العرب اللندنية : فشل مساعي غريفيث يفتح باب حسم معركة الحديدة عسكريا
شهدت معركة تحرير مدينة الحديدة بغرب اليمن من سيطرة المتمرّدين الحوثيين الثلاثاء تقدّما نوعيا باقتحام القوات اليمنية المدعومة من التحالف العربي المطار وسيطرتها على عدّة محاور رئيسية، فيما انكفأت فلول ميليشيا الحوثي داخل الأحياء السكنية متخذة من المدنيين دروعا بشرية.
وجاءت هذه التطورات بمثابة انعكاس آلي لفشل محاولة المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث إقناع الحوثيين بتسليم المدينة لتجنيب سكانها مخاطر القتال داخلها، وكتنفيذ حرفي لإنذار كانت دول التحالف قد وجهته بأن البديل عن الحلّ السلمي هو حسم المعركة عسكريا.
وأكّد قيادي حوثي فشل مهمّة غريفيث. وقال علي القحوم، عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي لوكالة الأنباء الألمانية إن المبعوث الأممي لم يأت بجديد خلال زيارته صنعاء وإنه طالب بتسليم ميناء ومدينة الحديدة بشكل سلمي، وهو ما ترفضه الجماعة.
وفيما كان غريفيث يغادر صنعاء، الثلاثاء، دون الإدلاء بأي تصريح بشأن نتائج محادثاته مع قادة التمرّد الحوثي، كانت القوات اليمنية تعلن اقتحامها مطار الحديدة بإسناد من القوات الإماراتية العاملة ضمن التحالف العربي، بعد نحو أسبوع من المعارك عند أطرافه.
وجاء دخول المطار إثر معارك عنيفة دارت صباح الثلاثاء عند مدخله الجنوبي في موازاة غارات مكثفة لطيران التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.
وقالت وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية “وام” إنّ المقاومة اليمنية المشتركة اقتحمت مطار الحديدة بمشاركة وإسناد من القوات المسلحة الإماراتية في عملية عسكرية نوعية، وفي ظلّ تهاوي دفاعات ميليشيا الحوثي.
التحالف العربي يشرع بتطبيق ما توعّد به سابقا من أنّه لا بديل عن تحرير مدينة الحديدة من الحوثيين إنْ سلما أو حربا، ويدفع بالمعركة من أطراف المدينة إلى داخل محاورها الرئيسية بدءا بالمطار الذي سقط الثلاثاء بيد القوات اليمنية المشتركة في ظلّ انهيار ميليشيا الحوثي وتهاوي دفاعاتها.
وأضافت أنّ المقاومة تمكّنت أيضا من بسط السيطرة الكاملة على قرية المنظر غربي المطار، مشيرة إلى شروع الفرق الهندسية للتحالف والمقاومة المشتركة في تطهير مطار الحديدة ومحيطة من الألغام والعبوات الناسفة التي زرعها الحوثيون بشكل عشوائي في محاولات منها لتأخير الهجوم النهائي.
وبدأت القوات الموالية للحكومة اليمنية الأربعاء الماضي بمساندة التحالف العربي هجوما واسعا تحت مسمى “النصر الذهبي” بهدف اقتحام مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر والسيطرة عليه.
وتضم المدينة ميناء رئيسيا كان الحوثيون يستخدمونه في استقبال الأسلحة المهرّبة من إيران ومنطلقا لتهديد الملاحة الدولية في البحر الأحمر ويستغلّون موارده لتمويل مجهودهم الحربي.
ودعا التحالف العربي إلى تسليم إدارة الميناء للأمم المتحدة أو للحكومة المعترف بها دوليا لوقف الهجوم. وكانت الإمارات، التي تساند القوات اليمنية المهاجمة، قد أكّدت الاثنين على لسان وزير الدولة للشؤون الخارجية أنور قرقاش، أن الهجوم باتجاه ميناء الحديدة لن يتوقف إلا إذا انسحب المتمردون من المدينة دون شروط.
