أهالي الأطفال الشهداء بغزة يروون الساعات الأخيرة لأبنائهم

الثلاثاء 30 أكتوبر 2018 05:07:11
أهالي الأطفال الشهداء بغزة يروون الساعات الأخيرة لأبنائهم

3 أطفال في عمر الزهور؛ قادتهم براءتهم إلى قرب السياج الحدودي الفاصل شرق دير البلح وسط قطاع غزة، ليجدوا أنفسهم في مرمى القصف الإسرائيلي الذي سلبهم حياتهم، ليترك وجعا لا حدود له لدى ذويهم ومحبيهم. 

عبدالحميد أبوظاهر (14 عاما) ورفيقيه خالد بسام أبوسعيد (14 عاما)، ومحمد إبراهيم السطري (15 عاما)، استشهدوا، السبت، بعدما استهدفتهم طائرة إسرائيلية أثناء وجودهم قرب السياج الحدودي الفاصل شرق وادي السلقا بدير البلح. 

عندما دوى الانفجار الناجم عن القصف الإسرائيلي، انقبض قلب والدة الطفل عبدالحميد، ولكنها لم تتخيل أن طفلها هو أحد ضحاياه. 

في منزلها البسيط الذي يبعد مئات الأمتار عن مكان استشهاد الأطفال، قالت والدة عبدالحميد في حديثها لـ"العين الإخبارية": "صلى المغرب وتناول طعام العشاء، ثم خرج".

وأضافت: "كان هناك فرح للعائلة، واعتقدت أنه ذهب إليه، ولكن فوجئت، لاحقا، بنبأ استشهاده". 

لا تدري أم عبدالحميد، كما أهالي الشهيدين الآخرين، سبب وجود أبنائهم في تلك المنطقة، ولكنهم ينفون قطعيا رواية الاحتلال أنهم كانوا يعتزمون زرع عبوة ناسفة. 

بالكثير من الوجع، تقول أم عبدالحميد: "الاحتلال يكذب، ابني أصلا لا يشارك في مسيرات العودة، ولا أعلم سبب وجوده هناك، ربما كان يلهو مع رفاقه وقادتهم أقدامهم لتلك المنطقة، ولكنه قطعا لم يكن يحمل قنابل، ولم يشكل أي خطر على الاحتلال". 

عبدالحميد نموذج لأطفال المعاناة والقهر في غزة، فقد ترك دراسته ليبحث عن عمل في مجال تصليح السيارات، ويساعد أسرته التي طحنها الفقر. 

الألم كان كبيرا أيضا في منزل عائلة الشهيد الطفل خالد سعيد، فهو الطالب المتفوق المميز. 

تروي الأم لـ"العين الإخبارية" اللحظات الأخيرة لابنها قبل استشهاده، وتقول: "شاهدته يقرأ في كتابه لأن لديه امتحانا في اليوم التالي، كان متفوقا".

وتابعت: "كنت أدرس لشقيقه ثم فقدته، فقلت لعله خرج لمحل ألعاب الكمبيوتر المجاور، وبعد ساعات جاءنا الخبر المفجع". 

تقبل الأم صورة ولدها وتنهمر دموعها وهي تتذكر شقيقها الشهيد أيضا، وقالت: "ابني استشهد مع اثنين من جيراننا، وشقيقي استشهد في ظروف مماثلة مع اثنين من أقاربنا قبل سنوات، هو إجرام الاحتلال الذي لا يفرق بين كبير أو صغير". 

أما عمة الشهيد فقالت: "هذه هي إسرائيل التي تدعي أنها ديمقراطية، وفي الحقيقة هي دولة قتلة الأطفال"، متسائلة: "بأي ذنب يقتل؟ وهل سنجد من يحاسب الاحتلال على جرائمه؟". 

حكايات المعاناة لا تنتهي في العائلة، فقد سبق أن هدم الاحتلال منزلهم الذي لا يبعد سوى 1000 متر عن الشريط الحدودي، ومؤخرا أعيد إعماره. 

وجع أكبر كان حاضرا في منزل الشهيد السطري، فهو الابن الوحيد للعائلة بين 5 بنات. 

العائلة المصدومة بفقدان ابنها لم تستوعب بعد حجم الجريمة، تاهت الكلمات من أفراد الأسرة، وبقي على لسانهم: "حسبنا الله ونعم الوكيل"، القول الوحيد المتكرر. 

حالة من الصدمة والذهول بدت حاضرة في المدرسة التي كان يدرس بها الأطفال في وادي السلقا، حيث احتلت صور الشهداء مقاعدهم وجدران المدرسة، فيما عبر الطلبة عن أحزانهم الكبيرة لفقدان رفاقهم. 

جريمة مكتملة الأركان 

ويقول محمد الهسي مسؤول فريق الإسعاف، الذي انتشل جثامين الشهداء في حديثه لـ"العين الإخبارية": "الـ3 كانوا مصابين بشظايا في أنحاء أجسادهم بعد أن مزقتهم صواريخ الاحتلال، كانوا في منطقة مكشوفة وأجسامهم صغيرة، ولم يكن معهم أي شيء ما يفند رواية الاحتلال". 

من جهته، أكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، في بيان حصلت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أن "تحقيقات المركز كشفت عن أن عملية القصف تتنافى مع مبدأ الضرورة والتمييز، وأن استخدام القوة فيها كان مفرطا، وبخاصة أن الاطفال الـ3 كانوا مدنيين وغير مسلحين". 

وأشار إلى أن الحادث ترجمة لتصريحات مسؤولين إسرائيليين، وعلى رأسهم "نفتالي بينت"، عضو الكابينت الإسرائيلي، الذي قال، السبت، إن "كل من يقترب من السياج الفاصل سنقوم بقتله". 

ويصف الباحث الحقوقي حسين حماد ما حدث بأنه "جريمة بشعة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق 3 أطفال وُجِدوا في المنطقة الزراعية شرقي دير البلح وسط قطاع غزة، لغرض تجهيز شباك الصيد للعصافير المهاجرة في موسمها عشيةً، للعودة إليها لجمع غنيمتهم باكرا، وبيعها، ومساعدة أسرهم الفقيرة في كسب رزقها، فحولت صواريخ الغدر جثثهم إلى أشلاء ممزقة".