لا رهان على الإخوان
رأي المشهد العربي
أعطت التجربة العسكرية - المفحمة تفاصيلها بالكثير من الدروس والعبر - دلالات عديدة حول الطريقة المثلى التي يجب إتباعها في مسار القضاء على المليشيات الحوثية الإرهبية، وهذا المسعى لا يمكن من خلال الرهان على الإخوان مُطلقًا.
الدرس الواضح لم يكن مصدره فقط محافظة شبوة، أين تلقّت المليشيات الحوثية هزائم ميدانية مزلزلة على يد رجال القوات المسلحة الجنوبية بدعم وإسناد من قِبل التحالف العربي، لكن جبهة مأرب أعطت هي الأخرى درسًا واضحًا ودلالة كبيرة حول الآلية الناجزة والجادة في إطار مكافحة إرهاب المليشيات المدعومة من إيران.
صحيحٌ أن المستخلص من تجربة مأرب وقبلها شبوة، هو أنّ الطرف القادر على إزاحة الخطر الحوثي يظل متمثّل في القوات المسلحة الجنوبية، لكنّ هناك دلالة أخرى شديدة الوضوح تتمثل في أنّ المليشيات الإخوانية هي طرف متآمر، لا يجب إفساح الأمور أمامه ليواصل التخادم مع المليشيات الحوثية.
فمحافظة مأرب التي تشهد حاليًّا انتصارات كبيرة تحققها القوات الجنوبية إلى جانب التحالف العربي، كانت تحت الحصار الحوثي لفترة طويلة، واقتربت المليشيا المدعومة من إيران من السيطرة عليها جراء تآمر الشرعية الإخوانية على أبناء القبائل الصامدين.
الأكثر من ذلك أنّ الشرعية مكّنت مليشيا الحوثي من فرض حصار خانق ومروع على السكان لفترات طويلة، بما خلّف أزمة إنسانية فظيعة لطالما نبّهت الأمم المتحدة إلى بشاعتها، وهو نتاج مباشر لجرائم إخوانية - حوثية مشتركة.
انهيار الحوثيين في جبهات القتال على هذا النحو يعني أنّ هزيمة المليشيات أمرٌ قابل للحدوث بشكل كبير، لكن الأمر في حاجة إلى إزاحة عسكرية لنفوذ حزب الإصلاح الإخواني حتى لا يكون بمقدوره التحكم في مسارات الحرب ومن ثم خدمة الإرهاب الحوثي بشكل كبير.
ويبدو أنّ سياسة التآمر التي رسّختها المليشيات الإخوانية على مدار الفترات الماضية، قد ولّدت قناعة كبيرة بأن حزب الإصلاح المهيمن على مفاصل صنع القرار في معسكر الشرعية سياسيًّا وعسكريًّا جزءٌ من المشكلة وليس الحل، وأن إزاحته وقصقصة نفوذه أمر حيوي، لا يقل أهمية عن حتمية استئصال العدوان الحوثي.