العاصمة عدن حلم بعيد المنال للشرعية الإخوانية
رأي المشهد العربي
لا يمكن الفصل بين هروب الحكومة من العاصمة عدن على نحو مفاجئ وبين حالة التصعيد العسكري الملحوظة للشرعية الإخوانية في محافظات الجنوب، ويبدو واضحا أن توالي وصول العناصر الإرهابية إلى وادي حضرموت وشبوة وأبين خلال الأيام الماضية يستهدف بالأساس عاصمة الجنوب، غير أنها تبقى حلما بعيد المنال بعد أن أضحت العاصمة محصنة بقوة عسكرية صلبة وقيادة سياسية تدرك حجم المؤامرات التي تحاك ضد الجنوب وتصدها أولا بأول.
تسعى مليشيات الشرعية للعودة إلى أوضاع ما قبل شهر أغسطس من العام 2019، والتي كانت فيها المجاميع الإرهابية تهدد أمن العاصمة عدن، قبل أن يجري طردها من جانب القوات المسلحة الجنوبية، وبالتالي فإنها تحاول حصارها عبر خطوات عديدة عسكرية وخدمية لكن كل مؤامراتها تحطمت على صخرة الجنوب الصلبة شعبيا وسياسيا وعسكريا، وتظهر نتائج ذلك من خلال خضوعها لاتفاق الرياض وفشلها في اختراق مواقع القوات المسلحة الجنوبية وعدم قدرتها على خلق ظهير شعبي لها إذ أن المظاهرات تلاحقها في كل وقت وحين.
الهدف الأساسي للشرعية الإخوانية من احتلال العاصمة عدن هذه المرة يتمثل في إيجاد معقل بديل لها بعد أن اقتربت من خسارة معقلها الرئيسي في الشمال بمحافظة مأرب، كما أنها تحاول بشتى الطرق تخريب اتفاق الرياض وإفراغه من مضمونه وخلق أمر واقع جديد من الجنوب من خلال تواجدها في عاصمة الجنوب، هذا إلى جانب مساعيها المستمرة لعرقلة جهود المجلس الانتقالي الجنوبي نحو استعادة دولة الجنوب ومحاولة شغله في قضايا أخرى فرعية بعيدا عن قضية الجنوب الأساسية.
تتحرك الشرعية الإخوانية بتعليمات قوى إقليمية معادية للجنوب والتحالف العربي من أجل خلط الأوراق مجددا في محافظات الجنوب والدخول في دائرة مفرغة أخرى من المفاوضات مع الشرعية الإخوانية التي أضاعت أكثر من عامين للوصول إلى اتفاق الرياض وبتنفيذ بنوده على الأرض قبل أن تسعى لتخريبه مجددا، وهو أمر يستهدف استنزاف طاقات المجلس الانتقالي الجنوبي والتحالف العربي أيضا، بما يساعدها على تقسيم الجبهات بينها وبين المليشيات الحوثية بل أن مساعيها تُفسح المجال أمام عودة الحوثي للجنوب مرة أخرى.
هناك جملة من العوامل التي تبدد مؤامرات الشرعية ضد العاصمة عدن، إذ أن هناك قوات مسلحة جنوبية استطاعت أن تفرض نفسها رقما صعبا في أي صراع عسكري بالجنوب، إلى جانب وجود المجلس الانتقالي بكل ثقله السياسي داخل عدن ومجابهته حروب الشرعية على المستويات السياسية والخدمية المختلفة، ونهاية برفض أبناء الجنوب إتاحة أي ثغرة من الممكن أن تنفذ عبرها الشرعية لعاصمتهم مرة أخرى.
أصبح لدى المجلس الانتقالي خبرات عديدة في التعامل مع إرهاب الشرعية وممارساتها الاحتلالية، ودائما ما يستبق تحركاتها بإجراءات تدحض مؤامراتها، ولعل تبني المجلس خططا تنموية وخدمية لانتشال العاصمة عدن من الفراغ الذي تسببت فيه الشرعية عبر دفعها لهروب الحكومة يعد أكبر دليل على ذلك، كما أن الانتقالي يتعامل بحنكة مع عملية النزوح السياسي المستمرة من الشمال، إلى جانب كثير من الأزمات التي تحاول الشرعية إثارتها في الجنوب وهو ما يجعل حلمها بعيد المنال.