علم الجنوب ثمنه حياة آلاف الشهداء

(علم الجنوب ثمنه حياة آلاف الشهداء الجنوبيين).. عبارة يعرف معناها العدو قبل الصديق.. ويعرفها جيدًا، وتمامًا، كل أحرار وحرائر الجنوب الأبي.

اقولها، وبالفم المليان، لن أخرج للمشاركة يوم الجمعة في تلك المظاهرة، ليس لانني اعيش بترف، وليس لانني املك أموالًا تغنيني عن الخدمات، بل إنني متضرر من تردي الخدمات مثل أي مواطن جنوبي، فوالله أن المعاناة تنخر في أجسادنا، وتنهشه نهش.

لكن، أن يصل الأمر إلى أن يُمس علم ضحى من أجل أن يرفرف عاليًا آلاف الشهداء، وجُرحى مثلهم وأكثر، فذلك غير مسموح به اطلاقًا، وتحت أي مبرر، فمهما كان الثمن، ومهما كان الأمر بسيطًا، ومهما كان الحدث صغيرًا، ومهما كانت القضية بعيدة عن الجانب السياسي أو العسكري أو غيره، لا يستطيع أحد، كان من كان، أن يفرض عليّ عدم رفع علم الجنوب الذي يعتبر (عرض، وشرف، وعنوان) كل جنوبي وجنوبية حر/ة.

ولنفترض أن الأمر ليس مُعدًا له.. وأن ذكرى إعلان ما تسمى بـ"الوحدة اليمنية" المنتهية، والتي تصادف يوم الأحد القادم، جاءت مصادفة مع الدعوة للمظاهرة في العاصمة الجنوبية عدن، مع عدم رفع علم الجنوب، وأن الأمر يتعلق بالمطالبة بخدمات فقط.. إذًا هل نعتبر أن طلب "عدم رفع العلم الجنوبي" مساومة؟ أي إذا لم يُرفع العلم الجنوبي سنوفر لكم الخدمات؟!
هل هكذا أصبح الأمر؟

هل تناسى البعض أن ثورتنا الجنوبية المباركة اندلعت لأجل استعادة هوية، ووطن، وأرض، وعرض، وشرف، وكرامة؟.

هل تناسى البعض أن ثورة أبناء الجنوب الأحرار كانت لأجل استعادة دولة الجنوب كاملة السيادة على حدود ما قبل 21 مايو/ أيار 1990م؟
هل تناسى البعض شعارنا الذي يقول "أما استعدنا الكرامة أو الموت وسط الميادين"؟.. لم يقل الشعار أما استعدنا الماء والكهرباء.. بل قال الكرامة التي سلبتها ما تسمى بـ"الوحدة اليمنية" سيئة الصيت.

علينا أن نعلم جيدًا.. إن سلاح الخدمات يتم استخدامه لأجل ضرب القضية الجنوبية، وتذكروا كلامي جيدًا.. لو خرج أبناء الجنوب ليقولوا أنهم لا يريدون استعادة دولة، ولا يريدون وطن، ولا هوية، فقط يريدوا (ماء، وكهرباء، واسعار منخفضة، وغاز)، فوالله أن الاعداء سيوفروها لهم في نفس اليوم.

الأوطان ليس ثمنها كنوز العالم أجمع.. وتضحيات الشهداء الميامين، والجرحى الابطال ليست رخيصة ليكون مقابلها (كهرباء، وماء).

نُدرك مدى المعاناة التي يعانيها شعبنا الجنوبي، وانا أحد أفراد هذا الشعب الصامد، الذي يذوق المعاناة من كل النواحي، لكن عندما يصل الأمر إلى علم الدولة التي نسعى إلى تحقيقها، وإلى ضرب الهوية، والتاريخ الجنوبي العظيم فهذا غير مقبول، ولن نسمح به، وسيستمر النضال تحت أي ظرف، وأي معاناة.

تحية عظيمة إلى كل شرفاء الجنوب، وكل حرائر الجنوب الأبي، الصامد كصمود الجبال الرواسي.