*الرائد الطوسلي المناضل الخالد*
فضل الجعدي
المزيد
يرحل المناضلون قبل الأوان وفي اللحظات التي تتشكل بها معالم الطريق إلى الوطن القادم الذي حملوه في أصعب الظروف ومضوا في دربه الوعر نضالا وكفاحا، دفاعا عنه وعن حياضه وحريته الغالية ، يرحلون بصمت النجوم التي تمارس اشعاعها حتى المطاف الاخير وهي تنير في مسارها الطريق قبل ان تتوارى عن الاعين ، لكنها ترسم لنفسها مجدا وذكرى في القلوب والضمائر لتظل خالدة مخلدة لا يطالها النسيان ، وفي أشد اللحظات التي يمثل رحيلها خسارة لا تقاس بالأيام ولا تعوضها السنين .
رحل الفقيد رائد الطوسلي وهو في قمة عطائه الثوري والوطني وان رحيله مصاب جلل وخسارة فادحة ليس على أهله فقط ولكنها خسارة وطنية مني بها الجنوب لواحد من أبناءه الذين خرجوا منذ وقت مبكر ضد الطغيان والاستبداد والاحتلال وكان من القيادات الثورية التي قادت الجماهير في محافظة شبوه ابان ثورة الحراك السلمي الجنوبي ولعب ادوارا مشهودة في تنظيم وتفعيل الفعل الثوري في ساحات وميادين شبوة في وجه وغطرسة الاجهزة الامنية والعسكرية لسلطة يوليو الأسود ، وتعرض بسبب مواقفه للاعتسافات والمطاردة والإقصاء مثله مثل الغالبية من أبناء الجنوب الذين رمت بهم السلطة في قارعة الطريق وسلبت حقوقهم ومارست ضدهم شتى صنوف القهر والظلم .
كان الفقيد الطوسلي أحد الرموز التي عبرت بكل قناعة عن خيارها الرافض لكل سياسات وأساليب وفساد السلطة الحاكمة ، وهي القناعات القائمة على مبدأية الرفض الكلي لتلك السلطة الحاكمة ولكل ممارساتها في الجنوب ، ولكل العنجهية التي أدارت بها البلاد ، الرفض للنهب والسطو والفيد ونسف معالم دولة الجنوب الذي طال تغيير أسماء الشوارع والمدارس والمنشئات والملاعب ، وهدم أواصر الدولة وعراها وتزوير الوعي القيمي والأخلاقي والتنكر للشراكة القائمة على الندية بهدف الضم والإلحاق والطمس ، في أكبر مغالطة للتاريخ والحقيقة .
كان الفقيد رائد الطوسلي شجاعا في مواقفه وتجلى ذلك في انخراطه بصفوف المقاومة للدفاع عن شبوه في حرب الغزو الثانية التي خيضت ضد الجنوب في العام 2015 من قبل مليشيات الحوثي صالح ، وقاد مع بقية رفاقه عمليات المواجهة والتصدي في متارس الشرف والبطولة حتى تحرير شبوة ، ثم عهد اليه قيادة الإدارة المحلية للمجلس الانتقالي في محافظة شبوه نظير أدواره البطولية وقناعاته الراسخة بحق الجنوب بتقرير مصيره واستعادة دولته ، كما واثبت الفقيد قدرته ليس على خوض غمار العمل الثوري والسياسي فحسب ولكنه أيضا اداريا ناجحا حقق كثير من الإنجازات الوطنية كمدير عام لمديرية دار سعد في العاصمة عدن ، ورغم قصر الفترة التي قضاها في تحمل المسئولية إلا أنه كان مثالا للنزاهة ونظافة اليد ، مسكونا بهموم الناس وقضاياهم .
أن الخسارة لفادحة برحيل المناضل رائد الضباب الطوسلي لكنها اقدار الله ، وأن الوفاء يكمن بالسير على ما سار عليه وتمثل مبادئه وصفاته واخلاقياته في مسارات الكفاح الوطني حتى الانتصار .
المجد والخلود لروحه الطاهرة وانا لله وانا اليه راجعون