واشنطن حذرت الأسد 3 مرات.. هل هناك ضربة جديدة؟
للمرة الثالثة، حذرت الولايات المتحدة نظام بشار الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية في هجوم مرتقب للقوات الحكومية السورية والميليشيات المتحالفة معها على آخر معاقل المعارضة المسلحة في محافظة إدلب، شمالي البلاد.
وفي التحذير الأكثر وضوحا حتى الآن، قال مستشار الأمن القومي الأميركي، جون بولتون، الاثنين، إن الولايات المتحدة وحلفائها البريطانيين والفرنسيين اتفقوا على أت أي استخدام لأسلحة كيماوية أخرى من جانب دمشق سيؤدي إلى تصعيد كبير ، مقارنة بالضربة السابقة بعد استخدام أسلحة كيماوية في خان شيخون بإدلب.
وأوضح بولتون في بيان: "إذا كان هناك استخدام للأسلحة الكيماوية، فإن الرد هذه المرة سيكون أقوى بكثير".
وبحسب مجلة "فورين بوليسي"، تأتي تعليقات بولتون عقب الكشف عن أن وزارة الدفاع الأميركية "البنتاغون" تعكف حاليا على وضع خيارات عدة لعمل عسكري محتمل في سوريا، في وقت بدأت فيه روسيا وسوريا بشن غارات جوية على مواقع للمعارضة المسلحة في إدلب.
من جانبه، حذر ترامب، مطلع الأسبوع الماضي، من أن هجوم الأسد على إدلب سيجعل الولايات المتحدة "غاضبة جدا".
وأضاف في تغريدته على تويتر أن على الأسد ألا يشن "هجوما متهورا"، وأردف: "سوف يقترف الروس والإيرانيون خطأ إنسانيا خطيرا إذا شاركوا في هذه المأساة الإنسانية، حيث يمكن يجري قتل قتل مئات الآلاف من الناس".
وكررت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة، نيكي هالي، هذا التحذير، الخميس، خلال اجتماع مجلس الأمن للأمم المتحدة بشأن استخدام الأسلحة الكيماوية في سوريا.
وقالت هالي: "نريد أن ننتهز هذه الفرصة لتذكير (الأسد) وشركائه الروس والإيرانيين بأن لا يراهن عدم رد الولايات المتحدة ".
ودعت، على وجه التحديد، موسكو لوقف هجوم الأسد على إدلب، الذي وصفته بأنه "تصعيد متهور حتى لو لم يجري استخدام الكيماوي".
كما حذرت الأمم المتحدة من وقوع كارثة إنسانية إذا حدث هجوم على محافظة إدلب بها حوالي 3 ملايين شخص، بما في ذلك أكثر من مليون مدني نازح من أجزاء أخرى من سوريا.
يذكر أن رئيس هيئة الأركان المشتركة الأميركي، جوزيف دانفورد، صرح، السبت، أن الرئيس دونالد ترامب "كان واضحا بشأن العواقب المترتبة على استخدام الأسلحة الكيماوي".
ورغم عدم اتخاذ قرار بضرب قوات الأسد حتى الآن، أشار دانفورد إلى أن الرئيس الأميركي "يتوقع منا أن يكون لدينا خيارات عسكرية، وقد قدمنا له اقتراحات عدة بشأن تطوير وتفعيل تلك الخيارات العسكرية".
سياسة "الباب المفتوح"
من جانبها، قالت الباحثة مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، ميليسا دالتون، إن الإدارة الأميركية "تسعى إلى إرسال تحذير واضح" إلى نظام الأسد، ومع ذلك، نوهت إلى أن المسؤولين الأميركيين يحاولون أيضا "إبقاء الباب مفتوحا أمام حل سياسي لمسألة إدلب".
وفي نفس السياق، ترافقت التهديدات الأميركية مع تحذيرات من خبراء من أن انسحاب واشنطن من سوريا سيترك الأخيرة عرضة لنفوذ إيراني وروسي كبير.
لكن الخميس الماضي، أوضح جيمس جيفري، المبعوث الخاص الجديد لوزير الخارجية، مايك بومبيو، إلى سوريا، أن ترامب وافق على خطة جديدة تقضي ببقاء القوات الأميركية في سوريا، ليس فقط لضمان هزيمة تنظيم داعش بشكل دائم، ولكن أيضا للتأكد من خروج جميع القوات والميليشيات الإيرانية.
وتؤكد الاستراتيجية الجديدة لواشنطن مدى تكثيف الضغوط الأميركية على نظام وداعميه الروس والإيرانيين.
وفي هذا الصدد قال جيفري لصحيفة "واشنطن بوست": "سياستنا الجديدة تقضي بعدم انسحابنا من سوريا بنهاية العام، وهذا يعني أننا لسنا على عجلة من أمرنا".
استعراض للقوة
وفي استعراض آخر للقوة، أطلقت البنتاغون تدريبا مفاجئا جنوبي سوريا، الجمعة، بعد أن هددت روسيا بعمل عسكري في منطقة تتواجد فيها القوات الأميركية.
وينطوي التمرين على دخول القوات الأميركية إلى قاعدة التنف بواسطة بمروحيات هجومية وإجراء تدريبات على إطلاق النار، وفقا لبيان صادر عن القيادة المركزية الأميركية.
ويعتقد الباحث الكبير في معهد بروكينغز، مايكل أوهانلون، أن التحول المفاجئ في الاستراتيجية الأميركية جاء من جراء زيادة النفوذ الروسي والإيراني في سوريا.
وفي بحث نُشر، الجمعة، تحت عنوان "تحول بعشر درجات"، أوضح أوهانلون وزملاؤه في بروكنغز في أن السياسة الأميركية تجاه سوريا تغيرت كثيرا بما في ذلك الحفاظ على الوجود العسكري الحالي في الشمال الشرقي وشرقي البلاد، والعمل مع حلفاء الرئيس السوري، مثل روسيا، لإقناعه بالتنحي في نهاية المطاف.
وقال أوهانلون: "أنا سعيد بالتقارير المتعلقة بوجود أميركي غير دائم"، لكنه أضاف: "نحن بحاجة أيضا إلى استراتيجية سياسية أكثر واقعية تقر ببقاء الأسد في الحكم.. ولو لفترة من الوقت على الأقل".
أما الباحثة مليسيا دالتون، فترى أن المبعوث الجديد إلى سوريا، ونائب مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، جويل ريبورن، بإقناع ترامب بالحفاظ على وجود أميركي طويل الأمد في سوريا هو أمر حاسم لمواجهة النفوذ الروسي والإيراني في المنطقة.
وأردفت: "يمكن القول إن خروج القوات الأميركية من شمال شرقي سوريا سوف يسمح لنظام الأسد باستعادة تلك المنطقة، وبالطبع زيادة نفوذ إيران".