باريس تتصدى لحملات أردوغان ضد السعودية
أشعلت تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جون إيف لودريان الخاصة بقضية مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، سجالات بين باريس وأنقرة، كما كشفت عن تناقض في الوجهات السياسية لتركيا وفرنسا في مقاربة هذه القضية.
واعتبر مراقبون أن ما صدر عن باريس يؤكد رفض فرنسا إدراج القضية داخل متاهات السياسة وابتعادها عن المسالك القضائية التي يفترض أن يعمل بها لكشف تعقد قضية بهذا الحجم ،ورأى هؤلاء أن فرنسا كما دول الاتحاد الأوروبي ترفض أن تكون أداة من أدوات السياسة الخارجية للرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
ورأت مصادر سياسية فرنسية مطلعة أن فرنسا غير مرتاحة لمسلسل الابتزاز الذي تمارسه أنقرة منذ اليوم الأول للكشف عن مقتل خاشقجي ،وأضافت أن تقنية التسريبات والإفراج عن المعلومات بالقطارة ووفق الإيقاع السياسي لأردوغان، هدفها الحصول على أوسع حجم ممكن من الفوائد، وتحقيق أقصى مستوى من المصالح التركية داخل عملية تصفية حسابات قديمة بين أنقرة والرياض لا ترتبط بالجريمة والكشف عن ظروفها ومحاكمة مرتكبيها.
وبدا واضحا أن لودريان أعلن موقفا فرنسيا رسميا لحسم الجدل حول الموضوع، وقطع الطريق على محاولة أنقرة، وأردوغان شخصيا، استغلال مناسبة دولية للتحريض لدى الزعماء الغربيين ضد السعودية.
ومنذ اندلاع الأزمة حاول الرئيس التركي رجب طيب أردوغان توظيف قضية الصحافي السعودي المقتول جمال خاشقجي بشكل متناقض يفضي إلى إعادة التقارب مع إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب والاتحاد الأوروبي، متبعا نفس الاستراتيجية التي قادته إلى إعادة العلاقات إلى طبيعتها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد حادثة إسقاط الطائرة الروسية على الحدود التركية السورية عام 2015.
وتدرك باريس تماما حجم التناقض السياسي بين نظام الرئيس أردوغان في تركيا والأجندة السياسية السعودية منذ اعتلاء العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز عرش الحكم.
وأيدت فرنسا وشجعت الخطوات التي قامت بها الرياض لمحاربة الانغلاق الديني والمجتمعي، وثمنت عاليا الإصلاحات التي قامت بها السعودية برعاية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتخليص المجتمع من قبضة السلطة الدينية التقليدية في البلاد.
وكان مصدر رئاسي فرنسي قد أعلن، في وقت سابق ، أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أكد لنظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون، في باريس، أن “المملكة العربية السعودية هي حجر الأساس في استقرار المنطقة”.
وأوضح المصدر أن موقف ترامب حول المملكة هو أن “هذا البلد هو حجر الأساس في المنطقة وشريك لأميركا ولا يجب تعريض استقراره لأي هزة”. واعتبر العديد من المراقبين أن موقف باريس وواشنطن يعبر عن الكيفية التي سيتعامل بها المجتمع الدولي برمته، وليس فقط الدول الغربية، مع قضية جريمة خاشقجي بما لا يعرض السعودية إلى اهتزازات تعرض الاستقرار الإقليمي والدولي لأي أخطار.