الرزاز لنشطاء الإعلام المجتمعي: واجبكم تصويب الحكومة إن أخطأت
أسبغ رئيس الوزراء الأردني الجديد الدكتور عمر الرزاز، على الإعلام المجتمعي المحلي، صفة اعتبارية تناهز “السلطة الخامسة”، وهو يخاطب مواقع التواصل بحفاوة بالغة ويُدرجها ضمن 3 جهات لها حق مراقبة أدائه.
وفي تغريدة مطولة، قال الرزاز لنشطاء الإعلام المجتمعي الذين انتقدوا حكومته بقسوة خلال الأيام الماضية، إن “واجبهم تصويب الحكومة إن أخطأت”.
وكان رئيس الوزراء الجديد، الموصوف بالليبرالية ونهج الاقتصاد المجتمعي، يستخدم حرفته التربوية والإعلامية في تعزيز إحساس الإعلام المجتمعي بالزهو، وبأنه كسب معركة إسقاط الحكومة السابقة من خلال حراك مدني، لا يُخفي نشطاء بأن لهم بعد الآن حق على الرئيس الجديد الذي جاءوا به.الدولة العميقة والرزاز
ويقول أكاديمي أردني متخصص بالإعلام الجديد، إن هناك معادلة جديدة في العلاقة النظرية بين مواقع التواصل من جهة، وبين الحكومة أو ربما الدولة العميقة من جهة أخرى.
وتعد رسالة الرزاز التي بثتها وكالة الأنباء الأردنية الرسمية (بترا)، الأولى من نوعها في بيئة سياسية لا تخف شكوكها في مهنية وشفافية وربما مصداقية هذا الإعلام الجديد، الذي يقوده هواة معظمهم غير مسجلين في نقابة الصحفيين.
وفي تحليله لرسالة الرزاز، استحضر الأكاديمي الأردني عدة شواهد من نصها، الأولى قوله: “أخواني، أخواتي، أبنائي، وبناتي. كما تعلمون، أنا من المتابعين والمشاركين في وسائل التواصل الاجتماعي، والمؤمنين بدوره البناء في الحوار الواسع وإيصال المعلومة”.
وفي ذلك لغة ولهجة جديدة من داخل صندوق النخب السياسية الذي دخله الرزاز دون أن يكون سابقًا عضوًا فيه .
“كمّل نومتك”
رئيس الحكومة الأردنية ليس جديدًا على مواقع التواصل كأداة تواصل عمودي توافقي، مع ميزة البديهة والنكتة أحيانًا.
ففي منتصف فبراير/ شباط الماضي، عندما كان الرزاز وزيرًا للتربية، تلقى على تويتر رسالة من طالب ثانوية عامة يسأل فيها عن احتمالية إصدار النتائج في ذلك اليوم، خصوصًا أنه سمع أناسًا في منطقته يحتفلون.
وكتب الشاب عبر تويتر: “أبو الرزاز، سيدي في ناس بتزمر في الحارة. طلعوا النتائج ولا أرجع أكمّل نومتي؟”، فجاء ردّ الوزير الرزاز: “كمّل نومتك”.
الرسالة الثانية التي تشكل الأساس والمبرر الذي استدعى من رئيس الحكومة الإسراع في أخذ المبادرة، قوله إن “الإيمان بدور السوشيال ميديا في الحوار وإيصال المعلومة لا يعني أن كل معلومة تُنشر عليه صحيحة”.
ومن بين عشرات الشائعات -التي أغرقت مواقع التواصل الاجتماعي بعد الإعلان عن تشكيلة الحكومة الجديدة، الخميس الماضي- اختار الرزاز خمس شائعات، فضّل أن يرد عليها وأن لا يترك الرد عليها لأشخاص الوزراء المعنيين بها.
واحدة عن وزير الصحة، وثانية عن وزيرة التنمية، وثالثة عن وزير الاتصالات، ورابعة عن وزير الصناعة والتجارة، وخامسة عن وزيرة الثقافة.
إحالة المخطئين للتحقيق
الرسالة الثالثة غير المباشرة، حسب قراءة الخبير الأكاديمي، هي أن أحدًا من الذين أخطأوا بحق الوزراء الخمسة، وبعضها أخطاء من درجة الاقتراف، لم يجر اعتقاله كما كان يحصل في السابق، كما لم يستخدم رئيس الحكومة أو وزراء الإعلام والداخلية، لغة التهديد المألوفة بالإحالة للقضاء.
مآخذ على رئيس الحكومة
الرسالة الرابعة التي أطال رئيس الحكومة في عرضها، هي التي دافع بها عن نفسه تجاه مطاعن فنية أو إدارية وصفته بأنه، مثل الذين سبقوه، اعتمد تغيير الوجوه وليس تغيير المناهج.
الإعلام المكتوب والمرئي
كان ملفتًا أن رسالة رئيس الحكومة الأردنية خاطبت الإعلام، ليس التقليدي منه وهو الصحافة الورقية والمواقع الإخبارية أو المرئي والمسموع، وإنما “السوشيال ميديا” الذي يوصف أكاديميًا بأنه “السلطة الخامسة”، في مقابل السلطة الرابعة (التقليدية في المكتوب والمرئي المسموع)، والتي يرى الكثيرون بأنها آيلة للانحسار أو الاندثار.
السلطة الخامسة والمهلة اللازمة
وفي تعظيمه لدور “السلطة الخامسة”، التي تغلب عليها في معظم الدول العربية أوصاف نقص الحرفة أو العبثية، مع بعض شبهات التبعية الخارجية، فقد أنهى الرزاز رسالته لناشطي الإعلام المجتمعي بقوله: “إن رأيتم من الحكومة ما يلبي طموحاتكم، وهذا واجبنا جميعًا، فلا ننتطر إلا دعمكم. وإن رأيتم من الحكومة ما لا يرضي المواطن، لا سمح الله، فواجبكم تصويبنا بصراحتكم.. أسلوبكم الراقي الذي نفاخر به”.
أول تعليق رسمي إماراتي على مزاعم تواجد قوات فرنسية على الأراضي اليمنيةمسؤول فلسطيني ينفي تعرض عباس لـ”ضغوطات عربية” بشأن صفقة القرنوفي المقابل، فإنه فيما عدا الدعوات التي نشرت في الصحف المكتوبة وبعض المواقع الإخبارية وهي تدعو “السوشيال ميديا” لإعطاء حكومة الرزاز حقها في عامل الوقت، (وهو وقت شبه متعارف عليه عالميًا بأنه 100 يوم)، فإن معظم الذين تناولوا الحكومة الجديدة بالنقد القاسي، لم يشاركوا حتى هذه اللحظة في التعقيب على رسالة الرزاز لهم.
مفارقات السوشيال ميديا
لفت نظر الخبير الإعلامي الأكاديمي، أيضًا، أن العمود الأيسر في صفحة الرئيس الرزاز، يتضمن قائمة من المواقع تحت اسم” قد يعجبك أيضًا..”. وفي رأس هذه المواقع المقترحة، جاء اسم الكاتب الساخر الأشهر في الأردن، أحمد حسن الزعبي، الذي أوقفته صحيفة يومية شبه حكومية عن الكتابة فيها قبل حوالي أسبوعين، وما زال كذلك، مضطرًا للاعتماد على السوشيال ميديا التي أضحت الآن “سلطة خامسة مفترضة”.