أرصفةً البؤس …مأوئً لنازحي اليمن!

الأحد 29 إبريل 2018 14:00:13
أرصفةً البؤس …مأوئً لنازحي اليمن!

يشرقُ الصباح على منزل (أم أحمد) المتهالك، بائس، وحزين، فمأواها المكوّن من الصفيح، هي وعائلتها، صار المكان الوحيد الذي يحميهم من قساوةِ الظروف المعيشية الصعبة، بعد أن نزحوا من مديريةِ حرض الحدودية جرّاء القصف المستمر على المدينة.
تتجددُ معاناة(أم أحمد)، ولا تدري من أين تبدأ يومها الصباحي الملبّد بالتفكيرِ المضني…لا غاز…لا ماء…ولا طحين، ولا حتى طعام يسد رمقها، ورمق أطفالها، الذين هم فقدوا والدهم في قصفِ إحدى الفنادق السياحية التي كانت تقدم خدماتها للمسافرين المارين بمنفذ حرض البري المحاذي للمملكةِ السعودية.
دخلت اليمن عامها الرابع من الحربِ الشرسة، وبمرورِ ألف يومٍ من الصراع والتدمير المتواصل، والأزمة الاقتصادية، والحظر البري، والجوي، والبحري، والذي ضاعف من معاناة (30) مليون يمني، ما أدى إلى نزوحِ الكثير من العائلات وتشردها من بيوتها، ومدنها، وقراها….دون أي بادرةِ أملٍ تخفف المعاناة والأوضاع الإنسانية التي تزداد سوءا.

أرقام صادمـــة!

أشار تقرير نشرته مؤخرا المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) بالاشتراك مع المنظمة الدولية للهجرة (IOM) بأن عدد من شردهم الصراع الدائر في اليمن قد ارتفع إلى نحو 3.2 مليون شخص، منهم 2.2 مليون ظلوا مشردين في أنحاء البلاد، بينما عاد إلى ديارهم حوالي 950 ألف شخص، لكنهم يعدون نازحين، بسبب شدة ضعفهم وعيشهم ظروفاً مشابهة للنازحين.
وأعلن هذا الرقم الجديد عقب تقرير سابق للوكالتين، أفاد بأن إجمالي عدد النازحين وقف عند 2.8 مليون نسمة.
وفي بيان صحفي تم تخصيصه للإعلان عن التقرير، قالت نائب ممثل المفوضية السامية في اليمن، إيتا شويت، إن (الأزمة تجبر المزيد من الناس على ترك ديارهم بحثا عن الأمان)، مضيفة أنه نظرا لتصاعد الصراع وتفاقم الأوضاع الإنسانية سجل النزوح ارتفاعاً في جميع أنحاء البلاد بنسبة قدرها 7%، بقدر 152 ألف وتسعة أشخاصا فروا من العنف خلال هذه الفترة.
واعتبر التقرير الدولي العاشر الذي أعده فريق العمل المعني بحركة السكان والفريق الفني العامل في الوكالتين أن عددا كبيرا من النازحين يحاولون العودة إلى ديارهم، بحيث ارتفع عن أبريل بمقدار 24 في المائة (184,491شخص).
ومع ذلك، حذر من أن(عودة السكان ظلت نشطة وارتبطت بفترات توقف العمليات القتالية والهدنة، أو التحسينات الأمنية الملحوظة في مواقع الصراع المختلفة).

أرسلهم للجولات

أطفال خمسة جميعهم قُصّر، حُرموا من أبسط مقومات الحياة، تقول: أم أحمد بمرارةٍ عن وضعها كيف كان قبل الحرب، وكيف صار بعدها): كنّا نعيش بكرامة…. ما أحد مد يده إلينا، وإلا نقوم بمساعدته…تمسح دمعة تدحرجت على خدها وتضيف: حتى أنني أخاف على أبنائي من الضياع، وعدم مواصلة تعليمهم، كوني أرسلهم إلى الجولات ليجمعوا ما نعتاش عليه، وأثنين منهما يعملان في غسلِ زجاج السيارات…ولا أحد يكترث لنا، وقد ينتهي النهار دون أن يعودوا بشيء).!

الحربُ التي شرّدت العشرات من اليمنيين من قراهم، ومدنهم، وبيوتهم، دفع ثمنها هؤلاء البسطاء الذين هم لا ناقة لهم ولا جمل فيها، ذنبهم أن وضعهم حظهم العاثر في جغرافيا تشهد صراعاتٍ تاريخية نغصت استقرارهم والعيش بكرامة، و(أم أحمد) حالة من عشراتِ الحالاتِ أمثالها.

نشر مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية(أوتشا) مطلع العام الجاري 2018م أنه يحتاج ملايين من الأشخاص في اليمن إلى المساعداتِ الإنسانية لضمان حصولهم على ضرورياتِ الحياة، فهناك ما يقدر بحوالي 8.17 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و16 مليون شخص يفتقرون إلى المياه الآمنة، وخدمات الصرف الصحي، و4.16 مليون يفتقرون إلى الرعايةِ الصحية الكافية، اشتدت الاحتياجات وزادت في جميعِ أنحاء البلاد منذو يونيو 2017م، حيث يوجد 3.11 مليون شخص في حاجة شديدة للمعاناةِ الإنسانية.

ضوءٌ في النفق!

الكثير ممن نزحوا بسبب الحرب، يحلمون بالعودة إلى قراهم، ومدنهم، (أم أحمد) واحدة من عشراتِ الآلاف الذين تشردوا وحرموا من أبسط مقومات الحياة، تأمل بالعودةِ إلى قريتها، لتعيش بسلامٍ وأمان، يأتِ ذلك التفاؤل تزامنا مع تحركاتٍ لمبادراتِ سلام …علّقت عليها(أم أحمد): صرنا نتمنى العودة لبيوتنا التي شُردنا منها، لا نريد شيء سوى العودة إليها وممارسة حياتنا هناك، حيث لا ننتظر فتات الآخرين الذي لا يأتينا إلا بعد أن يراق ماء وجوهنا.
الأفقُ يظلُ ملبدا حتى تتضحُ الرؤية ، حول مبادراتِ سلامِ تعملُ على إيقافِ الحربِ العبثية؛ التي استنزفت الأحلام والطموحات، وحوّلت العيشُ إلى جحيمٍ لا يرحم البؤساء.

ولسانُ حال النازحين يردد :

سنرجع يوماً إلى حينا
و نغرق في دافئاتِ المنى

سنرجع مهما يمر الزمان
و تنأى المسافات ما بيننا