بيان بن دغر وجباري.. معاداة للتحالف وارتماء في أحضان الحوثي
في تجاهل صارخ لحقيقة الأوضاع القائمة على الأرض، ومحاولة لذر الرماد على الممارسات التآمرية والعدائية التي تنتهجها الشرعية الإخوانية، ظهر المدعوان أحمد عبيد بن دغر وعبد العزيز جباري عبر بيان مشترك، يعبّران عن مرحلة جديدة من التآمر.
بن دغر وجباري اثنان من القيادات المعادية للتحالف العربي منذ زمن بعيد، لكنهما حاولا فرض سياج من السرية على هذا العداء، قبل أن يُظهران قدر عدائهما على الملأ، عبر هجوم غير مسبوق على التحالف العربي.
في بيانهما الخطير، حمّل القياديان البارزان في معسكر الشرعية الإخواني، حاول تحميل التحالف العربي مسؤولية انهيار الأوضاع العسكرية ومن ثم الإنسانية، في تناسٍ متعمد لحجم الجهود التي بذلها التحالف على مدار الفترات الماضية، وفي تعبير واضح وصريح عن أنّ الشرعية تحاول إبعاد شبهات الخيانة والتآمر عن وجهها.
البيان ذهب إلى محاولة إلصاق تهمة الفشل العسكري في مواجهة الحوثيين بالتحالف العربي، ولا يُعرف أي منطق استند إليه المدعوان في هذا الطرح إلا إذا كان من منطلق التزييف والتلاعب بالحقيقة.
الواقع الذي يتغافل عنه بن دغر وجباري عمدًا هو أنه تكاد تكون كل المناطق التي سيطرت عليها المليشيات الحوثية لم تفعل ذلك إلا من خلال طعنات خيانة وتآمر مارستها الشرعية الإخوانية، وهو ما مكّن المليشيات المدعومة من إيران على قيد الحياة حتى الآن.
الأكثر من ذلك أنّ الشرعية الإخوانية لم تكتفِ بالانسحاب من الجبهات لكنها عمدت إلى عرقلة جهود التحالف عن مواجهة الحوثيين، والأخطر أنها دعّمت أكثر من هجوم إرهابي شنّته المليشيات على التحالف، على الأقل من خلال تسليم الإحداثيات عن مواقع تمركز رجال التحالف على الأرض.
وبالنظر إلى علاقات التقاطع والتخادم بين الحوثيين والشرعية، فليس من المستبعد أبدًا أن يكون البيان الصادر عن بن دغر وجباري قد جاء بتنسيق مع الحوثيين، بدليل أنه دعا لوقف الحرب فورًا.
صحيح أن الدعوة لوقف الحرب في مفهومها العام أمر إيجابي، لكن إذا توقفت الحرب في هذه اللحظة بينما يملك الحوثيون كل هذا النفوذ الميداني فإنّ الأمر يحمل خطورة هائلة بالنظر إلى أن ما تقدم عليه الشرعية في هذا الصدد إنما هو تثبيت وترسيخ لنفوذ الحوثيين، من منطلق أن من يملك الأرض يمكنه أنه يتحكم في مسار المفاوضات.
يُستدل على ذلك أن دعوة بن دغر وجباري للسلام جاءت فضفاضة بمعنى أنها خلت من طرح رؤية واقعية للسلام، لكن المهم بالنسبة للشرعية هو وقف مقاومة الحوثيين.
استنادًا إلى ذلك، فعلى الأرجح جاء هذا البيان بالتنسيق مع الحوثيين من أجل بعثرة الأوراق، بالنظر إلى أنّ المليشيات الحوثية تتعرض حاليًّا لنزيف بشري عبر الخسائر التي تتوالى عليها في محافظة مأرب، إذ تفقد العشرات من عناصرها بشكل يومي، وفقًا للإحصاءات الدقيقة التي يعلنها التحالف بشكل يومي كحصيلة لعملياته النوعية التي تستهدف مواقع المليشيات.
من هذا المنطلق، فإنّ مثل هذه القيادات في توقيت كهذا إنما هو محاولة واضحة لبعثرة الأوراق وإبعاد المواجهات العسكرية عن بوصلة الاهتمام وذلك من خلال تفجير قنبلة سياسية تستهدف قلب الأوضاع كاملة.
بن دغر وجباري ظهرا وهما يتباكيان على انهيار مؤسسات الشرعية، وهذا التوجه إنما هو محاولة لاستقطاب حالة من التعاطف ومحاولة الظهور بمظهر المجني عليه، لكن الحقيقة مغايرة تمامًا، فالشرعية تتحمل المسؤولية المباشرة عن تدمير المؤسسات، ليس فقط بعدما أخلت الساحة أمام تمدّد الحوثيين على الأرض، لكن أيضًا على صعيد السير وفقًا لأجندة إخوانية تتبع مسارات خدمة مصالح وأهداف التنظيم الإرهابي.
تجلّى هذا الأمر في بيان بن دغر نفسه الذي تضمّن ما يمكن اعتباره إقرارًا بشكل غير مباشر بأنّ الشرعية تغرق في الفساد وأن المناطق الخاضعة لسيطرتها شمالًا واحتلالها جنوبًا تعيش حالة من الفوضى الأمنية العارمة إلى جانب وقف المرتبات وما أسفر عن ذلك من انفلات للأوضاع المعيشية وكذا الأمنية.
تباكي الشرعية على هذه الأوضاع أمرٌ يستدعي سخرية، فالشرعية تقف وراء ارتكاب كل هذه الجرائم التي تفاقمت على صعيد واسع،ومن ثم فإنّ تحاول إلصاق التهمة بالآخرين.