناء القبائل في محافظة صعدة التي ينتمي إليها الصماد، فيما يمثل مقتله انتكاسة كارثية على تماسك الميليشيا الحوثية في جبهات محافظة صعدة التي انتقلت إلى عمق مناطق النفوذ الفكري للجماعة ومعاقلها الأساسية في مران وضحيان التي باتت في مرمى استهداف قوات الجيش الوطني التي تحاصر صعدة من أربعة محاور.
وفشلت كل المفاوضات ومحاولات التوصل إلى وقف لإطلاق النار في اليمن منذ سيطرة المتمردين الحوثيين، المدعومين من إيران، على العاصمة صنعاء في سبتمبر 2014، وتدخل تحالف عسكري بقيادة السعودية في النزاع في مارس 2015 لدعم حكومة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي. وينتقد خبراء أميركيون الدور الأميركي في اليمن، مشيرين إلى أنه وفي الوقت الذي تشارك فيه القوات الأميركية بشكل مباشر في تعطيل تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية، لا يقدم الجيش الأميركي سوى دعم محدود غير قتالي للجهود التي تقودها السعودية لهزيمة الحوثيين.
ويؤكد الخبراء ضرورة دعم التحالف العربي، مشيرين إلى أن مقتل الصماد يعني سيطرة الجناح المتشدد داخل جماعة الحوثي بقيادة مهدي المشاط، الذي تمت تسميته خليفة له، ما قد يلقي بتداعيات خطيرة على الحرب في اليمن، وفرص السلام الذي وعد المبعوث الأممي إلى اليمن البريطاني مارتن غريفيث برسم خارطة جديدة له في غضون شهرين. ويقلل المحلل السياسي اليمني فارس البيل من أهمية تعيين المشاط بدلا من الصماد قائلا إنه “لا يعني سوى محاولة الحوثيين الظهور بمظهر المتماسك أو القادر على التحكم بالسلطة”.
وفي 17 من أبريل الماضي، تعهد غريفيث أمام مجلس الأمن بتقديم “إطار للمفاوضات في غضون شهرين”، ولكن أسلافه فشلوا في التوصل إلى حل للنزاع اليمني. ويشير علاني إلى أن غريفيث قد تكون لديه “فرصة أكبر” للنجاح “بسبب تزايد الضغوط العسكرية” على الحوثيين، مشيرا إلى أنهم قد يكونون مستعدين “للتنازل سياسيا” نتيجة ذلك. ويحذر تقرير صدر عن مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات من تنامي نفوذ تنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية نتيجة الفراغ في السلطة الذي ترسخه إيران في اليمن، مشيرا إلى أن الجماعات السلفية الجهادية الإرهابية وإيران تشكلان تهديدا كبيرا لأي محاولة للتوصل إلى حل سياسي لإنهاء هذا النزاع.