ما قبل مشاورات الرياض.. السلام يأتي من هنا!

أود الحديث في هذه السطور المتواضعة عن قضية محورية، وأساسية قبل أن تبدأ مشاورات الرياض المزمع اقامتها في مقر مجلس التعاون الخليجي بالعاصمة السعودية الرياض يوم الثلاثاء 29 مارس/أذار الجاري. القضية هي قضية شعب كفاح بالروح والمال وكل ما هو مُتاح في سبيل استعادة وطنه، ودولته التي كانت قائمة قبل الدخول في وحدة إندماجية مع دولة أخرى مجاورة.. هي قضية شعب جنوب عظيم، قدم تضحيات عظيمة، وما زال يقدمها في سبيل تحقيق هدفهم الاعظم المتمثل في استعادة دولة الجنوب كاملة السيادة، وحجم تلك التضحيات جاء بفعل فظاعة وبشاعة ممارسات الاحتلال اليمني آنذاك، وهي من جعلت الجنوبيين يقررون، دون رجعة، استعادة دولتهم. إن كفاح الشعب الجنوبي يُعد أحد أعظم كفاحات الشعوب عبر التاريخ من أجل الحرية والاستقلال؛ فحُب الجنوب، وعدم التخلي عن هدف استعادة الدولة، كلها تسري في دم كل جنوبي، ويظل خيار الدفاع عن أرض الجنوب خيارًا لكل الجنوبيين مهما تعاظمت الظروف، والأزمات. أما بخصوص إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي ترحيبه بمشاورات الرياض فيأتي من إدراكه لأهمية الحوار في إنهاء الأزمات، غير أن الانتقالي كان صريحًا، وواضحًا مع كافة الأطراف المُشاركة بشكل عام، ومع رعاة المشاورات ممثلة بالمملكة العربية السعودية بشكل خاص عندما إعلن انهُ يحمل مشروعًا وطنيًا وشعبيًا ممثل باستعادة دولة الجنوب كاملة السيادة، وهو الهدف الذي لن يتخلى عنه الانتقالي بأي حال من الأحوال، ومهما كانت تعقيدات السياسة، وخبثها، ومكر أعداء الجنوب. كما أن الانتقالي كان واضحًا عندما إعلن أنه منفتح على مشاورات شاملة تضمن حضور جميع الأطراف المعنية، لمعالجة القضايا المحورية وفي طليعتها قضية شعب الجنوب دون أي شروط مسبقة، وهذه كانت رسالة واضحة للمملكة العربية السعودية بأن ما تُسمى بـ"المرجعيات الثلاث" أو "مؤتمر الحوار الوطني" فشلت قبل أن تبدأ، وأنها لا تندرج ضمن تطلعات شعب الجنوب، والسير عليها سيعقد المشاورات قبل بدايتها. الانتقالي دائمًا، وابدًا يعلنها صراحة، وأمام العالم أجمع أن المبادئ، والثوابت الوطنية المتمثلة في استعادة وبناء دولة الجنوب، وتحقيق الهدف الذي اُستشهد من أجله الآف الشهداء، وجُرحى مثلهم وأكثر، ثوابت يُستحال التفريط بها، أو حتى تأجيلها؛ فالانتقالي عندما تشكل في 4 مايو/أيار 2017م، تشكل لأجل هدف، وخيار واحد وهو استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة. نثق في المجلس الانتقالي الجنوبي بقيادة الرئيس القائد عيدروس الزُبيدي في تخطي أي تعقيدات سياسية، وفي المناورات السياسية، فالحرب السياسية ربما تكون أعظم من الحرب العسكرية والإعلامية. أخيرًا، أود التأكيد على أن أي مفاوضات أو مشاورات أو حوارات كانت محلية أو عربية أو إقليمية أو دولية تجري في أي بقعة على هذه المعمورة لا تلبي تطلعات الشعب الجنوبي، وتعطيه حقه، الذي كفلته لهُ كل التشريعات والدساتير، في استعادة دولته الجنوبية المستقلة كاملة السيادة على حدود ما قبل 21 مايو/أيار 1990م، وعاصمتها الأبدية عدن، فإنها لا تعني شعب الجنوب بأي شكلٌ من الأشكال، ولن تجد طريقها إلى النجاح أو التنفيذ.. ولكم في التجارب السابقة عبرة.