صحيفة دولية: الحوثيون يبددون الفرص الأخيرة لإحلال السلام في اليمن
تؤكد ممارسات الجماعة الحوثية المدعومة من إيران أنه ليس من ضمن خططها دعم العملية السياسية في اليمن وإسناد جهود إحلال السلام في هذا البلد الذي يعاني أزمة إنسانية متفاقمة. وشكك وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني في إمكانية نجاح المبعوث الأممي في إقناع الحوثيين بالعودة إلى طاولة المشاورات أو إجبارهم على احترام القرارات الدولية.
قلل وزير الإعلام في الحكومة اليمنية معمر الإرياني من فرص نجاح المبعوث الأممي مارتن غريفيث في إقناع الحوثيين بالعودة إلى طاولة المشاورات دون شروط وحثهم على الانصياع للقرارات الدولية ذات الصلة بالملف اليمني.
ولفت إلى أن وفد الحكومة ذهب إلى مشاورات جنيف ولديه رغبة أكيدة وتوجيه واضح من الرئيس عبدربه منصور هادي للعمل على تخفيف معاناة الشعب اليمني المتزايدة، جراء ممارسات الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران.
وأشار الإرياني في تصريح لـ”العرب”، إلى أن التجربة الطويلة للحكومة الشرعية في خوض الحوارات مع الجماعة الحوثية، عززت الشكوك بعدم جدوى أي حوار سياسي مع ميليشيات عقائدية ترهن قرارها السياسي بالكامل لإيران وحزب الله.
واعتبر الإرياني أن جهود المبعوث الأممي وزيارته الأخيرة لمسقط ولقاءاته بقيادات حوثية، إضافة إلى زيارته المرتقبة لصنعاء التي من المتوقع أن تبدأ الأحد، تأتي ضمن محاولات الفرصة الأخيرة لإحلال السلام في اليمن.
ويبدو أن مفاوضات السلام تمر بلحظاتها الأخيرة، في ظل التعنت الحوثي الذي ظهر في أوضح صوره بعد رفض وفد الانقلابيين الحضور إلى مشاورات جنيف واختلاقه العديد من الذرائع لذلك.
وساهم وضع الحوثيين العراقيل والشروط في كشف المجتمع الدولي حقيقة هذه الجماعة وعدم رغبتها في تحقيق أي سلام واستغلالها الجهود الأممية، لكسب عامل الوقت من أجل تحقيق أهداف عسكرية.
وربط الإرياني بين المواقف الحوثية المتخبطة في المسار السياسي والهزائم الكبيرة التي يتلقونها في مدينة الحديدة، مشيرا إلى أن اقتراب الميليشيات من خسارتها لآخر ميناء على البحر الأحمر جعلها تلجأ لأساليب المراوغة السياسية والاستعانة بالملف الإنساني الذي عادت لاستثماره مجددا.
وتسببت ممارسات الميليشيات الحوثية في مفاقمة الأزمة الإنسانية في اليمن، ويستثمر المتمردون هذا الملف كلما ضاق الخناق عليهم في الحديدة.
وطالت ممارسات الحوثيين المنظمات الدولية العاملة في المجال الإنساني، وكان آخرها اقتحام الميليشيات المدعومة من إيران مخازن منظمة اليونيسف وبرنامج الغذاء العالمي في الحديدة وتحويلها إلى مواقع عسكرية بعد التحصن فيها.
وشدد الإرياني على أن تحرير الحديدة حق مشروع للحكومة اليمنية الشرعية بموجب القوانين الدولية وقرارات مجلس الأمن، التي خولت لها، باعتبارها معترفا بها دوليا، بسط سيطرتها على كافة مناطق البلاد.
ويرى الوزير اليمني أن محاولات الحوثيين أو البعض من الأطراف الدولية الربط بين معركة تحرير الحديدة والعملية السياسية أمر يتعارض مع جوهر القوانين الدولية وحق الدول في بسط نفوذها على أراضيها.
كما يقول الإرياني إن “هذه المحاولات جزء من مسلسل إنقاذ الميليشيات الحوثية، تحت عناوين سياسية وإنسانية، في الوقت الذي تتحمل فيه تلك الميليشيات الانقلابية مسؤولية تعطل العملية السياسية في اليمن التي تفاقم الوضع الإنساني في البلاد”.
وتوقع وزير الإعلام في الحكومة اليمنية أن يتم استكمال تحرير الحديدة في الفترة القادمة. ولفت إلى وجود الكثير من المؤشرات التي تؤكد شروع الحوثيين في نقل أموال البنوك وبيع الأراضي والعقارات في المدينة، إلى جانب مغادرة عدد من أبرز قادتهم.
وتؤكد المؤشرات، بحسب الإرياني، تعاظم شعور الحوثيين بخسارة المعركة في أعقاب وصول قوات الحكومة الشرعية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية إلى أجزاء واسعة من جنوب الحديدة وإحكام السيطرة على اثنين من أهم طرق الإمداد التي تربط الحديدة بصنعاء وتعز.
ورجحت مصادر دبلوماسية وصول المبعوث الأممي إلى صنعاء للقاء قادة حوثيين وعلى رأسهم زعيمهم عبدالملك الحوثي، بعد لقاءات سابقة أجراها مع قيادات من الجماعة في العاصمة العمانية مسقط.
وتحدثت مصادر إعلامية عن تسليم دولة الإمارات رسالة إلى مجلس الأمن أكدت فيها مضي التحالف في دعم جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى اليمن، تماشيا مع القرارات الأممية والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني.
وجددت الرسالة إيمان التحالف بأهمية الانخراط في العملية السياسية لإحلال السلام والأمن في اليمن. وشددت رسالة الإمارات على أن “الإجراءات العسكرية يجب أن تكون آخر الخيارات من وجهة نظر التحالف، إلا أن تحرير الحديدة أصبح أمرا ضروريا من أجل ضمان انخراط الحوثيين ثانية في محادثات السلام”.
ومن جهته قال وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، إن “عمليات الحديدة الحالية تحقق أهدافها بنجاح وإن”معنويات الحوثي في الحضيض والخسائر في صفوفه كبيرة جدا”.
ورجح مراقبون سياسيون إمكانية عقد جولة جديدة من المشاورات التي ترعاها الأمم المتحدة خلال الفترة القادمة، بعد تعثر المشاورات التي كان من المزمع انعقادها في مدينة جنيف في السادس من سبتمبر.
لكن هؤلاء استبعدوا أن تنجح الضغوط الأممية في إيقاف معركة تحرير الحديدة التي قالوا إنها وصلت إلى نقطة اللاعودة وإن بات من غير الممكن وفقا لقواعد الاشتباك العسكرية فرض أي هدنة، بعد أن تلاشت خطوط التماس داخل المدينة وفي محيطها نتيجة تقدم قوات المقاومة المشتركة وسيطرتها على مواقع هامة في شرق وجنوب الحديدة.