تحليل: الدبلوماسية الجنوبية (2)
الدبلوماسية الجنوبية (2)
ثابت حسين صالح*
بعد إعلان الوحدة بين الدولتين في 22 مايو 1990م كانت وزارة الخارجية من نصيب العربية اليمنية وتولاها الدكتور عبدالكريم الارياني، المعروف بمكره ودهائه ومراوغاته.
اثناء أزمة الشريكين قال الارياني "إمساك بمعروف أو تسريح باحسان"...
لكنه سرعان ما غير رأيه بعد اقتحام قوات صنعاء لعدن فقال "لقد ابتلعنا الجنوب وبقي علينا هضمه".
نشطت وزارة الخارجية لصالح الشمال وتم تهميش العناصر الجنوبية فيها ناهيك عن قلة عددهم اساسا وبنسبة لا تكاد تذكر، وانحاز المندوب الدائم في الأمم المتحدة لليمن عبدالله الاشطل (شمالي الأصل)، انحاز لنظام صنعاء رغم إنه وصل إلى منصبه هذا على حساب دولة الجنوب حيث كان مندوبها أصلا.
مع ذلك وفي معمعان الأزمة والحرب تمكنت الدبلوماسية الجنوبية وبدعم قوي من الأشقاء وخاصة السعودية والامارات، استطاعت استصدار قرارين لمجلس الأمن الدولي رقمي 924 و 931 إضافة إلى بيانات قمة ابهاء لدول مجلس التعاون الخليجي وجامعة الدول العربية، وكاد الاعتراف الدولي بعودة دولة الجنوب يتحقق لولاء الموقف الأمريكي في مجلس الأمن وموقف صدام حسين والملك حسين وامير قطر والصفقات السرية التي عقدها الارياني على حساب ثروات الجنوب.
ونحتاج إلى عشرات المقالات للحديث عن واقع تلك الفترة وما بعدها.
وعلى الرغم من كل ذلك استطاعت الدبلوماسية الجنوبية والجهود الطوعية للجنوبيين في الخارج من مواكبة مسيرة النضال في الداخل وايصال الصوت الجنوبي، وابقائه حيا نشطا ، في مواجهة المجهود الضخم لنظام صنعاء الذي عمل على تغييب الصوت الجنوبي وتشويه الحقائق وممارسة الكذب والتدليس على الرأي العام والمحافل العربية والدولية.
استجابة منه لدعوات الحراك السلمي الجنوبي في الجنوب العربي انتقل علي سالم البيض إلى أوروبا عام 2009 وفي ذكرى إعلان الوحدة المشؤومة وأعلن نيته السعي لفك الارتباط بين جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية -التي يمثلها باعتباره رئيسها عند توقيع الوحدة- والجمهورية العربية اليمنية مطالبا الدول العربية والعالم بتأييد مطالبه لإعادة الدولة الجنوبية باعتبار أن الوحدة السلمية انتهت بعد حرب 1994 وتحولها إلى احتلال.
والحق يقال أن أصوات الجنوبيين في ميادين النضال في الداخل كانت هي من يمنح الجنوبيين في الخارج العزيمة والصبر والثقة في تنشيط الدبلوماسية الجنوبية الشعبية عن طريق الجاليات الجنوبية في الخارج وكذلك مكونات الحراك الجنوبي والمتلقيات والنشطاء الجنوبيين في صنعاء وفي الخارج غير آبهين بالمخاطر الأمنية والإدارية عليهم.
وشكلت حرب 2015 وبفضل انتصار الجنوب ودعم التحالف العربي شكلت محطة مهمة ونقلة نوعية للدبلوماسيية الجنوبية التي أصبحت أمرا واقعا في التعامل مع الإقليم والعالم بشأن قضية الجنوب التي أصبحت رويدا رويدا، تخترق الحواجز وتفتح النوافذ والأبواب لإيصال صوت وارادة شعب الجنوب.
وللموضوع بقية بإذن الله تعالى
*باحث ومحلل سياسي وعسكري