المسار السياسي في الواجهة.. استعادة دولة الجنوب جزء حتمي من حل الأزمة
في تطور مهم، صدر بيان مجلس الأمن الدولي الأخير ليعيد التأكيد على حقيقة راسخة مفادها أن الأزمة في البلاد بكل تعقيداتها وتشابكاتها، لن تجد طريقها إلى الحل عبر أدوات العنف أو عبر محاولات فرض الأمر الواقع بالقوة.
المجلس شدد بشكل واضح على أن السلام هو المسار الوحيد القادر على إنتاج تسوية قابلة للاستمرار، وأن الحسم العسكري لم ولن يكون مخرجًا في بلد أنهكته سنوات طويلة من الصراعات والانقسامات.
في سياق هذا التوجه الدولي الداعي إلى حلول واقعية، يبرز الملف الجنوبي بوصفه حجر الزاوية في أي عملية سياسية جادة.
فالأزمة في البلاد لم تنشأ من فراغ، بل ارتبطت جذورها بشكل وثيق بغياب التسوية العادلة لقضية شعب الجنوب، وهي قضية حملها أبناء الجنوب لعقود، ودفعوا في سبيلها تضحيات باهظة.
ومن هنا، يتجلى بوضوح أن أي سلام حقيقي لن يكتمل ما لم يُعَد الاعتراف بحق الجنوبيين في استعادة دولتهم التي كانت قائمة قبل 21 مايو 1990م والمعترف بها دوليًا، بما يكفل لهم إدارة شؤونهم وبناء مستقبلهم بعيدًا عن دوائر الصراع التي ابتلعت مقدرات البلاد.
وقد كان المجلس الانتقالي الجنوبي، بقيادة الرئيس القائد عيدروس قاسم الزُبيدي، الأكثر وضوحًا في طرح هذه الرؤية.
فقد أكد المجلس مرارًا، في محافل محلية وإقليمية ودولية، أن السلام العادل يبدأ باستعادة دولة الجنوب كاملة السيادة، باعتبار ذلك الخيار الذي يعالج جذور الأزمة بدلاً من الالتفاف حولها.
ورأى المجلس أن الحلول الترقيعية لم تعد مجدية، وأن تجاهل الحقوق الوطنية لشعب الجنوب لم ينتج سوى مزيد من الفوضى والتعقيد.
ويكتسب هذا الطرح اليوم، زخمًا إضافيًا بعد بيان مجلس الأمن، الذي يفتح الباب أمام مقاربات جديدة تتوافق مع تطلعات الشعوب، وتراعي الحقائق على الأرض، وتضع حدًا لمسار طويل من الصراعات.
فالانسجام بين الموقف الدولي الداعي للحل السلمي، وبين رؤية الجنوب القائمة على إعادة بناء دولة مستقلة ذات مؤسسات مستقرة، يعزز فرص الانتقال نحو مرحلة سياسية مختلفة كليًا عن المشهد الراهن.
تأكيد المجتمع الدولي على أن السلام هو الطريق الوحيد، يقود بالضرورة إلى الاعتراف بالمسارات الواقعية للحل، وفي مقدمتها المسار الجنوبي.
ومع استمرار المجلس الانتقالي في تبني خطاب سياسي ناضج ومسؤول، يزداد الاقتناع بأن استعادة دولة الجنوب ليست مجرد مطلب شعبي، بل حجر الأساس لاستقرار المنطقة بأكملها، وخطوة لا غنى عنها لبناء سلام دائم وشامل في البلاد.