ماذا يريدون لعدن وأبنائها من وراء ما يجري؟!

عندما أقف أمام عدن قبل (132) عاماً، أي عام 1886م، أرى أمامي ثلاث قلاع عليها القيمة، إلا أنني رأيت ظلاماً دامساً يعم الجزيرة العربية فأمام ماذا وقفت؟ وقفت أمام تأسيس غرفة عدن التجارية Aden Chamber of Comnerce ولم تكن هناك غرفة تجارية على الإطلاق في عموم المنطقة في هذا العام أو العقود اللاحقة لذلك.

ثم ماذا رأيت في هذا العام؟ رأيت أكبر مشروع صناعي بدون مداخن.. إنه مشروع مملاح عدن Aden Salt Pans، وتقدر مساحة أحواض الملح بـ (9) ملايين متر مربعا، ولم يكن هناك نظير لهذا المشروع في عموم المنطقة.
ثم ماذا رأيت في هذا العام؟ رأيت كتاب «النهر الفائض في علم الفرائض» لمؤلفه عبدالقادر مكاوي (والد السيد محمد عبدالقادر مكاوي)، الكتاب مرجعي في الأحوال المدنية (زواج + طلاق+ مواريث.. الخ). وردت في صورة «سؤال» و «جواب» Question & Answer، وكل صفحة ترد فيها أسئلة وأجوبة، وفي الصفحة المقابلة لا نجد الترجمة الانجليزية، واللافت للنظر أن مستوى عبدالقادر مكاوي في الإنجليزية رأيته وأنا اقرأ وليم شكسبير في مسرحياته.. والكتاب (النهر الفائض...) موجود ومسرحيات شكسبير موجودة، وما عليك إلا أن تؤيد ما قلت أو تعارض، فالأمر متروك للقارئ.

عندما أقف أمام ما يجري حالياً في عدن أجدني قد أصدرت حكماً قاطعاً بأن هذه ليست عدن، إنها مخطط استخباري دولي تسيره قوى إقليمية وتنفذه قوى ارتزاق محلية.. فما الذي جرى يا هؤلاء؟.
قضى السيناريو الاستخباري أن يقوم الحوثيون بقصف مناطق معينة شمالاً وجنوباً وهدفها النزوح إلى عدن.. كما قضى السيناريو إقلاق سكينة عدن بعدة أشكال منها تأخير صرف الرواتب لأشهر وتعطيل تنفيذ قرارات رئاسية صدرت بعودة منقطعين عن أعمالهم في السلكين المدني والعسكري منذ 7 يوليو 1994م، وصدرت قرارات تعسفية من المنتصر في تلك الحرب الظالمة، والمعاناة قائمة حتى الآن.

هناك شكل آخر من أشكال إقلاق السكينة، وتمثل ذلك بقدوم نازحين من مناطق جنوبية وشمالية وكل نازح قدم إلى عدن على متن دراجة نارية تسير في اتجاه معاكس أو تقطع رصيف المشاة لتنقل إلى اتجاه معاكس وتنطلق تلك الدراجات بسرعة جنونية دون رادع مروري أو أخلاقي.

بشكل آخر من أشكال إقلاق السكينة أو الفوضى الخلاقة وهي انتشار الميري والسلاح على نطاق واسع، وقام هؤلاء بنهب الأراضي الفضاء في خور مكسر والممدارة ودار سعد والشيخ عثمان والمنصورة والبريقة،
كما قام هؤلاء البلاطجة باقتحام مرافق عامة وخاصة (بحجة أنها لشماليين) وحولتها إلى مساكن خاصة ولم تتحرك السلطة المحلية ولا الأمن بإجراءات رادعة.

كما قام هؤلاء البلاطجة بصنع مصادر للدخل بصورة منافية للقانون والنظام بافتراش الطرقات في الأسواق وافتراش أرصفة الطرقات بقصد رسم «بسطات» وتأجيرها على شماليين (في الغالب)، وأصبحت البلديات فقيرة مقارنة بالأثرياء من الشباب البلاطجة.
يقوم هؤلاء البلاطجة بأعمال عدائية ضد الغير فنسمع عن اغتيالات في مختلف مناطق عدن ولا تتخذ أي إجراءات ضد الجناة. ومما زاد الطين بلة أن قرار صدر بإطلاق سراح محتجزين بينهم جناة قاموا بأعمال قتل عمد مع سبق الإصرار.

أعمال البلطجة مصحوبة بتهديد كل من تسول له نفسه بالكلام عن أعمالهم ويتحركون دون قيود في ظل الصمت المطبق لأقسام الشرط والسلطات المحلية في المديريات.
بموجب المخطط الاستخباري، فهذه ليست عدن عام 1886م وإنما عدن عام 2018م، عدن البلطجة، عدن الفوضى، عدن التستر على الجريمة.
ربّ إن هذا منكراً فأزله !!​