الدبلوماسيون.. فساد عابر للحدود
رأي المشهد العربي
ألقى الفساد في اليمن بظلاله على جميع المؤسسات الحكومية حتى وصل للدبلوماسية وهي المرآة التي يرى اليمن نفسه فيها داخله وخارجه، وعلى الرغم من ذلك لم تسلم من عبث العابثين الذين يصرون على تشويه صورة اليمن الأمر الذي يصب في مصلحة مليشيا الحوثي الانقلابية.
وجاء تصديق رئيس الحكومة على تعيين أنور زمام نجل شقيق محافظ البنك المركزي محمد منصور زمام، مساعداً للملحق التجاري للشئون الجمركية في السفارة اليمنية بالقاهرة بعد أن كان يدير مكتب زمام بالبنك وهو أيضاً متزوج من نجلة زمام، ليؤكد أن الفساد استشرى داخل اليمن وعبر للحدود خارجه.
ويبدو أن المحسوبية لن تنتهي فمن صالح إلى الحوثيين إلى حكومة أحمد بن دغر التي تواجه جملة من الاتهامات بالفساد، تأتي في مقدمتها تعيينات بعض الموظفين الذين على علاقة بجهات ضد جهود الشرعية والتحالف العربي باليمن.
وسبق أن شنّ اليمنيون جملة من الانتقادات بحق الحكومة اليمنية، على مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الفترة الماضية، احتجاجًا على تعيينات عائلية لأقارب وزراء ومسؤولين وقيادات عسكرية في الحكومة الشرعية، في مواقع وظيفية مهمة، بعيدًا عن المعايير الوظيفية.
ويشير الناشطون إلى تعاظم حجم الفساد في الحكومة الشرعية، مع استمرار صدور القرارات السرّية، في وقت تعاني منه البلاد من حرب طاحنة ومستمرة لأكثر من 3 سنوات متتالية.
ووسط الحرب وأزمة اقتصادية حادة، حيث مليون موظف حكومي بلا رواتب منذ 11 شهرا، وفي الوقت الذي يعاني فيه الملايين من السكان من الفقر ويصارعون الجوع مازال الفساد يسيطر على المؤسسات الحكومية.
وعلى الرغم من الإصلاحات التي قام بها الرئيس عبد ربه منصور هادي على استحياء في وزارة الخارجية اليمنية، واستطاع الحد من نفوذ صالح فيها بعد إعفاء وزير الخارجية أبو بكر القربي الذي ظل يشغل منصب الوزير منذ 2001، إلا أن التطهير لم يكتمل بل وتوقف تماما.
وباتت المحسوبية في تعيين السفراء بالخارج هي السائدة حتى وصل الوضع لما هو عليه الآن أن يتعرض مجموعة من اليمنيين لهذه الأزمة ولا يحرك ذلك ساكنا للسفارة اليمنية في أمريكا وهذا رد فعل طبيعي لوزارة مثل الخارجية مقسمة بين عناصر الظل من رجال حزب الإصلاح وصالح ورجال الأعمال فكل همهم هو الحصول على امتيازات مادية.
ويتضح أيضاً أن رجال وزارة الخارجية اليمنية في الدول الخارجية هم متواجدون في الأساس لتقاسم المنح والسطو على مزايا طلاب اليمن المغتربين وتقديمها لأبنائهم وذلك وفقا لتقارير صحفية كثيرة تحدثت عن ذلك وأكثر من ذلك.
وأظهرت الكثير من الأزمات ضعف الدبلوماسية في التعامل مع الكثير من القضايا أهمها التقرير الأممي المزعوم الذي ادعى أكاذيب ما أنزل الله بها من سلطان في اليمن في حين تغاضى تماما عن الجرائم الحوثية في اليمن، فقطعا الدبلوماسية لم تقم بعملها في التواصل مع المنظمات الأممية والتوضيح لهم أولا بأول حقيقة ما يحدث في اليمن.
وكذلك الأمر الأزمة الأخيرة المتعلقة بالشباب اليمنيين الذين اختطفوا على يد عصابة بالمكسيك وطلب منهم فدية 15 ألف دولار على كل فرد ولأنهم ليس لديهم أموال تم تعذيبهم ورميهم على الحدود مع أمريكا وهم الآن رهن الاعتقال في السجون الأمريكية دون أن نسمع عن تدخل من السفارة اليمنية هناك لنجدة هؤلاء الذين خرجوا من اليمن للبحث عن أمان ليجدوا السجن والتعذيب أمامهم.
وكان وزير الخارجية خالد اليماني أكد في تصريحات صحفية أن عمليات تطوير وتغييرات ستشهدها الدبلوماسية اليمنية، خلال الفترة القادمة، تشمل إعادة تقييم الأوضاع الحالية للسفارات وكوادرها.
وتطرق إلى أنه ستتم إعادة مراجعة كل وضع السياسات الدبلوماسية والأوضاع في السفارات بالخارج وتقييم الكادر وتقليص عدد الموظفين، مؤكدا أن "هناك كمّاً هائلاً من الدبلوماسيين والإداريين يعملون في الخارج وكأننا دولة عظمى، لكن ذلك لم يحدث حتى الآن بل زاد الطين بله.
فساد الدبلوماسية اليمنية لابد من مراجعته قبل فوات الأوان فعملها لا يقل اهمية عن العمليات العسكرية فلابد من يد تحارب والأخرى تناور سياسيا من أجل التوصل لحلول تنهى هذه الأزمة، لكن يبدو أن الكثير يعتبر أن استمرار الحرب هو استمرار لحصوله على الأموال والامتيازات من هنا وهناك وقضية السطو على المنح الدراسية والمالية الخاصة بالطلاب اليمنيين ليست منا ببعيد.
كما أن تعيين أشخاص غير مؤهلين لمناصب حساسة كفيلة بإنتاج جمود دبلوماسي في وقت اليمن يحتاج فيه لمرونة وسيولة تخرجه من هذه الأزمة، من خلال أشخاص أصحاب أفعال وليس ردود أفعال.
بيد فإنه إذا كان هناك نية صادقة لتصويب أوضاع الدبلوماسية في اليمن لابد أن تعترف دوائر صنع القرار السياسي في اليمن أن السياسة الخارجية اليمنية تمر بأسواء حالتها لأسباب كثيرة منها افتقاد الخبرة والدراية بإدارة هذا الملف الخطير.