العلاقات التركية- الأميركية.. ملفات شائكة رغم إطلاق القس
أنعش إفراج تركيا عن القس الأميركي المعتقل منذ أعوام، أندرو برانسون، آمالا بأن تعود المياه إلى مجاريها بين واشنطن وأنقرة، إلا أن هناك ملفات كثيرة شائكة ما تزال تمثل عقبة في طريق تمتين العلاقات بين البلدين الحلفين في "الناتو".
وأطلقت تركيا، الجمعة، سراح برانسون بعدما قضى أكثر من عامين في السجن وفترة في الإقامة الجبرية، وغادر القس صوب ألمانيا قبل أن يستأنف رحلته إلى الولايات المتحدة، حيث يرتقب أن يلتقي الرئيس الأميركي، دونالد ترامب.
وفرضت الولايات المتحدة عقوبات اقتصادية على تركيا بسبب اعتقال القس البالغ من العمر 50 عاما، ورفضت واشنطن التهم الموجهة إلى برانسون بشأن مساعدة متورطين في محاولة الانقلاب ضد الرئيس رجب طيب أردوغان سنة 2016.
ورفعت الولايات المتحدة الرسوم الجمركية المفروضة على واردات الصلب والألمنيوم التركية، كما فرضت عقوبات على وزيرين بارزين في الحكومة التركية، وأدت هذه الإجراءات إلى تراجع كبير في الليرة التركية، التي فقدت قرابة أربعين في المئة من قيمتها خلال العام الجاري.
ورحب ترامب بالإفراج عن برانسون قائلا إنه عانى كثيرا، ونفى أن تكون واشنطن قد عقدت أي صفقة مع تركيا بخلاف ما أشيع في بعض وسائل الإعلام عن تسوية أميركية – تركية.
ويرى الأكاديمي والباحث السياسي الأميركي، ماكس هوفمان، أن تركيا تفادت حصول الأسوأ بإفراجها عن القس، لأن واشنطن كانت ستفرض حزمة جديدة من العقوبات، وبالتالي فإن قرار أنقرة أوقف التدهور على الأقل، وفق ما نقلت "بلومبرغ".
قضايا عالقة
وسط هذا التفاؤل، ترخي عدد من الملفات بثقلها على علاقات واشنطن وأنقرة، والسبب الأكثر وجاهة لهذا الحذر يكمن في شراء تركيا منظومة الدفاع الصاروخية "إس 400" من روسيا، في الوقت الذي تحاول الولايات المتحدة وباقي الدول الغربية تطويق موسكو.
وتعالت أصوات في الولايات المتحدة تطالب بتأجيل تسليم طائرات "إف 35"، حتى وإن كانت شركة لوكهيد مارتن قد صنعت عددا من هذه الطائرات في تركيا.
وإذا كانت تركيا قد أفرجت عن القس، فإنها ما زالت مطالبة بإطلاق سراح أميركيين آخرين حسب ما أكده وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، وتشمل القائمة عالما في وكالة الفضاء الأميركية سيركان غولغي وثلاثة موظفين أتراك في البعثة الديبلوماسية الأميركية بتركيا.
ومباشرة عقب الإفراج عن برانسون، علقت المتحدثة باسم البيت الأبيض، سارة ساندرز، قائلة: "ما زلنا قلقين جدا إزاء الاستمرار في اعتقال مواطنين أميركيين آخرين بتركيا وفي باقي مناطق العالم، ولهذا فنحن ندعو إلى الإفراج عن كل هذه الحالات".
ونبه زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض في تركيا، كمال كليجدار أوغلو، إلى أن تركيا لم تعد دولة لحكم القانون في نظر العواصم الأجنبية لأن القضاء لم يعد مستقلا، ففي كل مرة تعتقل أنقرة رعايا دولة أجنبية تقوم بإطلاق سراحهم بعد فترة، وهو ما يظهر أن التهم المنسوبة إليهم ليست حقيقية.
ويرى المعارض التركي أن أردوغان حاول أن يتخذ قضية القس شماعة ليعلق عليها فشله الاقتصادي، ونبه إلى أن أزمة الاقتصاد أكبر من العقوبات الأميركية، لاسيما أن عددا من الخبراء نبهوا إلى خطر تهاوي الليرة قبل عدة أشهر لكن دون أن يحظوا بآذان صاغية.
وفي المقابل، لا يحظى أردوغان بتجاوب مع طلباته، فالولايات المتحدة ما زالت ترفض تسليم رجل الدين الذي يقيم على أراضيها، وتتهمه تركيا بتدبير محاولة الانقلاب سنة 2016.