مليونية المكلا.. شعبٌ يريد دولته وقدرٌ يعد بالاستجابة
حملت الحشود الضخمة التي توافدت على مدينة المكلا ضمن المليونية الشعبية، رسالة نفور شعبية واسعة النطاق من الشرعية الإخوانية التي أشهرت أسلحتها العدائية ضد الجنوبيين، فسادًا وإرهابًا.
أفشل الجنوبيون مساعي الشرعية الإخوانية التي راهنت على محاولة تشويه الحراك الشعبي في حضرموت، حتى جاءت مليونية المكلا لتضفي حالة جديدة من السخط الشعبي العارم والجارف ضد المعسكر الإخواني.
ففي ساحة الحرية، احتشد آلاف الجنوبيين من مختلف أنحاء حضرموت، ضمن فعاليات المليونية التي تؤيد الهبَّة الحضرمية الساعية لتمكين الجنوبيين من مواردهم وثرواتهم بعدما تعرضت للسطو من قِبل الشرعية الإخوانية على مدار الفترات الماضية.
مليونية المكلا تحمل العديد من الرسائل، أهمها رغبة الجنوبيين في إزاحة الاحتلال الشمالي، وهذا مرتبط بغاية الشعب الجنوبي وقضيته العادلة المتمثلة في استعادة الدولة وفك الارتباط، وهم الهدف الأسمى الذي يتحرك من أجله الجنوبيون.
في الوقت نفسه، فإنّ الجنوبيين لن يتخلوا بأي حال من الأحوال عن إدارة مواردهم وثرواتهم بما ينعكس على وضعهم المعيشي، وهذا المحور يحمل أهمية بالغة بالنظر إلى حجم جرائم النهب والسطو التي ارتكبتها الشرعية الإخوانية ضد موارد الجنوب طوال الفترات الماضية، وما أحدثه ذلك من موجات إفقار خانقة.
الداعي لمليونية المكلا هو المجلس الانتقالي الجنوبي، وبالتالي فإنّ حجم التأييد الشعبي لهذا الحراك على الأرض هو بمثابة تجديد للولاء من قِبل الشعب الجنوبي التفافًا وراء قيادته السياسية التي تحمل لواء قضية الوطن.
العنصر الأهم في هذا الإطار هو أنّ الشرعية الإخوانية لطالما سعت لتشويه صورة المجلس الانتقالي وشكّكت في شعبيته، وحجم الحاضنة الشعبية التي تلتف وراءه، وهو ما يمثّل قوة جنوبية قوية يرى محللون أنها تمثل عامل قلق شديدًا لدى الشرعية الإخوانية.
نجاح مليونية المكلا، وهو ما كان أمرًا متوقعًا بشكل كبير، يستلزم العمل على تحويله إلى مكاسب سياسية لصالح القضية الجنوبية، وهذه المكاسب تحمل صبغة مرحلية، بمعنى أن الوقت الراهن يتطلب ضرورة العمل على إزاحة إجهاض حرب الخدمات التي يتعرض لها الجنوب، وأن تتحول موارده لصالح دعم مواطنيه في المقام الأول.
البُعد الآخر يتعلق بالوضع السياسي، وهذا الدور يلعبه المجلس الانتقالي الذي يحمل لواء قضية الجنوب، ومن ثم فهو يعبّر عن أوضاع الجنوب في كل المحافل، ومن الأهمية بمكان أن يطّلع العالم أجمع عن حجم النفور الجنوبي من الاحتلال الشمالي.
يعني ذلك أن حجم الترابط بين الجنوب شعبًا وقيادة، يختصر الكثير من المسافات سواء الزمنية أو الجيوسياسية التي تفرضها متطلبات قضية بحجم استعادة دولة، بيد أنّ النجاحات الكبيرة التي حازتها القضية الجنوبية خلال الفترات الماضية عزّزت من آمال تحقّق حلم استعادة الدولة سريعًا.
وهذا الترابط الكبير لطالما حاولت الشرعية استهدافه عبر حملات طويلة من الأكاذيب في محاولة لبعثرة الأوراق في الجنوب، غير أنّ هذه الحملات سرعان ما تحطمت على جدار الوعي الجنوبي.