وآمنهم من خوف

حتى الذين لديهم انتقادات عن أداء الأجهزة الأمنية والعسكرية في مناطق ساحل حضرموت، فإنّهم يسدونها من باب الحرص على الحالة الأمنية والأجهزة والمؤسسات الحامية لها. فالحالة المستقرة قياساً بمعظم مناطق البلاد، يلمسها المواطن والنازح الذي استقر به المقام في الساحل الحضرمي، علاوة على القادمين من دول أخرى من شخصيات رسمية ورجال أعمال وفنيين، فقد أدلوا بتصريحات تراوحت بين الإعجاب والإشادة والدهشة، لأنّ توقعاتهم قبل قدومهم كانت مناقضة تماما لواقع الحال. البارحة كنت اسأل عن أحد اقربائي، فكانت الإجابة ان لديه مكتب خدمات بسيط لخدمة الأجانب الذين يشتغلون في شركات الأسماك وشركات أخرى، يوفر لهم وسائل المواصلات ويرتب مع الفنادق أو مكاتب العقار لتوفير السكن، وكذا تقديم خدمات لوجستية في حال طلبوا ذلك.. طبعاً العدد متواضع، ولكنه مؤشر صالح للقياس. سعدت لحال البلد أكثر من سعادتي بخبر قريبي الذي صار لديه عمل ومصدر دخل.. وأنا استمع لهذا الخبر تذكرت حديث تلفزيوني لمدير شركة حضرموت للأسماك بالشحر الذي سرد حكاية استقدام خبراء وفنيين أوروبيين، وكيف كانت مخاوفهم قبل القدوم لحضرموت، واشتراطاتهم توفير حماية أمنية مشدّدة في موقع عملهم، وأن لا تطول مهمة العمل عن أيام او أسبوعين كحد أقصى.. قدموا إلى حضرموت وتبددت كل مخاوفهم .. وهاهم اليوم وقد مرت أكثر من سنة على استقرارهم بالساحل الحضرمي.. الأرقام الرسمية تشير إلى أن مناطق الساحل الحضرمي باتت أكثر مناطق البلاد جذبا للاستثمار المحلي.. ففي الساحل الحضرمي أكبر مصنع للحديد في البلاد، وأكبر مصانع تعليب الأسماك، وصوامع الغلال، ومصنع أسمنت عملاق. بعض هذه المشاريع بنيت بعد 2016، وبعضها قبل ذلك، ولكنها جميعها تعمل حالياً في ظل بيئة آمنة مستقرة. ولولا مشكلة الكهرباء التي تتحملها بدرجة رئيسية الحكومة المركزية ( ودون إعفاء السلطات المحلية من المسؤولية ) لاندفع الرأسمال المحلي وربما الخارجي للاستثمار وانجاز مشاريع أكبر. ما تحقق أقل بكثير من مستوى الطموح الحضرمي، ولكنه خطوة في الاتجاه الصحيح.