أين الحكومة من أزمة انهيار العملة؟
رأي المشهد العربي
تواصل العملة المحلية نزيفها أمام العملات الأجنبية إلى أن أضحى سعر بيع الدولار الواحد 1700 ريال في مقابل 1680 ريال للشراء، وهو ما يعبر عن حجم الكارثة التي تعانيها محافظات الجنوب التي تواجه أزمة اقتصادية طاحنة دون أن يكون هناك تدخلا يناسب قدر الفاجعة التي سببتها الحروب الاقتصادية التي تشنها الشرعية الإخوانية.
جاءت الارتفاعات المتتالية في أسعار العملات الأجنبية تزامنًا مع اتخاذ البنك المركزي الخاضع لسيطرة الشرعية الإخوانية إجراءات يمكن وصفها بالعقابية ضد شعب الجنوب بعد أن أصَر على تنظيم المزادات الأسبوعية لبيع الدولار وتحول إلى منفذ صرافة بدلا من اتخاذه إجراءات من شأنها ضبط الأسواق، غير أن المفارقة تكمن في أن الحكومة التي من المفترض أن تطلع بأدوارها لمواجهة التدهور الحاصل لم تحرك ساكنة.
كان من المنتظر أن تتدخل الحكومة بشكل فاعل لتصويب أي سياسات مالية أو اقتصادية تؤدي لتأزم الأوضاع الاجتماعية والمعيشية لكنها لم تقم بهذا الدور بل أن هناك تساؤلات عديدة تدور في أذهان أبناء الجنوب تتعلق بأسباب تغافلها طبيعة الأزمة الراهنة في الجنوب، فهادي وشرعيته معرقلين ويتحكمون في توجهاتها تماشيًا مع الحروب الاقتصادية التي يشنها الاحتلال اليمني ضد الجنوب.
ما يثير الريبة والقلق أن الشرعية الإخوانية طالما عمدت على عرقلة عمل الحكومة وبدت مرغمة على عودتها مرة أخرى إلى عدن بفعل الضغوطات القوية التي مارسها المجلس الانتقالي الجنوبي والتحالف العربي عليها إلى جانب المجتمع الدولي الذي بدا أكثر حرصًا على تنفيذ بنود اتفاق الرياض كمقدمة للحل الشامل، وبالتالي فإن غيابها عن أزمة تدهور العملة مقصودا من قوى الاحتلال اليمني.
يتماشى الوضع الراهن للحكومة مع سياسة تعامل الشرعية مع اتفاق الرياض، إذ أنها تضطر لتنفيذ بعض الاستحقاقات الشكلية لإيهام المجتمع الدولي بأنها ملتزمة به، في حين أن الواقع يشير إلى غير ذلك، في ظل الخروقات المستمرة للاتفاق وعدم وجود إرادة سياسية لتنفيذه على الأرض، وتتعامل بالمنطق ذاته مع عودة الحكومة إلى العاصمة عدن وتسعى لأن تكون عودة شكلية لا تحقق الهدف المرجو منها والمتمثل في تحسين الوضع الاقتصادي والمعيشي.
تستهدف الشرعية الإخوانية ترك البيئة مواتية لأي مؤامرات من الممكن أن تجد الأرضية الممهدة لتنفيذ مشروعات الاحتلال اليمني، وتستمر في سياسية إضاعة الوقت لحين تتمكن من إعادة ترتيب أوراقها بالتعاون مع المليشيات الحوثية التي تتعرض في تلك الأثناء لهزائم متلاحقة من قبل القوات المسلحة الجنوبية وضربات التحالف أفقدتها القدرة على التوازن، وهو ما يتطلب مزيدا من الضغوطات الدولية عليها لإرغامها على تنفيذ بنود اتفاق الرياض بشكل جدي وعلى رأسها فتح المجال أمام الحكومة لتأدية مهامها بالشكل المطلوب.