تحركات عسكرية وأجندة سياسية.. سيناريو حوثي إخواني لضرب القضية الجنوبية

الجمعة 22 أكتوبر 2021 15:25:00
تحركات عسكرية وأجندة سياسية.. سيناريو حوثي إخواني لضرب القضية الجنوبية

تعيش القضية الجنوبية تحديات ربما تكون غير مسبوقة، في ظل تنوع أطر الاستهداف من قبل مليشيا الشرعية الإخوانية وحليفتها الحوثية، إذ يرمي الجانبان للعمل على ضرب مساعي الجنوبيين نحو استعادة دولتهم.

المؤامرة التي تستهدف الجنوب تتضمن اللعب على أكثر من وتر، بدأت بعمل مليشيا الإخوان على إغراق الجنوب بأزمات معيشية وفوضى أمنية لتغييب أطر الاستقرار في الجنوب، وتلا ذلك التحرك عسكريًّا.

وقد شهدت الأيام الماضية، غزوًا حوثيًّا ضد الجنوب دون أي مواجهات عسكرية، وذلك بعد انسحاب مليشيا الشرعية وتسليمها مناطق في الجنوب لمليشيا الحوثي، وحدث ذلك تحديدًا في محافظة شبوة، وبالأخص مديريات بيحان والعين وعسيلان التي سلّمها الإخوان للحوثيين.

بعد ذلك، سرعان ما تجلّى الوجه الآخر للمؤامرة وذلك فيما يخص محاولة ضرب الهوية الجنوبية، وذلك من خلال ممارسة طائفية ليس أقلها ترديد الصرخة الحوثية وتعيين معلمين موالين للمليشيات وضم مناهج جديدة تروّج لسموم المليشيات الفكرية، فضلًا عن مناسبات دينية مثل المولد النبوي، استغلتها المليشيات لنشر سمومها.

سير المخطط على هذا النحو يكشف أن المؤامرة على الجنوب ليست مجرد عمل عسكري بقدر ما تمثّل محاولة لضرب القضية بأكملها، وذلك لعرقلة تحركات الجنوبيين نحو استعادة دولتهم.

إحلال النفوذ الإخواني والحوثي في الجنوب أمرٌ ربما يتضمّن إحداثيات أمنية وعسكرية، لكن على الصعيد السياسي أثيرت تحذيرات من توظيف هذين الفصيلين لعناصر تابعة لهما، يكون شغلها الشاغل هو استهداف الجنوب سياسيًّا.

تنسجم هذه المخاوف مع حقائق سابقة، وظّفت فيها الشرعية الإخوانية مكونات سياسية مشبوهة ادعت تبعيتها للجنوب لكنّها كانت أبعد ما تكون عن ذلك، وعملت على إثارة مصطلحات وأفكار لا تنسجم مع تطلعات الجنوبيين.

يرتبط هذا الطرح من الأساس بأنّ مليشيا الشرعية وحليفتها الحوثية يعملان وفقًا لقاسم مشترك يهدف إلى حرمان الجنوبيين من استعادة دولتهم.

ويبدو أنّ هذا التوجُّه بدأ ينفث سمومه بالفعل، إذ لوحظ إقدام الكثير من السياسيين الذين يزعمون أنهم منتمون للقضية الجنوبية، لكنّهم يدسون سمومهم بما لا يتناغم مع السياسات العامة التي تحرك القضية الجنوبية.

وتمارس الشرعية والحوثيين تنسيقًا متواصلًا منذ عام 2014، وتجمعهما الكثير من الصفقات التي ترمي جميعها إلى تعزيز مبدأ تقاسم السلطة فيما بينهما، وتحقيق هذه الغاية المشبوهة يتطلب تهميش الجنوب والإجهاز على قضيته، نظرًا لأنّ الجنوب يمثّل قوة قاهرة بالنسبة لخصومه.

يُستدل على ذلك بأنّ الجنوب يقف شوكة في حلق الإرهاب، وبذلت قواته المسلحة الجنوبية جهودًا ضخمة على مدار السنوات الماضية في إطار مكافحة الإرهاب، ونجحت بالفعل في تحقيق نجاحات فريدة.

سياسيًّا أيضًا، اتبع المجلس الانتقالي الجنوبي استراتيجية حكيمة تناغمت بين العمل على تحقيق تطلعات الجنوبيين مع مراعاة الأمن القومي العربي انسجامًا مع التحالف العربي في مكافحة الإرهاب وتغليب الرغبة في تحقيق الاستقرار.

كما أنّ الإنجازات التي تحقّقت على مدار الفترات الماضية، ووضعت الجنوب طرفًا فاعلًا في الوضع السياسي القائم وجزءًا من معادلة الحل الشامل، تعني أنّ مساعي الشرعية والحوثيين ضرب مفاصل الجنوب لن تتحقق.