هيكلة الشرعية.. ضرورة ملحة لنجاح العملية السياسية
أثار إعلان الأمم المتحدة عن طرح خطة سياسية شاملة لوضع حد للحرب المستمرة منذ أكثر من سبع سنوات، اهتمامًا واسعًا حول إمكانية نهاية الحرب عبر إطار سياسي بعيدًا عن تجربة اتفاق السويد التي فشلت فشلًا ذريعًا في وقف الحرب.
مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس جروندبرج، قال خلال جلسة مجلس الأمن الأخيرة، إنّه يعتزم إطلاق خطة أممية ترمي إلى محاولة وضع حد للصراع، عبر إنشاء عملية متعددة المسارات يمكن من خلالها معالجة مصالح الأطراف المتحاربة في سياق أجندة أوسع، على طول المسارات الثلاثة للقضايا السياسية والأمنية والاقتصادية.
وفيما يحمل التصريح الأممي بشرى عن إمكانية وضع حد للحرب، فإنّّ آمالًا ليست كبيرة على نجاح توجُّهٍ كهذا إذا ما استمر الوضع برمته الحالية، لا سيّما فيما يخص تعاطي الشرعية الإخوانية مع المشهد السياسي والعسكري.
فنجاح أي عملية سياسية يبقى مشروطًا بممارسة ضغوط هائلة على المليشيات الحوثية أولًا، يبدأ بضغوط عسكرية تخمد فتيل إرهابها المسعور أولًا، ومن ثم تبدأ العملية السياسية لتشكل ضغطًا آخر على المليشيات المدعومة من إيران.
الانخراط في ممارسة مثل هذه الضغوط أمرٌ لن يتحقق من دون إجراء هيكلة سريعة لمعسكر الشرعية الإخوانية، بحيث يتم إقصاء فوري للعناصر التي ثبت تآمرها مع المليشيات الحوثية والتي تعمل وفقًا لاستراتيجية متخادمة مع الحوثيين.
إقدام الأمم المتحدة على طرح خطة لمعالجة الأزمة لا يعني بالضرورة أن المليشيات الحوثية ستكون جزءًا من العملية السياسية لأنها فصيل مسلح يخرج عن أطر الدولة ولا يعرف القانون ولا يفهم الإنسانية، وبالتالي الهدف من طرح خطة لإنهاء الحرب هي تأتي لأسباب إنسانية في المقام الأول.
وحتى لا تتكرر تجربة اتفاق السويد التي استغلتها الشرعية الإخوانية لتقوية الوجود والحضور الحوثي سواء سياسيًّا أو عسكريًّا، لا سيّما فيما يخص تسليم الجبهات للمليشيات الحوثية مثل نهم والجوف ووقف عمليات الحديدة التي كانت قاب قوسين أو أدنى من التحرير، فإنّ الأمر يبقى مشروطًا بهيكلة شاملة للشرعية تتضمن إزاحة فورية للعناصر المتخادمة مع الحوثيين.
ويأتي على رأس هذه العناصر المشبوهة هو الإرهابي علي محسن الأحمر الذي ينفذ أجندة متخادمة مع المليشيات الحوثية، ويبدو أن الغضب منه قد زادت حدته على مدار الفترات الماضية، إذ قالت مصادر "المشهد العربي" إن هناك تهميشًا بالفعل لمحسن الأحمر، وتحديدًا منذ بدء عمليات العمالقة الجنوبية في شبوة والتي امتدت إلى محافظة مأرب.
ولا يبدو أن الأمر يجب أن يقتصر فقط على محسن الأحمر في شخصه، فهناك الكثير من العناصر الموالية له والتي تملك نفوذًا كبيرًا في معسكر الشرعية الإخوانية، وتتخادم أيضًا مع المليشيات الحوثية للمحافظة على نفوذهم وبالتالي فهناك حاجة ملحة لإزاحة هذه العناصر في أقرب وقت ممكن.