صحيفة دولية : فشل جهود غريفيث يفتح مجال الحسم العسكري في الحديدة
أكدت مصادر سياسية خاصة لـ”العرب” فشل المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث في إحراز أي تقدم خلال مباحثاته التي أجراها مع قادة حوثيين طيلة الأيام الثلاثة التي قضاها في صنعاء.
وبحسب المتابعين للشأن اليمني، فإن فشل الجهود الأممية في اليمن، مرتبط آليا بخيار الحسم العسكري خصوصا في منطقة الساحل الغربي الذي تحوّل انتزاعه بشكل كامل من أيدي المتمرّدين الموالين لإيران، ضرورة حتمية، ليس فقط للأمن الإقليمي ولكن أيضا للأمن الدولي وسلامة خطّ تصدير نفط منطقة الخليج نحو الأسواق العالمية عبر مضيق باب المندب والبحر الأحمر.
وتجسّدت، الجمعة، عمليا ملامح الخيار العسكري لاستعادة مدينة الحديدة ومينائها من خلال حركة القوات اليمنية والتحالف العربي الداعم لها، وتكثيف عملية الحشد والإمداد وتمهيد الميدان بالقصف الجوّي.
ودفعت قوات المقاومة اليمنية المشتركة مدعومة من التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية بتعزيزات عسكرية كبيرة مجهزة بأسلحة نوعية متطورة استعدادا لمعركة تحرير مدينة زبيد بمحافظة الحديدة.
وقالت وكالة الأنباء الإماراتية إنّ القوات باتت تتمركز على مشارف المدينة تأهبا لمعركة كبرى لتحريرها وذلك في إطار تكتيك عسكري يراعي الحفاظ على أرواح المدنيين والبنى التحتية بما يضمن تحرير المدينة التاريخية دون خسائر في صفوف المدنيين الذين تتخذهم الميليشيات دروعا بشرية لحماية عناصرها.
ومن جهته تمكن طيران التحالف العربي من تدمير غرفة العمليات العسكرية التابعة لميليشيا الحوثي داخل مقر الشرطة العسكرية في مدينة الحديدة.
وغادر غريفيث، الجمعة، العاصمة اليمنية متوجها إلى العاصمة الأردنية عمّان، دون أن يدلي بأي تصريح للصحافيين الذين تواجد عدد منهم في مطار صنعاء، الأمر الذي جعل دوائر متعدّدة سياسية وإعلامية تجزم بعدم امتلاكه أي جديد بشأن مهمّته في اليمن.
وقالت ذات المصادر إن غريفيث أصيب بخيبة أمل، جراء استمرار التعنّت الحوثي والتصعيد العسكري المتمثل في استهداف ناقلتي النفط السعوديتين في البحر الأحمر.
ووصفت المصادر ذاتها ذلك الاستهداف بالضربة القاضية التي تعمّد الحوثيون توجيهها للجهود الأممية في اليمن بإيعاز من إيران.
ووفقا لمصادر “العرب” فقد قوبل غريفيث في زيارته الأخيرة لصنعاء بمعاملة حوثية مختلفة عن زيارته السابقة، وتمت معاملته بنفس الطريقة التي عومل بها سلفه إسماعيل ولد الشيخ أحمد في جولاته الأخيرة لصنعاء قبيل تركه لمنصبه، وهو ما يرجح غضب الحوثيين من المقترحات التي قدمها، وتوجس غريفيث نفسه من طريقة تعاطي الجماعة الحوثية مع خطته للسلام في اليمن.
وبحسب المصادر ذاتها فلم يتلق المبعوث الأممي أي رد رسمي مكتوب على مقترحاته حول وضع مدينة وميناء الحديدة كما كان متوقّعا، الأمر الذي دفعه لطلب التواصل مع زعيم الجماعة الحوثية عبر دائرة تلفزيونية كما تم في المرات السابقة.
وعن نتائج المحادثة التي تمت بين غريفيث والحوثي، أكدت مصادر “العرب” رفض زعيم المتمرّدين الانسحاب من مدينة الحديدة أو مينائها وفقا لخطة غريفيث، وإصرارهم على منح الأمم المتحدة دورا رقابيا فقط في الميناء مع بقاء قوّاتهم في مدينة الحديدة ومينائي الصليف ورأس عيسى.
ونقلت وسائل إعلام حوثية عن عبدالملك الحوثي أثناء تواصله مع المبعوث الأممي تأكيده على “أهمية البدء بالخطوات ذات الطابع الإنساني وأهميتها في المساعدة على الحل كملف الأسرى والمعتقلين”.
كما نقلت وسائل الإعلام الحوثية عن زعيم الجماعة مطالبته بـ”أن تحافظ الأمم المتحدة على توازنها وتعاطيها المسؤول وأن تقوم بدورها وفقا لمواثيقها الأممية بعيدا عن أي انحياز” وهو ذات الخطاب الذي أنتجه الإعلام الحوثي في التعامل مع جهود المبعوث السابق إسماعيل ولد الشيخ.
وفي تعليق على أنباء فشل مساعي المبعوث الأممي مارتن غريفيث في إقناع الحوثيين بخطته لإحلال السلام في اليمن، اعتبر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في تصريح خاص لـ“العرب” أن الرهان على انحياز الميليشيات الحوثية إلى خيار السلام كان منذ الوهلة الأولى يبدو أمرا مستحيلا بالنظر إلى تاريخ هذه الجماعة وخلفياتها الفكرية وارتهانها السياسي للمشروع الإيراني الذي أكده استهداف ناقلات النفط في البحر الأحمر مؤخرا.
وأضاف الإرياني “كان خطابنا في الحكومة واضحا منذ البداية وهو أن تترافق أي جهود لإحلال السلام مع المعطيات على الأرض وكذلك مع المرجعيات الثلاث والقرارات الدولية التي تعطي الحق للسلطة الشرعية في التعامل عسكريا مع ميليشيات مسلحة تسيطر على أجزاء ومناطق من الجمهورية اليمنية”.
وأكد الوزير على تجديد الحكومة اليمنية موقفها الثابت من أنه “لا يمكن التوصل لأي اتفاق سلام مع الميليشيات الحوثية طالما ظلت قادرة على حمل السلاح وتلقّي الدعم من إيران وتهديد ممر الملاحة الدولي”.