وقالت الوكالة الإماراتية إنّ معارك الثلاثاء خلّفت العشرات من القتلى والجرحى في صفوف ميليشيا الحوثي، بينهم قيادات ميدانية خلال عملية اقتحام قوات المقاومة اليمنية لمطار الحديدة.
وأضافت أنّ “المقاومة تأسر العشرات من مسلحي الحوثي ممن كانوا يتحصّنون خلف أسوار المطار وداخل المباني”.
ومع بداية فقد السيطرة على المحاور الكبرى للحديدة، عمد الحوثيون إلى التمترس داخل الأحياء السكنية. وبحسب أحد سكان المدينة الذي تحدث لوكالة الأنباء الفرنسية، فإن المتمردين عمدوا إلى قطع شوارع رئيسية بالسواتر الترابية وحاويات النفايات الفارغة.
وأضاف مفضّلا عدم الكشف عن اسمه خشية تعرّضه للاعتقال “لقد حفروا خنادق في الشوارع بعمق نحو مترين.. وأنّ الحركة في المدينة باتت شبه مشلولة”.
وفي السياق نفسه، قال وكيل محافظة الحديدة وليد القديمي في تغريدة عبر تويتر إنّ مدنيين قُتلوا بانفجار لغم زرعه الحوثيون في حي الربصة السكني جنوبي الحديدة.
وطلب من المدنيين الابتعاد عن المباني والمناطق المرتفعة حفاظا على سلامتهم بعد أن اعتلاها قناصة حوثيون.
ويقول التحالف العربي إنّه يأخذ المخاوف بشأن سلامة المدنيين في الاعتبار ويحاول تجنيبهم تبعات المعركة.
وفي ذات السياق تكثّف دولة الإمارات جهودها لإغاثة سكان الحديدة عبر قوافل من المساعدات العاجلة. وأعلنت هيئة الهلال الأحمر الإماراتي عن تسيير جسر إغاثي جديد انطلاقا من ميناء عدن صوب الحديدة يتكوّن من 10 بواخر محملة بمساعدات تشمل 35 ألف طن من المواد الغذائية المتنوعة إضافة إلى جسر جوي يشمل 7 رحلات تنقل 14 ألف طرد غذائي فيما يجري تجهيز 100 قافلة مساعدات من السوق اليمني المحلي.
ويصف محللّون سياسيون وعسكريون معركة الحديدة بالمنعطف الفاصل في مسار الحرب المستمرة في اليمن منذ زحف الحوثيين المدعومين من إيران على عاصمته صنعاء وعدد من مناطقه قبل أكثر من ثلاث سنوات.
ويرى هؤلاء أنّه مع تحرير الحديدة يفقد الحوثيون نقطة ارتكازهم الأساسية ومنفذهم على البحر ويصبحون محاصرين في مناطق داخلية ومعزولين عن الإمداد بالسلاح المهرّب من إيران، ويغدو بالتالي إنهاء تمرّدهم مسألة وقت.
وقالت قوات التحالف العربي على لسان المتحدّث باسمها العقيد الطيار الركن تركي المالكي إنّ العمليات العسكرية التي ينفذها الجيش اليمني وقوات المقاومة المدعومة من قوات التحالف تواصل تحقيق الانتصارات وتحقق تقدّما كبيرا ومستمرا في مختلف المحاور والمواقع سواء في الحديدة أو صعدة وميدي وحجة بشمال البلاد.
وبدا الثلاثاء أنّ المعركة النهائية لتحرير مختلف مناطق اليمن قد انطلقت بشكل متزامن، حيث اندلعت مواجهات عنيفة بمديرية نهم شرقي العاصمة صنعاء بين الجيش اليمني ومسلحي الحوثي تزامنا مع معارك الحديدة.
ويضع اشتعال الجبهات بشكل متزامن، الحوثيين في وضع عسكري صعب، ويقلّل قدرتهم على الصمود لفترة أطول.