تلقف حوثي لتصريحات قرداحي.. تلاعب بالحقيقة لتحقيق مكاسب سياسية وشعبية
أظهر التعاطي الحوثي مع أزمة تصريحات وزير الإعلام اللبناني جورج قرداحي التي أساءت للتحالف العربي، على أنّ المليشيات هي جزء من معسكر متداخل ومتقاطع يصب جميعه في خدمة المصالح الإيرانية.
تصريحات قرداحي أثارت غضبًا عارمًا ضد الرجل الحديث في المنصب، وتسبّبت في تحركات دبلوماسية ليس أقلها استدعاء السفراء، إذ تشير تطورات العاصفة إلى أنّ إجراءات أخرى ربما تكون قادمة في الطريق منعًا لهذه التجاوزات التي وصفها خليجون بأنها غير مقبولة.
المليشيات الحوثية أقدمت على تحركات وتصريحات استفزازية من شأنها أن تؤدي إلى تعقيد الأزمة بشكل كبير، فالمليشيات المدعومة من إيران قررت في الساعات الأخيرة تغيير اسم شارع الرياض التجاري في محافظة صنعاء، إلى تسميته باسم جورج قرداحي، حسبما كشف تجار محليون لوكالة الصحافة الفرنسية.
قبل ذلك، أشادت مليشيا الحوثي بتصريحات قرداحي المسيئة للتحالف، وزعمت أنّها لا تحمل إساءة، في مشهد غير مستغرب على المليشيات الحوثية، بالنظر إلى أنّها جزء من تقاطعات لوكلاء إيران في المنطقة.
حوّلت المليشيات الحوثية تصريحات قرداحي، إلى مسرح للاحتفال والاحتفاء، ووظّفتها إعلاميًّا وسياسيًّا والأهم من ذلك شعبيًّا، إذ تحاول الترويج بأنّها في موقف دفاعي وتزعم وتدعي أنها طرف مجني عليه، رغم حجم الاعتداءات الضخمة التي ارتكبتها على مدار سنوات الحرب.
يحاول الحوثي بشكل واضح، الإيهام للسكان أيضًا بأنّه لا يتحمل انهيار الأوضاع الإنسانية، على الرغم من أنّ الاتهامات التي تلاحق المليشيات ليل نهار، سواء من خلال الاعتداءات التي ترتكبها ضد السكان قتلًا أو اعتقالًا أو تعذيبًا، وصولًا إلى إفساح المجال أمام تغذية الأزمات الإنسانية حتى صُنِّف اليمن بأنّها تشهد الأزمة الإنسانية الأكثر قسوة والأشد بشاعة على مستوى العالم.
وعلى الرغم من أنّ النظام اللبناني سعى جاهدًا إلى لملمة جراح الأزمة علمًا بأنّها لم تقدم اعتذارًا كما لم يستقل قرداحي نفسه ورفض الاعتذار عما بدر منها، إلا أنّ المليشيات الحوثية اختارت تلقف هذه التصريحات لتوظيفها من مختلف الأصعدة.
على الصعيد السياسي، يرجح مراقبون أنّ المليشيات ستعمد إلى ترويج هذا التصريح لكسب تعاطف دولي، وهو ما رُصد بالفعل على مدار الأيام الماضية، إذ سار العديد من القيادات الحوثية على هذا الدرب، وروّجوا بقوة لهذه التصريحات واعتبروها فرصة ذهبية لإبعاد الاتهامات عن المليشيات.
لكن في الوقت نفسه، فإنّ المليشيات لا يبدو أنّها ستنجح فيما خططت له على هذا النحو، فالاعتداءات والجرائم التي ارتكبتها على مدار السنوات الماضية هي جرائم موثقة، وقادت إلى تأزيم الأوضاع الإنسانية، وهي مآس تتحلمها المليشيات الحوثية بشكل مباشر.