صحيفة دولية: صنعاء عاصمة بلا غاز ولا بنزين

الثلاثاء 18 سبتمبر 2018 09:18:13
صحيفة دولية: صنعاء عاصمة بلا غاز ولا بنزين
"العرب" اللندنية

تشهد العاصمة صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين أزمة شح وقود وغاز طهي خانقة، تزامنا مع هبوط الريال اليمني أمام سلة العملات الأجنبية وارتفاع أسعار السلع بنسبة 300 بالمئة.

وتصطف يوميا المئات من السيارات في طوابير طويلة أمام بعض محطات الوقود التي ما زالت مفتوحة بعد أن أغلقت العشرات من المحطات أبوابها، فيما وصل سعر اللتر الواحد من وقود السيارات في السوق السوداء إلى 900 ريال (1.5 دولار).

وكان سعر اللتر من الوقود يباع قبل حلول الأزمة الجديدة، بـ400 ريال (0.65 دولار)، وارتفع إلى أكثر من الضعف خلال ثلاثة أيام فقط، مع الحديث عن توقف استيراده عبر ميناء الحديدة، غربي البلاد.

يقول سكان محليون إن “بعض المحطات بقيت تعمل، إلا أن العديد من المواطنين لم يستطيعوا الحصول على الوقود بسبب الازدحام الكبير أمامها”.

ويقول مالك محطة وقود إن الأزمة ستستمر على الأقل خلال اليومين القادمين، فحتى الآن لا توجد حلول من قِبل الحوثيين الذين يسيطرون على توريد المشتقات النفطية إلى المحافظات الخاضعة لسيطرتهم. سكان في العاصمة صنعاء يقولون إن أزمة انعدام البنزين سبقها

انعدام لمادة الديزل (السولار)، ووصل سعر اللتر الواحد في السوق السوداء إلى 700 ريال (1.14 دولار)، بعد أن كان يباع بنحو 350 ريالا (0.57 دولار).

ويضيف هؤلاء أن تجار السوق السوداء في صنعاء يرفعون الأسعار بلا خجل أو ضمير، ولا يراعون ظروف الناس المعيشية والاقتصادية المتدهورة.

ويعزو ملاك محطات الوقود، الأزمة إلى شح الاستيراد، وأن سلطات الحوثيين فشلت في معالجة الأزمة، فيما يتهم آخرون الحوثيين بأنهم هم من يقفون خلف الأزمة، من أجل بيع الوقود في السوق السوداء.

يقول الشاب سمير الذي يعمل على سيارة صغيرة، إنه زود سيارته بالوقود بسعر مضاعف، بعد أن اضطر إلى الوقوف ساعات طويلة في طابور طويل أمام محطة وسط صنعاء الليلة الماضية.

ويضيف أن الحوثيين الذين يسيطرون على استيراد الوقود هم من يتسببون في الأزمة، موضحا أنه خلال وقوفه في الطابور وصلت مقطورة كبيرة من الوقود وأفرغت حمولتها في خزانات المحطة، لكن “على الفور أغلقوا المحطة لساعات أمام الطابور الطويل، ليعيدوا فتحها مجدداً، ولم تمر نصف ساعة حتى قالوا لنا إن البنزين انتهى، بينما خزانات المحطة ممتلئة به”.

وبدت حركة السيارات ووسائل النقل في العاصمة صنعاء شبه متوقفة، وأصبح سائقو سيارات الأجرة متوقفين عن أعمالهم، ويعاني طلبة الجامعات من الحصول على مكان شاغر في الحافلات المزدحمة، في وقت بدت فيه الشوارع خالية من السيارات. بالتزامن مع أزمتي انعدام وقود البنزين والديزل، يعاني سكان المدينة من انعدام توفر الغاز المنزلي، ووصل سعر الأسطوانة (20 لترا) في السوق السوداء إلى 8 آلاف ريال (13.1 دولار)، مرتفعة بـ5 آلاف ريال عن السعر السابق.

وشوهدت طوابير طويلة من الأسطوانات، في انتظار شاحنات الغاز، بعد أن منع الحوثيون التزود بغاز الطهي من المحطات، إثر زيادة الطلب عليه من الحافلات والسيارات الصغيرة.

ويقول سكان محليون إن سماسرة الحوثيين أقاموا عددا من نقاط بيع أسطوانات الغاز في عدد من المناطق، وتبدأ تلك النقاط البيع بعد المغرب بمبلغ يصل إلى 7 آلاف ريال للأسطوانة الواحدة.

ويضطر الأطفال إلى عدم الذهاب إلى المدرسة لأن أسرهم تكلفهم بالوقوف في طوابير محطات الغاز، كما تضطر ربات البيوت إلى ترك أطفالهن ساعات طويلة من أجل الحصول على أسطوانة الغاز بثمن لا يستطيع دفعه الجميع.

تقول أم محمد أنها صارت عاجزة عن شراء أسطوانة غاز لارتفاع سعرها، مما اضطرها في الكثير من الأحيان إلى الاعتماد على الخشب ومخلفات الحيوانات لإشعال الموقد التقليدي من أجل إعداد وجبات الطعام لأطفالها.

وتقول ربة المنزل صفية “أقضي ساعات من النهار في جمع الكرتون ومخلفات البناء والأخشاب مع إضافة عود واحد من الحطب لإعداد وجبة واحدة للأطفال في اليوم”، مضيفة أن “فقدان الغاز المنزلي سيجعل الكثير من الناس يموتون جوعا”.

 وحسب قول برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة الشهر الماضي، دفعت سنوات الصراع اليمنيين إلى حافة المجاعة، كما تسببت في أكبر أزمة جوع يشهدها العالم حاليا. وأوضح البرنامج الأممي أن ما يقرب من 18 مليون يمني لا يعرفون من أين ستأتي وجباتهم المقبلة، في حين يعيش أكثر من 8 ملايين منهم في جوع شديد، ويعتمدون كليا على المساعدات الغذائية الخارجية.

وأعلنت السلطات الصحية في محافظة صنعاء اليمنية عن إصابة أكثر من 5870 شخصا بسوء التغذية الحاد في عدد من مناطق المحافظة، خلال النصف الأول من العام الجاري. وقال نائب مدير إدارة التغذية في مكتب الصحة في المحافظة حفظ الله السياغي، إن الأوضاع الإنسانية المتدهورة التي يعاني منها المواطنون اليمنيون، وانخفاض مستوى الدخل، وعدم القدرة على توفير الغذاء، أدت إلى انتشار حالات سوء التغذية في عدد من المديريات الريفيّة في المحافظة.