المشاورات بعد الاتفاق.. اختبارات صعبة تحاصر الشرعية
منذ نحو ثلاثة أعوام، وتحديدًا في نوفمبر 2019، قادت رعاية سعودية إلى التوصل لاتفاق الرياض الذي كان هدفه الرئيسي ضبط بوصلة الحرب ضد الحوثيين وسحب المليشيات الإخوانية من الجنوب.. مرّت الأيام والأسابيع والأشهر، وكان المشهد ثابتًا، عنوانه خروقات إخوانية متواصلة زجت بالاتفاق في غرفة الإنعاش.
تتجدد الآن الفرصة التي في الأغلب ستكون الأخيرة، أمام ما تعرف بالشرعية لتحسم قرارها ومن ثم مصيرها، فإصرارها على إتباع سياسات التخادم مع المليشيات الحوثية سيأذن بخطوات سياسية مستقبلية ترسخ واقعًا عسكريًّا جديدًا لا يبدو أنّ نظام المؤقت عبد ربه منصور هادي سيكون قادرًا على تحمله.
ما تعرف بالشرعية تجد أنفسها أمام اختبار صعب، فهيكلها الحالي، الخاضع لسيطرة إخوانية، يعي جيدًا أن بقاءه مرتبط بإطالة أمد الحرب واستمرارها لأطول فترة ممكنة، وأن ما أعلنه مجلس التعاون الخليجي (راعي المشاورات) من أن الهدف من هذه الجهود تجميع القوى اللازمة لردع الحوثيين زاد من صعوبة الاختبار الذي يجد نظام هادي نفسه مُلزمًا على مواجهته.
على الأرض، تشير أغلب الترجيحات إلى أن ما تعرف بالشرعية لن تتراجع، وهذا يعود بسبب رئيسي إلى الحجم الكبير من جرائم الفساد التي ترتكبها قيادات المليشيات الإرهابية، وهذا سبب كفيل لها بأن تصر على أجندتها التآمرية ضد التحالف، وهنا تجد ما تسمى بالشرعية نفسها أمام اختبار آخر وهو أن المشاورات وهي تسعى لإعادة ترتيب الصفوف فإنّ جانبًا رئيسيًّا في هذا الإطار يتعلق بمكافحة الفساد واستئصال أذرعه، وهذه رسالة مباشرة لما تسمى بالشرعية لما ترتكبه قياداتها من جرائم فساد واسعة النطاق.
هذه الاختبارات الصعبة التي تُرغَم ما تعرف بالشرعية على مواجهتها، تجعلها محاصرة بين خيارين أحلاهما مر، وكلٌ منهما ستكون هزيمته قاسية على المعسكر الإخواني الذي توهم لفترة طويلة أن هيمنته على ما تعرف بالشرعية سيؤمن بقاءه على رأس المشهد السياسي والعسكري لفترة طويلة الأمد.
عامل آخر يثير ارتجاف ما تعرف بالشرعية وهو حضور المجلس الانتقالي، الذي أعلن مشاركته في المشاورات انطلاقًا من تمسكه بالمبادئ الوطنية، وامتدادًا للشراكة الموقع عليها بين طرفي اتفاق الرياض، وتأكيدًا على شراكته الاستراتيجية مع دول التحالف العربي بقيادة السعودية.
نائب الأمين العام لهيئة رئاسة المجلس الانتقالي فضل الجعدي كان قد شدد على أهمية أهمية مشاركة المجلس في مشاورات الرياض؛ وذلك لتسجيل تمثيل وحضور قوي لقضية الجنوب بما يتوافق مع أهداف وتطلعات الشعب الجنوبي في استعادة الدولة الجنوبية كاملة السيادة وبما لا يتعارض مع اتفاق الرياض.
هذا التمسك الجنوبي قذف الرعب في قلوب ما تعرف بالشرعية التي وجدت نفسها أيضًا عاجزة عن محاولة تحجيم حضور المجلس الانتقالي على الأرض، في مسعى لعرقلته عن تحقيق المزيد من المكاسب السياسية إلى أنّ نجاحات الانتقالي المتتالية غيّرت الكثير من قواعد اللعبة على الأرض.