العرب اللندنية: تحرير الحديدة ما يزال يخضع لاعتبارات إنسانية
- أُعلن الإثنين عن مقتل وأسر العشرات من عناصر ميليشيا الحوثي في عملية عسكرية شنّتها المقاومة اليمنية المدعومة من قوات التحالف العربي بقيادة السعودية على المتمرّدين المدعومين من إيران، في منطقة الساحل الغربي لليمن حيث تدور معركة الحديدة على وقع الفشل الأممي في جلب الحوثيين إلى طاولة الحوار، رغم إعلان مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث عن مواصلة جهوده لعقد محادثات جديدة بين الأفرقاء اليمنيين بعد فشله أوائل سبتمبر الماضي في عقد محادثات بجنيف تعمّد الحوثيون التغيّب عنها بذريعة عدم حصولهم على ضمانات حول إجراءات تنقّلهم من العاصمة صنعاء التي يحتلّونها والعودة إليها.
وجاءت العملية التي استهدفت الحوثيين في مناطق بجنوب محافظة الحديدة، وأسفرت عن مقتل أربعة وخمسين من عناصرهم وأسر ثلاثة عشر آخرين، غداة تهديد قيادة التمرّد الحوثي لدول الإقليم باستهداف منشآت مـدنية فيها بطـائرات مسيّرة وزوارق مفخّخة، الأمر الـذي فهـم باعتباره رسالة تصعيدية من الحوثيين، وتحديدا من إيـران المتحكّمة في قرارهم والراغبـة في استدامة التوتّر في اليمن، خصوصا مع اشتداد العقوبات الأميـركية وانخـراط دول إقليميـة في تطبيقها.
ويقول متابعون للشأن اليمني إنّ المعادلة المطبّقة من قبل دول التحالف العربي بشأن اليمن باتت واضحة، وتتمثّل في الاستجابة الكاملة لجهود السلام ومساندتها، مع الإبقاء على خيار الحسم العسكري قائما، في ظلّ فارق القوّة الكبير لمصلحة التحالف والقوى التي يدعمها، والوضع الميداني القائم في الحديدة ذات القيمة الاستراتيجية والتي تمثّل مفتاحا رئيسيا لاستكمال تحرير المناطق اليمنية بما في ذلك العاصمة صنعاء.
ويلفت هؤلاء إلى أنّ تحريك الجهد العسكري في الحديدة ما يزال خاضعا لحسابات إنسانية، إذ يُحجم التحالف إلى حدّ الآن عن اقتحام مركز المحافظة المأهول بالسكان، حيث يتمترس المقاتلون الحوثيون داخل أحيائهم ويتخذونهم دروعا بشرية.
وفي ضوء ذلك تتحرّك عملية تحرير الحديدة بخطوات محسوبة تراعي سلامة المدنيين وتحافظ على حياتهم، دون السماح للمتمرّدين بتحقيق أيّ مكسب ميداني وإحداث خرق في أي من المحاور واستعادة أي من الأراضي التي خسروها.
وشنّت قوات المقاومة اليمنية المشتركة بدعم من قوات التحالف العربي هجوما منسّقا على مواقع وتجمّعات للحوثيين بمنطقة الجاح غرب مديرية بيت الفقيه وبمديريتي التحيتا وحيس جنوبي محافظة الحديدة.
وجاء الهجوم، بحسب ما أوردته الإثنين وكالة الأنباء الإماراتية، بعد رصد التحالف لمحاولات تسلّل لميليشيا الحوثي في تلك المناطق. ووصفت الوكالة العملية بالنوعية والمباغتة، مشيرة إلى أنّها أسفرت عن دحر المقاتلين الحوثيين و”هروب عدد كبير منهم تاركين خلفهم عتادهم وأسلحتهم وقتلاهم”.
وأشارت إلى أنّ من القتلى الأربعة والخمسين قيادي ميداني حوثي يدعى محمد علي صالح غالب، مضيفة أنّ قوات المقاومة نجحت في تدمير تحصينات ميليشيا الحوثي في منطقة الجاح، والتقدّم شرقا صوب منطقة الحسينية بمحافظة الحديدة.
وفي نطاق العملية ذاتها استهدفت قوات ألوية العمالقة مواقع الحوثيين في مديريتي التحيتا وحيس وكبّدتها خسائر فادحة في العتاد والأرواح، إضافة إلى السيطرة على مواقع عسكرية كانت في قبضتها شرق مديرية حيس ومصادرة عدد من الأسلحة.
ونقلت الوكالة عن أحمد غيلان، ركن توجيه قوات المقاومة الوطنية اليمنية قوله “إن المقاومة تمكّنت من تمشيط عدد من المزارع من جيوب وأوكار للحوثيين وتطهيرها وعثرت أثناء ذلك على أسلحة وذخائر تركتها الميليشيا بعد فرارها من مواقعها”.
وأضاف غيلان أنّ “ميليشيا الحوثي تلقت ضربات قوية وهزائم ميدانية بشكل متزامن في عدّة جبهات”، مشيرا إلى أنّ “ميليشيات الحوثي تواصل محاولاتها قطع طريق الإمداد من جهة منطقة الجاح جنوب شرق مدينة الحديدة وتقوم بعمليات تسلل، غير أن قوات المقاومة المشتركة تقف لها بالمرصاد وأفشلت جميع محاولاتها ودحرت عناصرها”.
وكانت دولة الإمارات التي تشارك بفاعلية في جهود تحرير اليمن ضمن التحالف العربي بقيادة السعودية قد جدّدت على لسان وزير خارجيتها الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان تحميل المتمرّدين الحوثيين مسؤولية تعطيل جهود السلام.
وقال الشيخ عبدالله بن زايد في خطابه الأخير أمام الجمعية العامّة للأمم المتحدة “بالرغم من المحاولات الحثيثة للتحالف لإعادة الاستقرار لليمن والتخفيف من معاناة شعبه، إلا أن تعنت الحوثيين ضدّ محاولات السلام الجدية والدليل تغيبهم عن مشاورات جنيف الأخيرة، قد فاقم من الوضع الإنساني خاصة مع استمرارهم بعرقلة وصول المساعدات الإنسانية، ومواصلتهم تلقي الأسلحة الإيرانية وزرع الألغام وتجنيد الأطفال. وفي ظل هذه التطورات الخطيرة، أطلقت قوات التحالف لدعم الشرعية عملياتها العسكرية لتحرير الحديدة من قبضة الحوثيين لإحداث تغيير استراتيجي يعزز فرص الحل السياسي”.
وتُرفق الإمارات جهدها العسكري في اليمن، والذي يتجاوز مواجهة الحوثيين إلى مقارعة الإرهابيين من تنظيم القاعدة في عدّة مناطق يمنية، بجهد مواز إغاثي وإنساني بهدف التخفيف من وقع الحرب على المدنيين.