الأمم المتحدة تدعو فرقاء اليمن إلى الانخراط في مسار سلمي غامض
مارتن غريفيث
دعت الأمم المتحدة، رسميا، الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين المدعومين من إيران، إلى مفاوضات في جنيف الشهر المقبل لإيجاد مخرج من الحرب في اليمن، بحسب ما ورد الجمعة على لسان متحدثة أممية.
وبينما أثار تأخير توجيه الدعوة إلى هذا الوقت، مجدّدا مسألة بطء حراك المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، فقد عادت الأسئلة بشأن جدية ذلك الحراك، وما تمّ اتخاذه بشكل عملي لإنجاحه.
ولا تخفي أطراف يمنية تشاؤمها بشأن نجاح الدبلوماسي البريطاني غريفيث في تحقيق اختراق في الملف اليمني عجز عنه سابقاه، إسماعيل ولد الشيخ أحمد وجمال بن عمر.
ومن أبرز أسباب التشاؤم لدى الطرف الحكومي المعترف به دوليا والمدعوم من تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، عدم إظهار غريفيث بوادر التزام بمبادئ وأسس متفق عليها ضمن ثوابت الحلّ السياسي للأزمة اليمنية متمثّلة على الخصوص بالمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني والقرار الأممي 2216 الصريح في مطالبته الحوثيين بإنهاء سلطة الأمر الواقع التي يفرضونها وتسليم السلاح للدولة.
وتترجم التطورات الميدانية في جبهات القتال، عدم الثقة بمسار السلام الأممي الذي يحاول غريفيث إطلاقه، حيث واصلت القوات اليمنية المدعومة من التحالف العربي تقدّمها على عدّة جبهات مسترجعة العديد من المناطق من سيطرة الحوثيين.
وقالت أليسندرا فيلوتشي خلال مؤتمر صحافي في مقر الأمم المتحدة بجنيف “يمكنني أن أؤكد أن مكتب الموفد الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث بعث دعوات إلى كلّ من الحكومة اليمنية وأنصار الله”، وهي التسمية التي يطلقها المتمرّدون الحوثيون على الجناح السياسي لحركتهم.
ويُؤخذ على غريفيث إضافة إلى بطئه وغموض حراكه، لجوؤه إلى العناوين الكبيرة والشعـارات العـامة بـدل الإفصاح عـن إجراءات عملية وأفكار واقعية بشأن تحقيق السلام في اليمن وفق المبادئ والأسس المتفّق عليها.
وبحسب متابعين للشأن اليمني، فإنّ سلوك غريفيث هذا دليل على عدم قدرته على تليين مواقف الحوثيين المدعومين من إيران والمرتبطين بها في سياساتهم وقراراتهم، بما في ذلك القرارات المتعلّقة بالمشاركة في مسار السلام.
ومطلع أغسطس الجاري أكد غريفيث أمام مجلس الأمن الدولي أنّ الحل السياسي ممكن في اليمن وأن الأطراف المختلفة ستدعى لبدء محادثات سلام في جنيف في السادس من سبتمبر القادم.
وكانت مباحثات سلام سابقة رعتها الأمم المتحدة ممثلة بمبعوثها السابق إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد قد تعثّرت بعد عدّة لقاءات بين الفرقاء اليمنيين جرت في الكويت، وانتهت صيف سنة 2016 دون تحقيق أي نتائج بسبب الخلافات حول عدة نقاط خصوصا انسحاب المتمردين الحوثيين من عدة مدن استراتيجية وتسليم السلاح الثقيل للدولة.
وجاءت الدعوة الأممية للحكومة اليمنية والمتمرّدين الحوثيين، في وقت واصلت فيه القوات الموالية للشرعية من جيش ومقاومة مدعومين من التحالف العربي، انتزاع العديد من مناطق شمال وغرب اليمن من أيدي المتمرّدين.
وعلّقت مصادر سياسية يمنية على ذلك التقدّم الميداني بالقول إنّه لن يكون من دون تأثير في مباحثات السلام التي تعمل الأمم المتحدة على عقدها في جنيف.
وأشارت إلى أنّ تواصل تقدّم قوات الشرعية على نفس الوتيرة الحالية، يساهم في إضعاف الموقف الميداني، وبالتالي السياسي للمتمرّدين الحوثيين.
وتمكّنت القوات اليمنية خلال الأيام الماضية من السيطرة على منطقة مثلث عاهم الواقعة إلى الشمال من مركز مديرية حيران وعلى بعد نحو عشرة كيلومترات جنوبي مدينة حرض بمحافظة حجّة في شمال غرب اليمن.
وبحسب مصادر عسكرية يمنية فإن أهمية هذا التقدّم تكمن في كونه يؤدّي إلى قطع طرق إمداد ميليشيا الحوثي باتجاه الحديدة جنوبا فيما يعزل مديرية حرض ذات الأهمية الاستراتيجية ويهيئ لسقوطها بيد قوات الشرعية.
ويؤكد باحثون وخبراء يمنيون على الترابط الكبير بين جبهات شمال اليمن وخصوصا محافظة حجة، وجبهة الساحل الغربي حيث محافظة الحديدة، عبر تقليص مساحة تواجد الحوثيين على الشريط الساحلي على البحر الأحمر الذي يمثّل شريانا حياتيا أساسيا لتمرّدهم.
وفي تصريح لـ“العرب” أكد الصحافي اليمني علي حميد الأهدل بروز العديد من المؤشرات على تفاقم حالة الارتباك في صفوف الميليشيات الحوثية في محافظة الحديدة، مشيرا إلى عقد قادة الميليشيات سلسلة من الاجتماعات مع أعيان مناطق وقرى مديريات الجراحي وزبيد وبيت الفقية والمنصورية والمراوعة وباجل وإجبارهم على رفع تقارير إحصائية عن الشباب المتواجدين في مناطقهم وإقناعهم بحشد المزيد من المقاتلين في الجبهات.