شهيد .. ومواقف
صالح علي الدويل باراس
- 27 ابريل 94 …يوم غَدَرَ الغادرون
- الانتقالي والدورة 87 للجمعية العامة*
- تحرير قطاع الاتصالات
- ترشيد الخطاب
رحل سعيد محمد الدويل شهيدا بإذن الله في 23/ مايو / 2015 لم يبلغ الثلاثين عاما ، رحلة عمر مادامت طويلا في الزمن ، لحظات الوداع من أقسى اللحظات ، يعلم قسوتها من فقد عزيزا ، كان بعض من زملائه متواجدا ممن علموا بانقطاع خبره بعد ضحى ذلك اليوم ، الجميع صدمهم الخبر، كنت مصدوما رغم أني كنت استشعر في نفسي خبرا غير سار منذ عرفت انه اقتحم طريقا يترصده الموت فيه في كل منحى ، حاولت طيلة نهاري أن استبعد ذلك من مخيلتي كلما الح فيها ! استفقت بصوت محمد أخي والد الشهيد قائلا:
قم ، سعيد استشهد روحوا واحضروا جثته ، وتحركنا. وانا اعلل النفس بالأماني المحال ، هكذا النفس البشرية تظل تجعل مما تتوهمه حقيقة تتمنى بها .
تأتي ذكرى رحيله الثالثة ومازالت أتقد الما وفقدا كظيما لم أستطع الفكاك منه وما بلسم الزمن جرحه الغائر في نفسي .. فمشاعرنا تختزن صور حية تظل تنبض حركة وحياة وضحكا وكلاما لمن نحب حتى بعد رحيلهم .
في ذكراه الثالثة أقف مع مواقف ثلاثة عنه :
✅ الأولى :
مع أحد المناضلين الكبار جدا جدا في الحراك الجنوبي في شبوة أو هكذا يدعي ، فقد اخذ من الشهيد مبلغا كبيييرا على أن يحضر مقاتلين للجبهة ، ثم أغلق ذلك المناضل الكبيير تلفونه ولم يحضر أحد !!!! .
✅ الثانية :
كتب عنه الزميل محمد حسن السقاف قائلا :
* سألت أحد زملائه في مؤسسة الشباب الديمقراطي :
ماهو السر الذي يمتلكه وهو الفتى البدوي الآتي من جبال الكور بصعيد شبوة ..ليسطع في سماء المكلا الزاخر بالكوادر الشبابية المختلفة !!
* فقال لي:
ببساطة ، قائد لديه القدرة على تحويل الكلام والافكار إلى أعمال منفذة ، كما أنه يملك مخزون من الحب لاينضب.
كان رحمه الله يملك مخزونا من الحب لاينضب يعرف ذلك كل من عرفه ، وكان عصاميا عمليا ؛ ففي منتصف السنة الاولى من دراسته الجامعية كفى والده مصروفاته بشراء مكتب خدمات للطلاب ، وفي السنة الثانية عمل معمل اعلانات ورسم على الفانيلات والاقلام وواجهات المكاتب وفي عام استشهاده دخل في شراكة مع جمعية النهضة في برنامج التمويل الاصغر.
كان يحول الفكرة إلى مشروع ناجح.. كل الذين حاولوا منعه من اقتحام ذلك الطريق وفشلوا أدركوا انه بصدد مشروع ناجح لكن هذه المرة ليس في الدنيا بل في الآخرة أن شاء الله .
✅الثالثة :
يوم استشهاده اعلنت قناة المسيرة الحوثية ان قواتها قتلت أحد ابزر القادة التكفيريين - اسم يطلقونه على كل من قاومهم ويخصصون به الإخوان والقاعدة - لم يكن من أي التنظيمين ، كان مقاوما جنوبيا دفاعا عن دينه وعرضه وأرضه ، وكتب الدكتور حسين لقور على حائطه في الفايس بوك في الذكرى الثانية لاستشهاده أن الشهيد استشهد وهو مديون للجبهة وان دينه مسؤولية الدولة❗ .
علق أحد الزملاء من الاخوان - الاصلاحيين - قائلا :
من الجهة التي أمرته أن يستدين!!؟
هو يقصد جهات للاسف ماكانت موجودة وقت المعارك !!!
المعنى واضح :
فإن كان منهم!! ، وهم أهل الحظوة والقبول عند الجهات المهاجرة!! فدروب وفاء ديون الشهيد سالكة!!!، وان كان من أهل الجفوة فكل دروب التسديد مغلقة !!!
فعلق والد الشهيد قائلا : ما تربينا عليه ان العدو اذا وطأ ديارنا فإن الأرواح والأموال والجاه فرض كفاية على القادر ..عمل ولدنا ماعليه بذل جاهه وروحه ، ولكن ذلك لايعفي الدولة من مسؤوليتها.❗
سدد زملاؤه في المقاومة مايستطيعون ، وسدد إلاخ احمد حامد لملس ما يستطيع حين كان محافظا ولكن
مازالت أغلب الديون معلقة حتى الان واصحابها يطالبونها❗
اعتقدت أن التعليق راي شخصي ، لكن عندما قيم الاخوان " الاصلاحيين " رتب الشهداء في منطقة مأرب الإخوانية صنفوه برتبة جندي!!!! وأخذت الأمر بأن مرتبة الشهداء واحدة لاتفاضل فيها ، لكني اكتشفت بانهم صنفوا اصغر شهيد من شهداء المهاجرون والانصار من تنظيمهم برتب ملازم أو عقيد !!!.
هذه امانتهم مع الشهداء ، فكيف بامانتهم مع الأحياء!!!؟
العرب في جاهليتهم يا هؤلاء كانوا ينصفون خصومهم ❗
رحمة الله تتغشى سعيد وتطيب مثواه
كان خير الابناء ذكاء ونبلا وشجاعة ورجولة وتضحية
لكن قدر الله نافذ ولا راد له .
كلما ذكرته استذكرت بيتين للشاعر والمرجع القبلي المرحوم صالح بن عبدالله بن عديو القميشي حين قال متحسرا على فقد رجال تفتقدهم الرجال :
بعض العرب مايستخي للموت
في ذمتك يالموت خله
ما با على دي يقرعون الفوت
ما الرث لا شله يشله
رحمك الله ياسعيد ، والله ان شهادتي فيك مجروحة، ولكن يزكيها كل الذين عرفوك أنسانا وقائدا ومقاوما يعلمون اني ما كذبت.
أسأل الله أن يتغشاك برحمته ، فنعم الفتى كنت حيا ، ونعم القتيل شهيدا باذن الله .