بادروا فما زلتم في سعة

- لا يلوح في الأفق أي مؤشرات دالة على قرب إنتهاء الحرب، بل كل الأحداث والإرهاصات الراهنة تشير إلى أن الحرب في اليمن تتجه نحو مزيداً من العنف والصراعات المسلحة، التي قد تتسع لتعم لاعبين محليين وإقليميين جدد في طور التشكل حالياً، وفتح جبهات جديدة على الساحتين المحلية والإقليمية.

- ستظل المرجعيات الثلاث مصدر إعاقة للسلام في اليمن، بل تشكل تلك المرجعيات ما يمكن أن يشبه (مسمار جحا) وهو ما يجعلها كفيلة بإطالة أمد الحرب، والوقوف كحجر عثرة تحول دون تحقيق أي سلام في المنطقة، بل توفر أداة لتمكين تجار الحروب من تحقيق مصالحهم على ظهر معاناة الشعوب وأحزانها.

- اختزال الوطن والوطنية بأشخاص أو أحزاب أو قوى سياسية بذاتها وتخوين الآخرين بقصد إقصائهم أو تجاهلهم، هو التحدي الرئيس المنشئ لكل الأزمات التي تواجه البلاد، فالذاتية والنرجسية وعدم الثقة بالآخر أو التنازل له والقبول به والتعاطي معه بإيجابية، هي سبب كل أزماتنا، ويبدو بأنها لا تزال هي الصفة السائدة على الساحة.

- العنف والحروب إن طالت تتحول إلى كوارث مستدامة، يستفحل دائها وتتعاظم تبعاتها، ويصبح حسمها أكثر صعوبة، فإن لم يتبع الحزم بالحسم فسيصبح الحزم رسماً، والعاصفة كارثة مدمرة على الكل، فسددوا وقاربوا وابتروا يد الشيطان واقطعوا صلته بالقوى المائلة والمستميلة في المنطقة، وعالجوا جرح العرب فيما بينكم، ولا تترددوا عن تقديم تنازلات لإعلاء مصلحة المنطقة وشعوبها على ما سواهما.

- للجنوب قضية عادلة بامتياز رضي من رضي وأبى من أبى، ويكمن حل تلك القضية بتلبية تطلعات شعب الجنوب والاحتكام لصوتهم لا لأهواء ساسة فاسدون مفسدون، وكل من يظن أن بإمكانه تجاوز قضية الجنوب أو تجاهلها أو الالتفاف عليها فهو وأهم، بل سيكتشف غداً بأنه لم يكن سوى أداة لتأسيس دورات صراعات مستقبلية، وسيجني الخيبة والخذلان، فالحق منتصر وإن طال أمد الباطل.

- قد يمتلك خصوم الجنوب الحيلة والإمكانيات والسلطة والسيطرة على موارد وثروات الجنوب، ويجيدون المناورات، لكنهم لا يستطيعون محو المآسي والأحزان من ذاكرة أبناء الجنوب لأجيال قادمة، خاصة وأن قوى النفوذ المتسلطة لا تزال تكرس ذات النهج الذي مارسته بحق الجنوب أرضاً وإنساناً على مدى 28 عاماً مضت، وسيأتي يوم ويصلون بالنار التي أججوها فالأيام دول بين الناس.

- سياسة الاستقطاب والتفريخ وصنع العراقيل ونشر الفرقة بين أبناء الجنوب، استغلالاً لأطماع البعض أو للاندفاع العاطفي لدى عامة الشعب، قد تتيح للمستقطبين سبيلاً إلى تحقيق مصالح آنية، لكنها ستعود سلباً عليهم على المدى المتوسط والطويل، وسيصلى بنارها كل من اتخذها سياسة لتمزيق مجتمعنا لتحقيق أهدافه، وما بني على باطل فهو باطل، وسيحق الحق ويزهق الباطل لا محالة.

- لا سبيل للنجاة إلى بإحلال العدالة والمساواة وحفظ الحقوق وإقامة النظام على الجميع، ومعاقبة الوزير قبل الغفير، فلن يستقيم الظل والعود أعوج.

- ليس من مصلحتنا ولا من مصلحة دول الإقليم أن تتحول بلادنا إلى ساحة صراع وتصفيات بينهم، وإن هم اليوم بمنأى عن تبعاتها، إلا أنهم لا يضمنون أن يبقون كذلك، فإنما تؤتى المدن من أطرافها.

- كل دول المنطقة مستهدفة مما يجعل الأمة في أمس الحاجة إلى التعايش والسلام والتنازل والقبول بالآخر، لمداراة الجراح والاصطفاف معاً لمواجهة الأخطار المحدقة بنا جميعاً، قبل أن تغرق السفينة بالجميع، فالصوب واحد وإن غرق اليوم جانباً من السفينة فغداً سيصل الماء إلى أجزاءها العلوية ويقضي على من تبقى.

- من ظن أنه سيكون بمنأى عما يحاك لدول المنطقة وشعوبها فهو واهم وسيفيق في وقت يصبح مقيداً بالأغلال من كل جانب، وسيتذكر بأنه قد أكل يوم أكل الثور الأبيض.

#أنيس_الشرفي
23 نوفمبر 2018م